تونس - دخلت الولايات المتحدة وروسيا على خط الحوار الليبي – الليبي، عبر فتح مسارات مُوازية لمسار بوزنيقة المغربية، في مسعى لإحداث اختراق في الانسداد السياسي الذي عمقته الأجندات الإقليمية والدولية المُتنافرة، وعقدة انتشار السلاح والميليشيات والمرتزقة والتواجد العسكري التركي المُباشر في غرب ليبيا. وأثار تعدد منصات الحوار التي أتيحت في كل من القاهرة وجنيف وموسكو، إضافة إلى بوزنيقة المغربية، حالة من القلق لدى الليبيين الذين باتوا يخشون تشتت جهود تسوية أزمة بلادهم. وتستضيف موسكو الجمعة مشاورات بين روسيا وفرنسا حول جهود تسوية الأزمة الليبية، بحسب وزارة الخارجية الروسية. وتساءل المحلل الأمني الكندي نيل هاور عن ماهية المسار الذي تسلكه روسيا في ليبيا، بعد الفشل في تمكين حليفها من النصر في ساحة المعركة. نيل هاور: ليس أمام روسيا سوى المراقبة وانتظار فرصة التأثير على الوضع في ليبيا نيل هاور: ليس أمام روسيا سوى المراقبة وانتظار فرصة التأثير على الوضع في ليبيا واعتبر هاور، المتخصص بشؤون الشرق الأوسط في مقال له بموقع “سنديكيشن بيورو للرأي”، أن “المسار الأكثر احتمالاً هو الجلوس وانتظار تطورات الوضع السياسي والدولي، حيث احتفظت موسكو بعلاقاتها مع كلا اللاعبين الرئيسيين في ليبيا، على الرغم من تفضيلها الواضح لأحد الجانبين”. وأضاف “دون تجديد الالتزام بشكل مكثف بتقديم الدعم العسكري والسياسي للبلاد، والذي ستكون فوائده غير واضحة وغير مضمونة في أي حال، ليس أمام موسكو حاليا أي خيار سوى المراقبة وانتظار فرصة أخرى للتأثير على الوضع في ليبيا”. ويأتي مسار موسكو فيما كشف ديفيد شينكر، مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى، عن مساع حثيثة يبذلها دبلوماسيون أميركيون مع شركاء أوروبيين، لدفع حكومة الوفاق برئاسة فايز السراج والجيش الليبي بقيادة خليفة حفتر “للانخراط بشكل مثمر في المفاوضات”. وأكد شينكر في تصريحات صحافية أنه يقضي وقتا طويلا إلى جانب وزير الخارجية الأميركي مايكل بومبيو “لبحث ملف الأزمة الليبية، وذلك إلى جانب المباحثات المستمرة التي يُجريها مع نظيريه البريطاني والفرنسي”، واصفا أطراف الصراع بأنها “عنيدة جدا”، الأمر الذي جعل الوضع صعبا في ليبيا، ومحذرا من أن ليبيا أصبحت على مشارف التحوّل إلى سوريا ثانية. في غضون ذلك دعا الجنرال ستيفن تاونسند، قائد القوات الأميركية في أفريقيا (أفريكوم)، صلاح الدين النمروش وزير الدفاع في حكومة الوفاق في طرابلس إلى الحد من التحشيد العسكري، وخروج جميع القوات العسكرية والمرتزقة الأجانب من ليبيا. وذكرت السفارة الأميركية بليبيا في بيان لها أن هذه الدعوة جاءت خلال محادثات عبر دائرة الفيديو، أجراها من تونس الجنرال ستيفن تاونسند، رفقة السفير الأميركي لدى ليبيا، ريتشارد نورلاند، مع النمروش، تم خلالها استعراض آخر التطورات السياسية والأمنية والعسكرية في ليبيا. وأضافت السفارة الأميركية أن تاونسند ونورلاند أكدا خلال هذه المحادثات على “دعم واشنطن لاستمرار الحوار الليبي – الليبي في إطار العملية التي تقودها الأمم المتحدة، وللجهود الليبية في مكافحة الإرهاب، وإصلاح قطاع الأمن، والدعوات من أجل وقف دائم لإطلاق النار”. وتُعقد بمقر الأمم المتحدة في مدينة جنيف السويسرية، منذ الاثنين الماضي، اجتماعات وجلسات حوارية بين عدة أطراف ليبية برعاية بعثة الأمم المتحدة في ليبيا ومركز الحوار الإنساني، وسط تعتيم كبير حول أهدافها، والأجندات التي تحكم مسارها، في الوقت الذي بدأت فيه في العاصمة المصرية اجتماعات ليبية – ليبية بمشاركة نواب من البرلمان والمجلس الأعلى للدولة. وفيما تنظر الأوساط السياسية والنيابية الليبية إلى هذه التحركات بنوع من الحذر، استأنف المشاركون في مسار الحوار الليبي – الليبي بضاحية بوزنيقة المغربية، الخميس، جلسات اجتماعاتهم في مسعى للتوصل إلى اتفاق بخصوص المناصب السيادية وهيكلة مؤسسات الدولة وتثبيت وقف إطلاق النار. عبد النبي عبد المولى: تعدد المسارات الحوارية يربك الوضع خدمة لأجندات إقليمية ودولية عبد النبي عبد المولى: تعدد المسارات الحوارية يربك الوضع خدمة لأجندات إقليمية ودولية ورغم التفاؤل الذي ساد أجواء مُجمل هذه الجلسات الحوارية التي انطلقت الأحد الماضي، وعززته تأكيدات تفيد بوجود ضمانات إقليمية ودولية باعتماد مُخرجاتها، فإن ذلك لم يمنع من بروز مخاوف جدية من وجود مناورات تشارك فيها الكثير من الأطراف وتهدف إلى إغراق جهود التسوية في مربع المسارات المتعددة. وعبّر عن هذه المخاوف بوضوح النائب عبدالنبي بشير عبدالمولى، عضو البرلمان الليبي عن مدينة الزاوية، الذي قال في اتصال هاتفي مع “العرب” إن هذه المسارات المتوازية والمنصات الحوارية المُتعددة من شأنها تشتيت الجهود الرامية إلى إيجاد تسوية سياسية للأزمة الليبية في هذه المرحلة الحرجة. وذكر أن تعدد المسارات الحوارية لا يخدم أبدا القضية الليبية، ويأتي في سياق خطة لإرباك المشهد خدمة لأجندات إقليمية ودولية تريد الإبقاء على ليبيا فاقدة لسيادتها، معتبرا في هذا الصدد مسار القاهرة مناورة من رئيس حكومة الوفاق فايز السراج تستهدف خلط الأوراق بالكامل. وقال إن الهدف من وراء ذلك هو التشويش على مسار بوزنيقة المغربية الذي وصفه بالمسار “الصحيح” الذي يسعى إلى حل سلمي للأزمة الليبية بعيدا عن التدخلات الأجنبية والعسكرية. وشدد على ضرورة دعم هذا المسار، وعلى أهمية العمل من أجل توفير المناخ المناسب له لبلورة خارطة واضحة لتوافق سياسي بعيدا عن المنصات الحوارية الأخرى التي تتخللها عمليات رقص مشبوهة على معاناة الليبيين. ShareWhatsAppTwitterFacebook
مشاركة :