بينما يستعد الجميع للملمة أوراق انتخابات مجلس الشيوخ التى مرت كالنسمة لم يشعر بها أحد إلا حينما استيقظ الشعب المصرى فجأة على خبر إحالته للنائب العام لامتناع أكثر من 50 مليون ناخب عن الذهاب إلى صناديق الاقتراع، يجد الشعب نفسه أمام مفترق طرق جديد بين العبور إلى المستقبل أو العودة إلى الخلف، وهذا المفترق هو انتخابات مجلس النواب الجديد الذى نسمع طبول البدء لخطوات انتخابه.لا يخفى على الجميع أن مصر منذ ثورة يناير 2011 التى طالب فيها الشعب بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية، قد واجهت هذا المفترق عدة مرات بدءًا من استفتاء مارس 2011 ثم الانتخابات البرلمانية فى 2012، ثم الرئاسية 2012 وللأسف لم تنجح حينها فى تحقيق أحلام الجماهير التى شاركت فيها بالملايين أملاً منها فى غد أفضل، فقد كانت القوى الرجعية أقوى حتى جاءت ثورة 30 يونيو 2013 لتعيد الأمل فى التقدم نحو المستقبل عندما قال الشعب إنه يريد مصر دولة ديمقراطية مدنية حديثة وعاد أدراجه وظل يحلم بأن يحقق آماله بأن تنقطع الصلة بما كان قبل يناير وأن يكون المستقبل أفضل دون جماعة الإخوان.غير أن قوى الماضى وأصحاب مصالح ما قبل يناير وأصحاب مدرسة سياسات ما قبل يناير ظلوا يحاولون ويروجون أنها كانت أنجح سياسات اقتصادية داخلية وخارجية، وبين حلم بمصر عظيمة قوية عزيزة وضغط من ينتمون إلى هذه المدرسة داخل دواليب الحكومة، وجد الناس أنفسهم بين سرعة السعى فى تطبيق تلك السياسات الخاطئة وسوء هذه الإجراءات نفسها وسوء الأداء الحكومى «مفرومين»، «مدهوسين» بالمزيد من الأعباء الاقتصادية من فاتورة مياه وكهرباء وغاز وغرامات التصالح على مخالفات البناء إلى زيادة سعر تذكرة المترو إلى باقى أعباء الحياة.والآن نقف جميعاً أمام انتخابات مجلس النواب والتى نأمل أن نعبر بها للمستقبل رغم صعوبة ذلك حيث إن النظام الانتخابى الذى أقر بوجود قائمة مطلقة مغلقة بنسبة 50٪ وهو ما رفضناه فى تكتل 25-30 وقدمنا نظاماً بديلاً يحقق كفاءة التمثيل ويحقق المتطلبات الدستورية ومع إصرار الأغلبية على هذا الترتيب وعلى أن تكون القائمة مطلقة مغلقة نواجه عدة مخاطر:1- خطر عزوف الشعب عن المشاركة كما حدث فى انتخابات مجلس الشيوخ التى أثبت فيها الشعب أنه «القائد والمعلم» فقد رأى فيها انتخابات شكلية فجائية لمجلس شكلى فأظهر رأيه بالامتناع وترك اللجان خاوية.2- خطر طغيان المال السياسى فى ظل ظروف اقتصادية خانقة وغياب العمل السياسى لأسباب كثيرة قد يكون البعض منها مفهومًا والبعض الآخر غير مقبول فتضطر الجماهير لحل مشاكلها الاقتصادية بقبول المال السياسى وإفراز مجلس يبحث فقط أعضاؤه عن استرداد ما تم صرفه فى حملتهم الانتخابية.3- خطر اختيار وجوه محسوبة على ما قبل يناير أو من قاموا بالإنفاق على الاستحقاقات السابقة أو قادرين على سداد ثمن مقعد مجلس النواب فنجد أنفسنا أمام سياسات أشد وطأة بوجوده وأقل كفاءة من سابقه.4- استغلال الجماعات التى تتربص بالوطن وتتحين الفرصة لأى إخفاق يمكن أن ينتج عن تلك المخاطر فى حملاتهم المتواصلة لزعزعة استقرار البلاد.5- خطر إفراز مجلس ذو لون واحد يعبر فقط عن آراء الحكومة دون وعى أو مناقشة ولا يدرس قانونًا أو يراجع قرارات إنما يقر ما يملى عليه فتستمر معاناة الشعب وتزداد حالة السخط والاحتقان.وعلى الجانب الآخر من المفترق تظهر آمال بناء مصر القوية العزيزة المدنية الحديثة بكل ما حلم به هذا الشعب وهو حق له ولا يأتى هذا إلا بالوجوه التى تحمل تلك الآمال وتنقل رؤى المستقبل وتضع سياسات جديدة وأن يحتوى المجلس على أغلبية حقيقية تعبر عن آمال هذا الشعب ومعارضة وطنية تحمل أفكارا ورؤى سياسية لمصلحة الوطن.وبين هذه المخاطر وتلك الآمال تتعلق الأنظار بمن يديرون المشهد الوطنى فى مصر وهل سيسمحون بعبور مصر إلى المستقبل بوجوه تعشق تراب الوطن وتحمل آمال أبنائه وبين ما هو قديم عرفناه بمنطق «اللى تعرفه أحسن من اللى متعرفوش» فيعود بنا إلى الخلف ونجد أنفسنا أمام مشاهد كانتخابات 2010 أو ما قبلها وهو ما دفع الناس إلى الإحساس بانسداد الأفق السياسى.
مشاركة :