الشاعر عبدالرزّاق الربيعي: الطفل ناقدنا الوحيد الذي يلوّح بهراوة النقد | | صحيفة العرب

  • 9/13/2020
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

لندن - قال الشاعر عبدالرزّاق الربيعي "عندما نكتب للأطفال، فناقدنا الوحيد الذي يحقّ أن يطلق أحكامه على مانكتب هو الطفل، فتراه يلوّح علينا بهراوة النقد، ويمارس علينا كامل سلطته، ونحن نقبل أحكامه برحابة صدر، لعلمنا أنّه لا يحابي، ولا يجامل، وليست له مصالح يسعى لمراعاتها". جاء ذلك في جلسة تفاعلية خلال استضافة منتدى أدب الأطفال في الإتّحاد العام للأدباء والكتاب في العراق في صفحة أمانة الشؤون الثقافية في الفيسبوك، وعبر منصات التواصل الاجتماعي، تحدّث خلالها عن تجربته الإبداعية في الكتابة للأطفال شعراً، ومسرحاً، في بث مباشر، وقال" إننا حين كتبنا للطفل لم نقرأ كيفية الكتابة للطفل، ولم ندخل ورشا تدريبية، ولم نضع أمام أنظارنا نموذجا مسبقا، بل استحضرنا طفولتنا، ونظرنا للعالم من خلال عين الطفل الذي كنّا، ودوّنّا أحاسيسنا، بكلّ صفاء، وعفويّة، والأخيرة مطلوبة في الكتابة للطفل، وهي التي تجعل هذا النوع من الكتابة بالغ الصعوبة، وفي ذلك يقول بيكاسو" طموح كلّ رسّام، هو الاحتفاظ بالعفويّة التي تعرفها أصابع الطفل عند الرسم"، والشعر، يبقى في بعض حالاته نوعا من الشغب الطفوليّ، فبين الشاعر والطفل قاسم مشترك أعظم هو الدهشة، ومن دون الدهشة يفقد الشعر قدرته على التأثير في المتلقّي". وأضاف الربيعي الذي ابتدأ حياته المهنية بالعمل محرّرا في دار ثقافة الأطفال 1980 محررا، وكان خلال ذلك يواصل دراسته الجامعية، وكتب القصيدة، والقصة، والمقال، والسيناريو المصوّر، وله نصوص أقرّت في مناهج رياض الأطفال والمرحلة الابتدائية في عراق الثمانينيات، " استفدت مما خزنته ذاكرة الطفولة من حكايات، وصور، وأغان، وطقوس، فالذاكرة عصب الشعر، كما يقول ستيفن سبندر الذي يشارط على الشاعر أن يمتلك ذاكرة قوية، غنية بالأحداث، والأصوات، هذه الذاكرة قد تكون ضعيفة في حفظ الأرقام والوجوه، والأسماء لكنها قويّة في انتقاء الاحداث، واستدعائها، وعليه لابدّ من الشاعر أن يتعلّم التدريب على استعمال الذاكرة، كما يؤكد سبندر، وهكذا كنت أستدعي الحكايات التي سمعتها في طفولتي، وأغاني المهد التي ساعدتني في الكتابة للطفل". وحول تأثير ذلك في سلوك الذين يكتبون للأطفال أوضح الربيعي الذي قال عنه د.علي الحداد بأنّه " يمثّل جيلا جديدا، كتب للأطفال بوعي مختلف، واهتمامات فنية مغايرة، مستندا في ذلك إلى مجموعة من الاستجابات الذاتية لقيم أسس عليها قصيدته. فقد أتيح للربيعي الإطلاع على منجزات شعر الأطفال العربي الذي تكاملت آفاقه ومضامينه" قائلا "كلّنا في النهاية كنّا أطفالا، وكلنا نتمنى أن نعود اطفالنا، ننظر للعالم ببراءة، وصفاء، وفي حياتنا اليومية نحتاج، بين وقت وآخر، أن نخلع الأقنعة، ونعود أطفالا لنتصرف على سجيتنا لا نخشى أحدا، كأن نركض خلف الحافلة لنلحق بها، كتبرير لما نفعل، لكننا نرضي رغبة طفولية في الجري، وحين نرى طفلا في حديقة يجد الطفل المختبيء في ذاكرتنا متنفّسا ليمدّ عنقه، ويلعب دون أن يتّهمه أحد بالجنون!!