خلط «جيش الفتح» المؤلف من فصائل عسكرية معتدلة ومتشددة في شمال سوريا، الأوراق الميدانية في الشمال، وأربك قوات النظام وشتت قدراتها، وذلك عندما أطلق ست جبهات دفعة واحدة، أخرجه من موقع الدفاع إلى موقع الهجوم، وحقق تقدمًا ميدانيًا في بعضها، بحسب ما قال قياديون معارضون. وأطلق «جيش الفتح» مجموعاته العسكرية في ست جبهات متصلة في مدينة حلب وأريافها الشرقية والجنوبية والغربية، وريفي اللاذقية وريف حماه الشمالي الغربي. واستطاع أن يحشد أكثر من 30 ألف مقاتل على تلك الجبهات الست، بعد انضمام فصائل من مدينة حلب وريفها إلى غرفة عمليات مشتركة يقودها «الفتح»، وتنسق العمل العسكري على الجبهات. ووصف مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن العملية بأنها «محاولة لكسر إرادة النظام السوري بعد الخسائر التي تعرض لها وحلفائه في أرياف حلب والرقة»، مؤكدًا لـ«الشرق الأوسط» أن توقيت العملية «يأتي في لحظة تمكن قوات المعارضة من استغلال التباين بين روسيا والنظام السوري على معركة حلب». وتنسق غرفة عمليات تابعة لـ«جيش الفتح» الهجمات بين الفصائل، بعد إعداد خطة واسعة لـ«إرباك قوات النظام وتشتيت قواها والسيطرة على مناطقها»، بحسب ما قال القيادي في «حركة أحرار الشام الإسلامية» محمد الشامي لـ«الشرق الأوسط»، مشيرًا إلى أنه «لولا انضمام فصائل حلب إلى المعركة المشتركة في الشمال، لما انطلقت أبدًا اليوم». وأكد أن الهدف من العملية «اقتياد النظام وحلفائه إلى معركة استنزاف لقواهم العسكرية، وإجباره على تخفيف الضغط عن حلب، عبر سحب مقاتليه وتوزيعهم على الجبهات». وأضاف: «قوات النظام جمدت في الفترة الأخيرة الكثير من معاركها، ونقلت معظم آلياتها ومقاتليها إلى حلب كونها توليها أولوية قصوى، لكن هذه العملية ستعيد تشتيت قوات النظام التي تعاني من أزمة في الكادر البشري المقاتل». ودفعت قوات المعارضة والفصائل الإسلامية المتحالفة معها، ومن بينها «جبهة النصرة» و«الحزب الإسلامي التركستاني»، بآلاف المقاتلين إلى جبهات حلب وريف اللاذقية، يفوق عددهم الـ30 ألف مقاتل، وبينهم أكثر من 2400 يتبعون حركة نور الدين الزنكي، بينما وعد الفصيل بالدفع بـ400 متطوع، سيخرجهم من الدورة التدريبية خلال أيام. وقال مصدر بارز في «جيش الفتح» لـ«الشرق الأوسط» أن «الحزب التركستاني» الذين يتألف من مقاتلين أجانب «دفع بنحو 1200 عنصر إلى جبهات حلب، وبنحو 800 مقاتل إلى ريف اللاذقية»، مؤكدًا أن «مشاركة هؤلاء المقاتلين صنعت الفارق العسكري لصالح قوات المعارضة بالنظر إلى خبرات هؤلاء المقاتلين ووجود عدد كبير من (الاستشهاديين) (أي الانتحاريين) بينهم وعدد كبير من الانغماسيين». وتمكنت قوات المعارضة من التقدم في ريف حلب الجنوبي بعد تفجير مقاتلين أنفسهم بمفخخات على الجبهات المحطية بخان طومان أول من أمس، كما تمكنت من استعادة السيطرة على مناطق كان النظام تقدم إليها على جبهة الملاح شمال مدينة حلب، وذلك في هجوم استهل بتفجير مقاتلين من «جبهة النصرة» أنفسهما بقوات النظام، مما فتح الطريق إليها، بحسب ما أكد «المرصد السوري لحقوق الإنسان». وبعد أن تقدمت قوات المعارضة على جبهة الملاح، تواصلت الاشتباكات العنيفة بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، والفصائل الإسلامية والمقاتلة من جهة أخرى، في محيط منطقة الليرمون ومحور الخالدية بمدينة حلب، وتمكنت قوات المعارضة من تدمير آليات عسكرية للنظام في الراموسة وحي الخالدية في حين نفذت طائرات حربية ما لا يقل عن 5 غارات على مناطق في بلدة الأتارب بريف حلب الغربي. وأفاد «المرصد السوري»بمقتل أكثر من 30 عنصرًا من قوات النظام والمسلحين الموالين لها، كما قضى ما لا يقل عن 39 مقاتلاً من الفصائل الإسلامية، بالإضافة لمصرع عدة مقاتلين من جبهة النصرة (تنظيم القاعدة في بلاد الشام) وكتائب أنصار الدين، خلال الاشتباكات الدائرة في منطقة الملاح في الـ24 ساعة الماضية. وفي ريف اللاذقية، تواصلت الاشتباكات، فيما استعادت قوات النظام السيطرة على قريتين ونقاط عسكرية في جبلي الأكراد والتركمان بريف اللاذقية الشمالي، بعد اشتباكات مع فصائل المعارضة التي كانت انتزعتها منها منذ يومين، بحسب ما أفاد «مكتب أخبار سوريا» المعارض. وفي إدلب، قصفت طائرات حربية مناطق في الطريق الواصل بين بلدتي معرتمصرين وكفريحمول بريف إدلب الشمالي، في حين نفذت طائرات حربية غارة على مناطق في قرية المطلة بريف جسر الشغور الشرقي. وبالتزامن، اندلعت اشتباكات بريف حماه الشمالي الغربي، قالت المصادر المعارضة أن الهدف منها تمديد طوق النار حول قوات النظام بريف اللاذقية الشمالي والشرقي. ونفذت طائرات حربية غارة على مناطق في الأراضي الزراعية لبلدة كفرزيتا بريف حماه الشمالي، فيما قصفت طائرات حربية مناطق في قرية معرتماتر بريف إدلب الجنوبي.