أشعلت قوات المعارضة السورية أربع جبهات بالتوازي، في جنوب وشمال البلاد، بهدف تخفيف الضغط العسكري الذي تمارسه القوات الحكومية السورية ومقاتلو حزب الله اللبناني على مقاتلي المعارضة في مدينة الزبداني، في وقت فوّض فيه «المجلس المحلي في الزبداني»، الجناح السياسي لحركة «أحرار الشام» التي تقاتل في المدينة، للتفاوض باسم «المدنيين المحاصرين في الزبداني والفصائل الثورية المسلحة العاملة». وبالتوازي، تحدث ناشطون عن تفاوض مباشر بين الإيرانيين وممثلين عن حركة أحرار الشام في تركيا، إذ تحدث الناشط علي دياب في صفحته في «فيسبوك» عن «تفاوض مباشر بين الإيرانيين والوفد المفاوض لأحرار الشام» أول من أمس، من غير الكشف عن مضمون المباحثات، واصفا الرئيس السوري بشار الأسد، في التعليق نفسه، بأنه «عبد مأمور»، و«يكتب ما يمليه عليه أسياده». ونقلت «الهيئة السورية للإعلام» عن الناشط الإعلامي عامر برهان قوله إن «إيران أرسلت مبادرة لثوار مدينة الزبداني لعقد هدنة خاصة بعد التطورات الكبيرة التي شهدتها مدينة الزبداني في صمودها الأسطوري»، و«إعلان الثوار في محافظة إدلب قصف قريتي الفوعة وكفريا ما دامت الزبداني تتعرض للقصف». ولفت برهان إلى أن مبادرة إيران «نصت على إخلاء المدينة من جميع قاطنيها أو توقيع المصالحة والعودة إلى حضن الوطن حسب وصفهم»، مشيرا إلى أن مسألة الهدنة «جاءت بناء على طلب من القيادات الإيرانية وليس بطلب الثوار كما يروج إعلام النظام». وتزامنت تلك الأنباء مع تأكيد عضو مجلس قيادة الثورة في ريف دمشق إسماعيل الداراني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «المجلس المحلي في الزبداني فوض الجناح السياسي لأحرار الشام للتفاوض باسم (المدنيين المحاصرين في الزبداني والفصائل الثورية المسلحة العاملة)، بينما ثمن عمليات الثوار في الشمال والتي تستهدف قريتي الفوعة وكفريا». وقال إن المجلس المحلي في الزبداني «استهجن صمت المجتمع الدولي إلى اللحظة حيال الحملة العنيفة التي تتعرض لها المدينة». وأوضح الداراني أن تشكيل وفد من الأهالي تحضيرا للتفاوض «تم بالفعل ليل الجمعة - السبت، وتضمنت المباحثات الأشخاص الذين سيمثلون الثوار، ووضع شروطهم وجدول عمل التفاوض»، نافيا في الوقت نفسه أن يكون التفاوض «قد بدأ بالفعل بعد». وقال إن الوفد «جاهز للتفاوض على إخراج المدنيين من المدينة وليس العسكريين الذين تبدو أحوالهم العسكرية ممتازة»، في وقت «يقول فيه حزب الله إن جميع من في الداخل معه عسكريون ولا يعترف بوجود مدنيين أبدا». في غضون ذلك، نقلت «الهيئة السورية للإعلام» عن الناشط الإعلامي فادي الزبداني قوله إن ردّ الأهالي والثوار على المبادرة الإيرانية، يفيد بأنه «لا هدنة إلا في حال انسحاب النظام وميليشيا حزب الله من منطقة الزبداني كاملة، إضافة إلى أن أهالي الزبداني هم أبناء البلد وأصحاب الأرض وأصحاب الحق، ولن نتنازل عن هذه المطالب». وأضاف: «ما يروج له حزب الله والنظام بأن الثوار يريدون الهدنة فذاك محض افتراء، والثوار سطروا بطولات أسطورية وليسوا في موقف ضعف أبدا، وكل يوم وكل ليلة يلقنون الحزب دروسا لا تنسى». ويأتي ذلك وسط تأكيد من قيادي عسكري في الجيش السوري الحر، بأن العرض القائم حتى الآن هو «هدوء الزبداني مقابل هدوء كفريا والفوعة»، مشيرا إلى أن توقيف المعارك في الزبداني «سيتيح إخراج المدنيين منها». