أحمد شيخو يكتب: تركيا أمام مفترق طرق

  • 12/10/2020
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

إن الاتفاق بين تركيا وإيران وسوريا منذ يوم 15 شباط عام 1999 والآن بين تركيا و إيران وروسيا  بعد الأحداث السورية،  ولو لأهداف تكتيكية ومرحلية، فهو مزعج  للغاية لأبعد الحدود للنظام العالمي المهيمن، ولو كان على حساب الشعب الكردي، فإنه يحمل نتائج أشد خطورة مما يشكله الحركات الكردية الفاعلة والمناضلة لأجل حقوق الكرد. فهو يشير إلى وضع غير مقبول وخصوصًا من قبل  إسرائيل،  ومن المفيد القول  أن تركيا دخلت لهذه الاتفاق لزيادة الأوراق في حوزتها للضغط وقت الحاجة، لكن  منبع تحركها وهدفها الرئيسي هو عدائها للشعب الكردي، ومافعلته تركيا مع روسيا وإيران في الأستانات والشوتشيات وتداعياتها المختلفة على الحقل السياسي و على الأرض فيما يخص سوريا مع الغرض التركي لعرقلة حصول الكرد على حقوقهم المشروعة في إدارة مناطقهم  ومنعهم من المشاركة في العملية السياسية  ولعب أي دور في مستقبل سوريا بحكم هذه الأتفاقيات دلائل واضحة، بالإضافة للإستفادة من هذا الأتفاق لتسهيل احتلالها  لمدن شمالي سوريا مثل جربلس وعفرين والباب وإدلب وسرى كانية( راس العين) وكرى سبي( تل أبيض) في ظلت صمت دولي.  أما أمل تركيا من التحالف الأمريكي_الإنكليزي_الإسرائيلي أو الأمريكي_الأوربي_الإسرائيلي حاليًا هو استمرار تسليمها زمام التحكم بالكرد في العراق والسماح لها باستعمال الطائرات الحربية لضرب الكرد  حتى لو كانوا مدنيين في المناطق التي تشتبه فيه تركيا بوجود القوى الكردية المقاومة لها على الحدود التركية_ العراقية، و إعطائها الضمان بعدم السماح للكرد في العراق  بالذهاب إلى أي شكل من أنواع السيادة وشبه الاستقلالية وربما تكرار ذلك مع الكرد في شمالي سوريا أيضًا إن هي لم تستطع القضاء على كل مكتسباتهم  عبر الاحتلال والوسائل الأخرى . وكما أعطائها حصة أكبر من السمسرة  والكعة والثروات في الشرق الأوسط، وعدم إيقاع إيران في وضع شبيه بالعراق وسوريا لأن حسب قناعة تركيا أي حالة شبيه لسوريا أو العراق سيجعل الكرد في إيران الذي يتجاوز عددهم 17 مليون ويشكلون نسبة 20 % من الإستفادة من الأوضاع كما حصل مع الكرد في العراق وسوريا وربما يشكلون إدارة أو شبه دولة أو دولة تكون سند لكرد تركيا الأكثر عددًا ومساحةً من بين الكرد في الدول الأربعة  في المستقبل ، لكن تلك الأمال  والأهداف التركية غير منطقية من جهة السياسة التي مارسها النظام المهيمن خلال القرنين الأخيرين  ومن جهة المؤشرات التي تؤكد أن التوتر والأضطراب الأكبر لم ياتي بعد وهو قادم لا محالة. لذا فعلى تركيا الإذعان للنظام العالمي المهيمن أو أن تتحمل مسؤولية أعمالها  من شراء إس 400 أو ممارساتها الأحادية لضرب مكتسبات الحرب على داعش في سوريا وكذلك عملها مع الروس في آرتساخ ( ناغورني كرباخ) وفي ليبيا والعديد من الأماكن  وارسالها المرتزقة وعلاقتها بالتنظيمات الإرهابية وتجاوزها للعقوبات  المفروضة على إيران ومساعدتها لها كما في قضية بنك خلق وتعاونها مع إيران في موضوع الحوثيين وحزب الإصلاح الأخواني في اليمن ومدهم بالطائرات المسيرة وأيضًا ممارساتها