عملية انتزاع الموصل من سيطرة داعش تمثل عمليا نهاية لـخلافته، لكنها في المقابل تدشن مرحلة حرب استنزاف ضد الحكومة العراقية. العرب [نُشرفي2016/10/22، العدد: 10432، ص(1)] الهجمات المباغتة أسلوب داعشي بامتياز كركوك (العراق) - شن العشرات من مسلحي تنظيم داعش هجوما الجمعة على مدينة كركوك، في محاولة هادفة إلى التخفيف عن التنظيم في الموصل والحويجة. واعتبر خبراء عسكريون الهجوم رسالة موجهة إلى وحدات البيشمركة الكردية التي قد تجد نفسها مجبرة على سحب عدد من مقاتليها من الموصل وإعادتهم إلى كركوك. وقال نقيب في قوات الأمن الكردية (الأسايش) إن «مجموعة من الانتحاريين يرتدون أحزمة ناسفة نفذوا هجمات متفرقة ضد قوات الأمن» في المدينة، وإن «هجوما استهدف مقر مديرية شرطة كركوك وسط المدينة، أعقبته هجمات متفرقة ضد حواجز تفتيش ودوريات للشرطة في حيي الوسطي ودوميز» وكلاهما في جنوب كركوك. وتابع قائلا إن «قوات الأمن اشتبكت مع عناصر آخرين من داعش اختبأوا في أحياء التسعين وحزيران ودوميز» في جنوب المدينة. وروى حيدر عبدالحسين (35 عاما)، وهو مدرس من كركوك أنه شاهد «عند الفجر عناصر من داعش يقتحمون مسجد المحمدي في حي تسعين» في جنوب المدينة، مشيرا إلى أن المسلحين أطلقوا عبر مكبرات صوت المسجد عبارات «التكبير» و«دولة الإسلام باقية». وبدت شوارع المدينة خالية فيما انتشرت قوات الأمن بشكل مكثف خصوصا حول المقار الحكومية والأمنية. ونقلت قنوات تلفزيونية محلية صورا عن حرائق في الشوارع. وتعرضت ناحية الدبس شمال غرب كركوك بدورها إلى هجوم صباحا استهدف محطة كهرباء قيد الإنشاء تنجزها شركة إيرانية وقتل خلاله 16 شخصا بينهم أربعة إيرانيين. وتبنى داعش عبر وكالة «أعماق» التابعة له الهجمات التي تعرضت لها مدينة كركوك في شمال العراق وعملية الدبس التي تقع على الطريق بين كركوك وأربيل. وقال الخبراء إن الهدف من الهجوم على كركوك هو دفع البيشمركة إلى العودة لحماية المدينة الغنية بالنفط، ومن ثمة تحييدها في معركة الموصل، أو على الأقل تحجيم مشاركتها. ولا يزال تنظيم داعش يحكم قبضته على قضاء الحويجة التابع لمحافظة كركوك، وتعمل ميليشيا الحشد الشعبي على استعادته. ومن الواضح أن التنظيم يحاول أن يتجنب مواجهة البيشمركة على عكس القوات العراقية وميليشيا الحشد الشعبي الشيعية اللتين خبر خططهما في معارك سابقة له. وأشاروا إلى أن داعش سبق أن اعتمد نفس الأسلوب في مدن أخرى، وذلك بشن هجوم قوي على قرى أو مدن قريبة من مسرح المواجهة مع القوات العراقية والحشد الشيعي، لافتين إلى أن التنظيم يعتمد نفس تكتيكات حركة طالبان في أفغانستان، أي حرب العصابات لتحقيق الصدمة اللازمة. ويلجأ داعش إلى الهجوم المباغت والسيطرة لبضع ساعات على المدينة أو القرية التي يستهدفها ثم يتولى الانسحاب بصرف النظر عن عدد القتلى في صفوفه الذين يخلفهم وراءه. وأعلن مصدر أمني بمحافظة صلاح الدين مقتل وإصابة 18 شخصا بهجوم نفذه داعش على منزل أحد قادة الحشد العشائري جنوب سامراء (110 كيلومترات شمال بغداد). وقال المصدر إن «انتحاريين يرتديان حزامين ناسفين هاجما منزل قائد الحشد العشائري في ناحية المعتصم جنوبي سامراء، الشيخ عدنان البازي، مما أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص بينهم عمه وشرطي وعنصر من الحشد وإصابة 15 آخرين بجروح بينهم البازي وعدد من أفراد عائلته». وأشار مراقبون عراقيون إلى أن تنظيم داعش لا يعتمد العمليات الخاطفة فقط لتخفيف الحصار عن عناصره في الموصل، ولم يستبعدوا أن يكون هذا الأسلوب هو خياره القادم في المعارك بعد خسارة المدن الحاضنة له. ولا يتوقع خبراء في الشؤون الأمنية أن يتخلى داعش بيسر عن مدينة الموصل قلب «خلافته»، مشيرين إلى أن تجربته في سرت الليبية، حيث تقاتل القوات الحليفة لحكومة الوفاق لأكثر من خمسة أشهر لطرده من المدينة. ولجأ داعش إلى زرع الألغام واستعمال السيارات المفخخة، فضلا عن القناصة لقتل ما يقارب 500 من المسلحين الموالين لحكومة الوفاق. ويمثّل انتزاع الموصل من سيطرة التنظيم عمليا نهاية لـ«خلافة» داعش التي أرساها في المدينة، لكنّه يمثّل في المقابل تدشين التنظيم مرحلة حرب استنزاف للحكومة العراقية. ويستبعد أن تكون الهزيمة العسكرية للتنظيم بمثابة نهاية دوره، نظرا لامتلاك التنظيم كل وسائل حرب العصابات، والتفجيرات الانتحارية، والهجمات الخاطفة. وتوفّر سيطرة الميليشيات على المناطق التي تساهم في استعادتها من داعش أرضية لمعاودة التنظيم نشاطه وتصيّد أتباع له ومناصرين بين أبناء تلك المناطق الناقمين عادة على سلوك الميليشيات وتجاوزاتها الكثيرة في حقهم خصوصا إذا كانوا من أبناء الطائفة السنية. وفيما يحاول تنظيم داعش تفتيت الجبهة التي تشكلت حوله من مجموعات طائفية وعرقية مختلفة، تحاول الولايات المتحدة أن توحد بين الأطراف المتدخلة، وأن تجد مبررا للدور التركي في معركة الموصل. وقال وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر الجمعة عقب محادثات مع الرئيس التركي طيب أردوغان إن تركيا والعراق توصلا إلى اتفاق من حيث المبدأ سيسمح في النهاية بدور تركي في حملة استعادة مدينة الموصل من داعش. وقال كارتر للصحافيين في ختام رحلته لأنقرة "أعتقد أنه جرى التوصل إلى اتفاق من حيث المبدأ والآن نعكف على تفاصيله...وهذا ما نعمل على تطبيقه". واستبعد متابعون للشأن العراقي أن يتم القبول بالدور التركي في ضوء الخطاب المتعالي للمسؤولين الأتراك والذين يتصرفون وكأنهم الطرف القوي وأن الأطراف الأخرى دورها هامشي. للمزيد: الحرب على تخوم الموصل: المعركة تتقدم لكن الحسم بعيد :: اقرأ أيضاً ألمانيا تحاصر التشدد الإسلامي بأسلوب تدريجي التشاؤم يعم لبنان بعد تمرير صفقة الحريري-عون مسؤولون غربيون: الرقة المحطة التالية بعد الموصل أخطاء في التعيينات بالمناصب العليا تحرج السلطات الأردنية
مشاركة :