، وإذا عجزنا عن كلّ ذلك نلجأ للكتابة للطفل". وأضاف" وقبل الشروع بالكتابة للطفل يجب أن نفهم ماذا يحبّ؟، وماذا يريد؟، ماالذي يستهويه؟ ما اللغة التي يحبّ أن نخاطبه بها؟ فهو لا يحبّ التلقين المدرسي، بل يميل للصوتيات أكثر مما يميل للمعنى، يحبّ الجمل القصيرة، القريبة من مداركة، التي تخلو من التعقيد في البناء، والنسيج اللفظي، المترعة بالموسيقى، وهو يضخّم المحسوسات، من دون أن يمتلك تصوّرا مسبقا، لذا، فهو ليس تجريديا ، كما يظنّ البعض". وحول واقع أدب الاطفال في بلداننا أشار الربيعي "هناك تقصير كبير في هذا الجانب، والذين يكتبون للطفل يبقون جنودا مجهولين، ويجدون صعوبة في لفت الانظار لتجاربهم من قبل النقّاد والدارسين، ويواجهون إهمالا، وصعوبة انتزاع الاهتمام بتجاربهم من قبل الآلة النقديّة، والدارسين، بينما الوضع في الغرب يبدو مختلفا، فالشاعرة البلغاريّة ليدا ميليفا، عندما نشرت ديوانها " عندما جاءت عصافير الدوري" الذي ترجمه عيسى فتوح عام 1975، وصدر بمقدّمة كتبها شاعر الأطفال الكبير سليمان العيسى، اكتسبت شهرة واسعة، وصار بيتها مقصدا للأدباء الذين يزورونها من أنحاء متفرّقة من بلغاريا، ولهذا توقّفت بعد منتصف الثمانينيات، بعد أن أصدرت ديوانين للأطفال" وطن جميل" ، و" نجمة الليالي"، والتفتّ لنصي الذي أكتبه للكبار، وعزّزته بإصدارات عديدة، دون أن انقطع عن عالم الأطفال، وحين غادرت العراق لم أجد الاهتمام الكافي بأدب، وصحافة الأطفال، فجعلت علاقتي معهم من خلال خشبة المسرح، الذي يمكننا أن نعتبر علاقته بالمسرح تبدأ مع الشهور الأولى من حياته من خلال اللعب مع الدمى، والبعض يرى أن مسرح الطفل سبق مسرح الكبار إن لم يسر بموازاته، فالمصريون القدماء عرفوه قبل ٤ آلاف سنة عندما قدّموافي المعابد حكايات للأطفال، بهدف التعليم والتسلية، وهما أبرز مايهدف إليه القائمون على مسرح الطفل، الذي عرفه العرب عام 1927 عندما قدّم كامل الكيلاني عرض" السندباد البحري"، كما يرى الباحثون". وعن حصيلة تجربته بهذا المجال قال الربيعي" أنتجت عددا من النصوص التي نُشر بعضها في كتاب" حلّاق الأشجار"، وقدّمت فرقة "مسرح هواة الخشبة" مسرحيّة "بنت الصياد " التي أخرجها الفنان خليفة الحراصي، وشاركت في المهرجان الدولي لمسرح الطفل في الناظور المغربية 2019 ونالت الفرقة "مسرح هواة الخشبة" عدّة جوائز من بينها جائزة أفضل نص كما عرضت في شفشاون المغربية، ومهرجان ابن رشيق التونسي 2019 ونالت أكثر من جائزة، كما قدّمت فرقة الوطن القطرية عرض " حلاق الأشجار" للمخرج إبراهيم لافي، على المسرح الوطني بالدوحة، ونلت جائزة أفضل كلمات أغان في الموسم المسرحي القطري2019، كما قدّمت لي فرقة مسرح هواة الخشبة مسرحية " مطبخ الحكايات"، ضمن عروض مسرح الدمى، وأخرجها الفنانخليفة الحراصي، وعرضتها الفرقة في ركن الاطفال بمعرض مسقط الدولي 2020 إلى جانب عرض" أنوار المسيرة"، وفي كلّ ذلك حاولت توظيف الحكايات الشعبية، وصبّها بقالب جديد، وحذف الزوائد، والتركيز على القيم التربوية، والجمالية، وتقديمها بإطار مشوّق يعتمد على السرد الممتع المطعّم بالاغاني، والرقصات، والأزياء، والألوان، والموسيقى، واللعب على الخشبة" وحول تجربة الكتابة للطفل في العراق قال " لها خصوصيتها، لكونها لم تتأثر، ولم تقلد التجارب العربية، بل صاغت قوانينها بنفسها، ويكفي أن الكثير من الشعراء العراقيين المعروفين كتبوا للاطفال أمثال: عبدالرزاق عبدالواحد، ود.