الإستفزازية في شرق المتوسط وربما في كشمير في قادم الأيام،  وعندها ستطبق عليها على غرار  مايحصل مع إيران و روسيا من العقوبات والعزلة التي لاتتأخر كثيرة في الأسابيع أو الأشهر القادمة ومايمكن أن يحصل لهما وربما  وفي مرحلة  ما تعريضها لما يجري في العراق وسوريا وليبيا واليمن، أما مطاوعة تركيا التامة للنظام  العالمي المهيمن،  فتقتضي فتح المسافة بينها وبين روسيا وسوريا وإيران وروسيا وحتى الصين ، و تحقيق وفاق مع الكرد  واحترامها لحقوق الإنسان ومعايرة سلوكها وفق المعاير  والقوانين الدولية  وأبتعادها عن دعمها للمرتزقةو للإرهاب وإرسال الذهاب المنفردة عبر اللاجئين إلى أوربا. وفي حال وصولها لحالة الأنقطاع عن النظام و محاولة بحثها عن المحاور الجديدة كما تشير المؤشرات فعليها بكل تأكيد  أن تضع في حسبانها تعرضها لربيع أو لتمشيط شبيه بذلك المسيّر في العراق وسوريا وليبيا واليمن تحت إسم الربيع العربي . وفي هذه الحالة سيؤازر النظام العالمي المهيمن حركة الدولة القومية الكردية بكل ما أوتي من قوة، وسيوسع رقعة خلية الدولة القومية الكردية في العراق، وعليه من المتوقع حينها أن تكون القطب المؤلف من( إسرائيل_إدارة إقليم كردستان العراق_ منظومة المجتمع الكردستاني)، والذي سينم عن نتائج عظمى وتحولات كبرى في منطقة الشرق الأوسط.تقف تركيا الآن على الصراط المستقيم فهي عاجزة عن حسم خياراتها، وتراعى سياسة توازنية كلاسيكية مع الطرفين ، كما أن النظام المهيمن لن يستطيع التراجع عن خطواته في الشرق الأوسط في حال قيامه بذالك ، فلابد  عندئذ من حصول مستجدات ستزعزع أركان العالم أجمع، بدأً من حسم أمر إسرائيل ، وصولًا إلى القضاء على الكثير من الدول العربيةالصغيرة والكبيرة. إننا نضع هذه الأحداث عند الإشارة إلى الحرب العالمية الثالثة، حيث ستستخدم الأسلحة النووية ولاجدال أنها ستكون أكثر فتكًا ووطأة من حال أوربا إثر الحرب العالمية الثانية. وما نشاهده من الأحداث في العشرة السنوات الأخيرة يظر لنا وحشية الأحداث الواقعة و المحتملة بصورة أوضح، وفي حال الأستمرار فإن النظام  العالمي المهيمن لن يقبل بالوضع السائد بل سيطمع في التغلب والتفوق مثلما حال كل نظام مهيمن ، وهذا يستوجب إرجاع تركيا إلى مسارها المرسوم من 1923 و تخلي إيران عن نفوذها الإقليمي المرتكز إلى الشيعية السياسية، وإيصالها إلى حالة من الخنوع والمطاوعة  وتغير السلوك مثلما كانت في عهد الشاهنشاهية . لكن قبول إيران بذلك يعني الموت لولاية الفقيه ولنظامه. في حين أم مساعي بسط النفوذ ستستمر بالتدريج ، وهذا ليس بعيدًا عن احتمال البدء بمراحل جديدة في الحرب العالمية الثالثة ولايمكن أن يستمر وضع اللاستقرار هذا طويلا جدًا . وفي أغلب الحالات تتميز كردستان جغرافيًا(جنوب شرق تركيا، غرب إيران، شمال العراق، شمال سوريا) والكرد على صعيد التحالفات بمنزلة استراتيجية ، مؤهلة لتحديد الطرف الذي ستكون نهاية التوازن لصالحه أو ضده وبتعبير أخر، قد تتراجع كردستان من الآن من كونها رقعة شطرنج تقليدية، وقد يتخلى الكرد عن دورهم كجنود دمى ، ليتحولوا إلى ذوات فاعلة، والسياسة التي سيجرى اتباعها والتحالفات الداخلية والخارجية هي التي ستحدد مسارها .