كانت مملكة البحرين ولا تزال من الدول التي حباها الله بكثير من أعمال السبق والريادة في مجالات عديدة من قبل حكامها ومواطنيها، ومن ذلك توفير خدمات البريد التي أسهمت في بلورة مفاهيم التطور الحضاري ووضع اسمها في السجلات البريدية الرسمية ورسخت حضورها البريدي إقليميا ودوليا بافتتاح أول مكتب بريد في 1 أغسطس 1884 بمدينة المنامة في عهد المغفور له بإذن الله صاحب العظمة الشيخ عيسى بن علي آل خليفة حاكم البحرين آنذاك (1869-1932)، وكان المكتب فرعا لمكتب البريد الهندي في بوشهر بفارس «إيران»، وكانا كلاهما يتبعان دائرة بريد بومباي. وفي البداية استعملت طوابع هندية عرفت باسم الهند البريطانية بعد ختمها باسم البحرين باللغة الإنجليزية للدلالة على صدورها من البحرين حتى عام 1933، حيث استخدمت طوابع تحمل صور الملك جورج الخامس موشحة باسم البحرين بدلا من الختم حتى استبدالها بطوابع تحمل صور الملك جورج السادس منذ عام 1938 إلى عام 1948، وتم توفير الطوابع للبيع من خلال كتيب طوابع بقيمة 16 (آنة) وتعادل روبية هندية واحدة وتعادل مائة فلس في عام 1934، كما استخدمت طوابع موشحة باسم بريطانيا العظمى وعليها صورة الملك جورج السادس ثم الملكة إليزابيث الثانية موشحة باسم البحرين منذ عام 1948 إلى عام 1960 بفئات مختلفة وإصدارات عدة، ولندرتها فقد أدرجت في فهارس مخصصة لهواة الطوابع الذين يسعون بشغف للحصول عليها بسبب استبدالها بطوابع صممت خصيصا للبحرين في عام 1960 وحملت صورة المغفور له بإذن الله صاحب العظمة الشيخ سلمان بن حمد آل خليفة حاكم البحرين آنذاك (1942-1961) موشحة باسم البحرين باللغة العربية في الأعلى ولكن سبق ذلك إصدار بعض الطوابع المحلية منذ عام 1953 إلى عام 1961 وحملت صورة الشيخ سلمان، وكان الغرض من صدورها في بداية الأمر استعمالها في التخليص على البريد الداخلي، وتدرجت باستخدامها للمراسلات الدولية وكان صدور تلك الطوابع المحلية خطوة أولى لتسلم الخدمات البريدية من بريطانيا بشكل كامل في 1 يناير 1966، وكانت تلك الطوابع متشابهة مع إصدارات عام 1960 التي استخدمت حتى عام 1964 بصدور مجموعة جديدة تحمل صورة المغفور له بإذن الله صاحب السمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة حاكم البحرين آنذاك (1961-1999)، وتوالت في عهد سموه صدور مجموعات أخرى من الطوابع وأصبح لها شأن ملموس لدى هواة جمع الطوابع محليا وعالميا من خلال مغلفات الإصدار الأول لكثير من المناسبات والفعاليات؛ فقد أصدرت إدارة البريد أول مجموعة من الطوابع وعليها اسم دولة البحرين في عام 1973، وتم طباعة أول طابع بريدي في 4 مايو 1974 بالمطبعة الشرقية، وحرصت إدارة البريد على تخليد وتوثيق الكثير من الأحداث التاريخية والمناسبات الوطنية بإصدار طوابع تذكارية دورية ومميزة وفق معايير خاصة، فكل طابع له ذكرى أو قصة تمثل جزءا من تاريخ مملكة البحرين، ما أسهم في التواصل الثقافي والحضاري بين مختلف دول وشعوب العالم. وكانت البحرين من أوائل الدول التي اهتمت بدور المرأة المبكر بإصدار طابعين تذكاريين في اليوم العالمي للمرأة في يوليو 1975، وإصدار مجموعة طوابع تحمل شعار «خليجنا واحد» الذي صممته هيئة البحرين للثقافة والآثار بمناسبة انعقاد مؤتمر القمة السابعة والثلاثين لمجلس التعاون لدول الخليج العربية في مملكة البحرين لتوحيد وتعزيز الهوية الوطنية الخليجية التي تحتاج إلى مقال آخر لذكرها؛ لأنها توثق أحداثا تاريخية مهمة. كما شهد قطاع البريد الكثير من التطورات بتقديم خدمات جديدة للأفراد والشركات، كما أصدرت حكومة البحرين بعض الطوابع المالية منذ عام 1924 وكانت تطبع في بدايتها خارج البلاد وبعدها طبعت محليا. فتحت إدارة البريد خلال تلك الفترات السابقة مكتبا ثانيا في مدينة المحرق في عام 1946 أي بعد مرور 62 عاما على افتتاح بريد مدينة المنامة، وفتحت مكتبا ثالثا لشركة بابكو في مدينة العوالي في عام 1950. وخلال فترة استقلال الهند وانفصال باكستان في عام 1947 تمت إدارة مكتب بريد البحرين فترة قصيرة من قبل الحكومة الباكستانية من خلال مكتب بريدها في مدينة كراتشي حتى تسلم مكتب بريد إنجلترا إدارة بريد البحرين في عام 1948.كانت طموحات القيادة مهمة في استقلال بريد البحرين تدريجيا من خلال إصدار مجموعة جديدة من الطوابع في 24 مايو 1960 لاستبدال طوابع تحمل صورة الملكة إليزابيث الثانية ومطبوع فوقها اسم البحرين والانضمام إلى المنظمة العربية البريدية في عام 1968 والاتحاد البريدي العالمي في عام 1973 (تأسس في 15 سبتمبر 1874) بعد قبول البحرين عضوا في الأمم المتحدة بعد استقلالها في عام 1971 وهيئة بريد الخليج في عام 1977 والاتحاد البريدي العربي كعضو ومؤسس في هيئة بريد الخليج في عام 1986 وإصدار أول مجموعة طوابع بريدية طبع عليها اسم مملكة البحرين في عام 2002 وتطوير البريد واستخدام شعار وعلامة جديدة للبريد في عام 2005. ومما يدعو إلى الفخر أن مملكة البحرين كان لها السبق والريادة من خلال إدارة البريد في المساهمة في الشأن القومي والوطني خلال حرب الـ6 من أكتوبر عام 1973 بفرض ضريبة خمسة فلوس على جميع الرسائل لجمع الأموال للاجئين الفلسطينيين في 21 أكتوبر 1973 عن طريق ختم الرسائل بختم المجهود الحربي باللغة العربية، وفي 1 ديسمبر 1973 تم إصدار طوابع مطبوعة بالحبر الأزرق الفاتح، وفي عام 1988 صدر طابع ثان، حتى توقف إصدار هذه الطوابع في عام 1994 وتغير المسمى إلى لجنة المساعدات الخيرية. yousufsalahuddid@gmail.com
مشاركة :