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن توقيف الحملة على المدنيين في الزبداني «يعني إيقاف البراميل المتفجرة التي بلغ عددها حتى الآن 880 برميلا خلال عشرين يوما»، مشيرا إلى أن قوات النظام «نفذت حملة اعتقالات لنازحي الزبداني من بلودان» الخاضعة لسيطرة النظام. وقال إن حماية المدنيين «تعني أيضا توقيف الاعتقالات بحق أهالي الزبداني». وأشار المصدر إلى أن قوات المعارضة طلبت من وفد المبعوث الدولي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا مفاوضات على إيقاف القصف وإخراج المدنيين قبل بدء معركة بلدتي كفريا والفوعة «لكنه لم يستجب إلى حين بدء المعركة فيهما»، وهما بلدتان محاصرتان في ريف إدلب تسكنهما أغلبية شيعية، ناقلا عن أحمد قرة علي، الناطق باسم «أحرار الشام»، أنه «لا نية للسيطرة على كفريا حتى تتوقف الهجمة على الزبداني». ميدانيا، قال ناشطون إن قوات المعارضة شنت هجوما مضادا، حيث «تمكن ثوار الزبداني من تدمير ثلاث دبابات بينما اغتنموا اثنتين بالإضافة إلى سبع آليات من سلاح النظام الثقيل». كما تقدمت القوات المسؤولة عن حماية المدينة باتجاه بناءي «سمير غانم» و«الططري» على طريق سرغايا، بينما استطاعت مجموعات مقاتلة التسلل نحو حاجزي «العقبة» و«البنايات» ونجحوا في قتل عناصر الحاجزين واغتنام دوشكا وعربة «بي إم بي». وفي ظل الهجوم على الزبداني الذي دخل يومه العشرين، فتحت قوات المعارضة السورية أربع جبهات متوازية لتخفيف الضغط عن المدينة، حيث أفاد ناشطون بأن قوات المعارضة «جددت هجومها على بلدة جوبر في دمشق»، بالتوازي مع إطلاق هجمات ضد مدينة درعا، واستمرار حملة القصف الذي يستهدف بلدتي كفريا والفوعة بريف إدلب، فضلا عن إطلاق صواريخ باتجاه القرداحة. وقال ناشطون سوريون إن الهجوم على القرداحة «يهدف إلى فك الحصار عن الزبداني»، فيما شدد الشرعي في «جبهة النصرة» عبد الله المحيسني، في تغريدة له على «تويتر»، على أن التصعيد في الشمال والغرب «ليس إلا البداية». أما في درعا، فقد جدد مقاتلو المعارضة هجومهم على المدينة من أربعة محاور، بعد يوم واحد من اجتماع قياديين في «فيلق الرحمن» وقياديين في «الجبهة الجنوبية» لإطلاق معركة درعا، بهدف تخفيف الضغط عن الزبداني، كما قال مصدر معارض لـ«الشرق الأوسط». أما في جوبر، فقد أفاد ناشطون بأن قوات المعارضة «تمكنت من السيطرة الكاملة على مبنى وحدة المياه في حي جوبر الدمشقي بعد اشتباكات عنيفة خاضها الفيلق مع قوات النظام، تكبدت خلاله الأخيرة خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد». وتأتي أهمية هذا المبنى لموقعه الاستراتيجي الواصل إلى الصالة الرياضية ودوار المناشر وتجمع المدارس والمعهد الفني، بالإضافة إلى أهميته الإنسانية وذلك لإعادة ترميم محولات المياه التي قام النظام بتعطيلها عند دخوله المبنى، وإعادة المياه إلى عدة بلدات.
مشاركة :