علي جعفر العلاق، و د.مالك المطلبي، وكريم العراقي،وفاروق سلوم، وباقر سماكه، وعبدالجبار العاشور، وفاروق يوسف، وجواد الحطاب، ومن الكتّاب: عبدالستار ناصر، وحسن موسى، وعبدالرزاق المطلبي ومحمد شمسي، وعبدالخالق ثروت، وعبدعون الروضان، وعزّي الوهّاب، وطلال حسن، ود.شفيق مهدي، وعبدالإله رؤوف، وصلاح محمد علي، ومنى سعيد، وآخرين، وهناك من كرّس جهده للكتابة للأطفال، فقدم إسهامات ثرية في هذا المجال الحيوي كالشعراء: جليل خزعل، وخيون دواي الفهد، وفاضل عباس الكعبي، ومحمد حبيب مهدي، ومحمد كاظم، والمرحوم محمد جبار حسن، وسمير علو، مستغربا خلو القائمة من أسماء الشاعرات رغم أنّهن، بفضل طبيعتهن، أقرب للطفل من الشعراء! وهذا سؤال يبحث عن إجابة، ولانغفل جهود استثنائية في النسرح للمرحمة منتهى عبدالرحيم، وإقبال نعيم، ود.زينب عبدالأمير التي لها اسهامات معروفة في مسرح الدمى، إلى جانب إسهامات المسرحيين المعروفين: قاسم محمد الذي قدّم مطلع السبعينيات" طير السعد"بعد عودته من الدراسة في موسكو ، ومحمود أبوالعباس، وكريم رشيد، وقحطان زغيّر الذي نالت فرقته" بغداد" جوائز دولية في مهرجانات ماخصصة بمسرح الطفل، وحسين علي صالح، وتجربته في المسرح الجوّال، وقد شاهدت له عرضا ممتعا في المهرجان الدولي لمسرح الطفل بسوسة التونسية هو(10 من 10) وكان عرضا جميلا كتبه الصديق ماجد درندش، ومثّله: عقيل الزيدي و سعد شعبان، وعلي الغزي، وهو الفائز بجائزة (أفضل عمل مسرحي) في مهرجان (أم العرايس) في تونس، وجائزة أفضل إخراج في مهرجان (الحسيني الصغير للمسرح) وفي النهاية تمنّى من المؤسسات الاهتمام بالطفل، لأنّه المستقبل، والعناية بتعليمه هي عناية بالمستقبل، يقول كونفوشيوس" إذا كانت خطتك لعام واحد فازرع الأرز، واذا كانت خطتك لـ 10 اعوام فازرع الأشجار ، واذا كانت خطتك ل١٠٠ عام فقم بتعليم الأطفال" وبطلب من المتابعين ألقى نماذج من نصوصه الموجهة للأطفال، من بينها نص حمل عنوان " وطن" قال أنه يصلح للصغار، والكبار ، جاء فيه: أبعدوا ضفدعا عن طمى بركة ليرى جدولا رائعا بعد نصف نهار بكى وشكى ذائعا: - لا تفرّط بأدنى وطن ولو كان مستنقعا وفي نص سردي حمل عنوان " قطرة ندى" يقول:وقطرة من الندى صافية رأيتها غافية قالت :أريد أن أرى النهارا والشمس والاطيارا أخذتها من كفها الحانية حين اقتربت من مدينة النهار ِ عدلت عن قراري لأنني ..... حين التفت ُ لم أجد صديقتي جواري وحول أنسنة الحيوانات قال" الطفل يرى كل مافي الكون يمتلك إحساسا، ويشاركنا الحياة، والوظائف، وألقى نصّا حمل عنوان "الأرنب في الساحة" جاء فيه: شرطّينا المحبوب صديقنا "أرنوب" رأيته في الساحة مرتديا وشاحه ذراعه علامه للأمن والسلامه ينظّم المسير ليعبر الصغير والكبير رأيته مسرور لأنه أضحى من شرطة المرور"

مشاركة :