الاتفاق الذي كان بين إيران وتركيا وسوريا ومن ثم دخلها روسيا رغم تطوره على خلفية العداء للكرد وتحقق ذالك من بداية  أعتقال المناضل و القائد عبدالله أوجلان وسجنه في إمرالي.  لكن وضع تركيا الحالي لن يستمر فترة طويلة في حال بقائها ضمن النظام الغربي المهيمن. حيث ركزت تركيا وعولت على إلحاق الثلاثي أو الرباعي  بالنظام القائم مقابل انتزاع تنازلات محدودة. وهذا سيجعل اسرائيل  منفتحة على المخاطر . ومن غير الوارد أن تقبل  الحركة الصهيونية  بهكذا حال وحتى الدول  العربية ومنها الخليجية لن تقبل. وعلى النقيض على اسرائيل أن تضاعف قوتها ونفوذها  بصفتها أهم حليف أو خلية مهيمنة للنظام المهيمن ضمن المنطقة. وهي مرغمة على وقف أو حسر النفوذ المتزايد لكل من  إيران وتركيا و روسيا  وما توقيع اتفاقيات إبراهيم مع بعض الدول العربية هي تأكيد لذالك مع الضربات المستمرة  في العراق وسوريا ضد القوى الإيرانية. موضوع الحديث هنا هي الهيمنة الإقليمية بين تركيا وإيران وروسيا من جهة ومن جهة ثانية إسرائيل . ومن المؤكد أن ولوج تركيا في هذه الحالة ولو لمآرب مختلفة. سيؤجج الصراع على الهيمنة داخل المنطقة مهما  لم تريده تركيا لكن من المرجح أن تثمر عن نتائج عكسية لآمال تركيا وأتفاقاتها مع إيران وروسيا وسوريا.سيكون لهذا الوضع وقعه على الداخل التركي ومن المتوقع أن تتلاشى تحالف القوى التي أسفرت عن ظهور حزب العدالة والتنمية، وأن يتم تأسيس ائتلاف قوى داخلية جديدة بدلًا منه. وربما تشكيل الأحزاب الجديدة مثل حزب المستقبل  لأحمد داؤود أوغلو  وحزب الديمقراطية والتقدم لعلي باباجان وقبله حزب الخير لميرال أكشنر علامات واضحة وربما بروفة البلديات وخسارة  أردوغان وحزبه لبلديات أسطنبول وأنقرة وأزمير شواهد عينية ومعبرة ورسائل قوية  للسلطان العثماني الجديد. وعلى هذا الصعيد  تبقى القضية الكردية  التي زجت تركيا في هذه الحالة المتناقضة أمام مفترق كبير ولها دور كبير، ، يتعين على تركيا الاقتناع بحلها بالسبل الديمقراطية والسلمية والمنفتحة على الإدارة الذاتية كحد أدنى.وهذا ما سيعني وضمن الظروف المغايرة العودة إلى إبرام تحالف ديمقراطي و صادق ومدروس على غرار ماكان سائدًا في مرحلة  ما  تسمى "التحرر الوطني" في تركيا  وبالتالي فالجمهورية التي حرفت عن مجراها بناءً على الخلفية التآمرية ستتحول إلى نظام منفتح على الديمقراطية والوفاق الديمقراطي، أما  دورانها في فلك إيران و النظام العثي في سوريا وروسيا  وتركيزها أكثر على محاربة الكرد ، في حين إيران وسوريا وروسيا لن تصعدا في محاربة الكرد ما داما هناك من يحاربهم بل سيظلون مياليين إلى التوافق، وستتحمل تركيا أوزار الحرب مثلما يحصل حتى الآن، فأن تضع تركيا ثقلها المتزايد على الحرب في كردستان في جنوب شرق تركيا وشمالي سوريا وإقليم كردستان العراق ،  سيؤدي غلى أفغنتها أو عرقنتها أو سورينتها أو ليبينتها  أو صوملتها  أو يمنيتها وربما بدرجات أنكى ، فالمسافة التي تريد تركيا  قطعها عسكريًا قطعتها  منذ زمن ولن تسيير الأمور لصالحها من الآن وصاعدًا، إلا بالحوار السياسي والديمقراطي  هذا إن سمحت التقاليد الفاشية و التآمرية والإنقلابية الوطيدة جدًا لديها.

مشاركة :