ومن الأدوار المهمة لبريد البحرين حرصه المبكر على تشجيع هواية جمع الطوابع بإصداره ألبومات سنوية تضم صور الطوابع الخاصة التي ستصدر للمرة الأولى وتوفرها للزبائن بحسب النظام العالمي المتبع لإصدار طوابع البريد والطوابع التذكارية، ولدى بريد البحرين مكتب هواة جمع الطوابع ومعرض دائم للطوابع البريدية حيث تعرض الطوابع الصادرة في مملكة البحرين وحول أنحاء العالم ومجموعات من الإصدارات البريدية الأولى وبعض المقتنيات التاريخية الثمينة المتعلقة بالخدمات البريدية مثل الأوزان القديمة والطوابع التاريخية والتذكارية المستخدمة في طباعة الطوابع من أبرزها طابع «بيني بلاك» المشهور لدى هواة جمع الطوابع الصادر في 1 مايو عام 1840 وكان صاحب فكرة إصدار طابع يلصق على الرسائل معلم إصلاحي بريطاني اسمه رولاند هيل في عام 1839 لتحصيل الأجرة من المرسل، وقد بدأت هواية جمع الطوابع مع صدور ذلك الطابع واتسع نطاق الهواية وشمل كل فئات الناس من ملوك ورؤساء وعلماء وفنانين وأدباء من أشهرهم الملك جورج الخامس والرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت والملك فاروق، والفضل يعود إلى السيد أوسكار بيرجر ليفرو من ستراسبورغ الذي أصدر في عام 1861 أول قائمة تضم الطوابع التي صدرت حتى ذلك الوقت وتبعه في ذلك كثيرون، وفي عام 1862 صدر أول ألبوم للطوابع في لندن، ومنذ ذلك الوقت توالت إصدارات ألبومات طوابع البريد في مختلف دول العالم.ومن هذا المنطلق التاريخي والوطني أتمنى من وزارة المواصلات والاتصالات وإدارة البريد الاهتمام بهذا الحدث النادر من خلال الإعداد والتحضير من الآن للاحتفال ورعاية مرور 140 عاما على تأسيس البريد، والتي ستحل بعد أربعة أعوام في 1 أغسطس 2024؛ لما لهذه المناسبة من دور مهم مع الاحتفالات الأخرى التي سوف تشهدها المملكة وتظهر التقدم والرقي الحضاري في مختلف المجالات؛ ومن تلك المناسبات العزيزة وأغلاها مرور خمس وعشرين عاما على تولى حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه مقاليد الحكم، و53 عاما على العيد الوطني الذي هو امتداد لمرور 241 عاما على قيام الدولة البحرينية الحديثة في عام 1197هـ الموافق 1783م في عهد المؤسس المغفور له بإذن الله أحمد الفاتح والذكرى الـ53 لانضمام مملكة البحرين إلى الأمم المتحدة دولة كاملة العضوية. وهناك العديد من الأمور الريادية الأخرى التي تسهم في إبراز المشاعر الوطنية والتراثية تعرف المواطنين والوافدين بتاريخ المملكة وترسخ الثقافة والهوية البحرينية وتجدد الولاء والبيعة والحب للوطن وقيادته وشعبه وتجسد الانتماء إلى الوطن والوحدة الوطنية، وتبرز أداء ودور المملكة في محيطها الخليجي والعربي والدولي، وحبذا لو تم التنسيق مع مركز عيسى الثقافي لتدوين وتوثيق تلك الأحداث المهمة لما لديه من خبرة ريادية معروفة في إصدار كثير من الكتب والبحوث الوثائقية القيمة عن مملكة البحرين وحفظ تاريخها، والاستعانة بالأرشيف البريطاني والهندي والباكستاني وجمعية تاريخ وآثار البحرين، وهناك اتفاقية البريد الموقعة مع الحكومة البريطانية في عام 1911 وكتاب نيل دونالدسون باسم «الوكالات البريدية شرقي الجزيرة العربية والخليج»، ومن الأشخاص الذين عملوا في إدارة البريد أو من لديهم معلومات عن إنشاء البريد وأسماء الموظفين والمديرين من أجانب وخاصة المواطنين الذين كانت لهم بصمات مهمة في تطوير البريد وهم الشيخ عيسى بن مبارك بن حمد آل خليفة والسيد إبراهيم مطر وسعادة الشيخ بدر بن خليفة بن عبدالله آل خليفة الوكيل المساعد للبريد.أعلمني الأستاذ عبدالكريم إسماعيل معلومات مشوقة عن البريد حيث كانت هناك خدمات بريدية قبل فتح مكتب البريد رسميا؛ فقد تداول أصحاب الأعمال والتجار المراسلات البريدية من خلال الأفراد أو وكلاء الشحن والبواخر مثل عائلة آل شريف والتاجر عبدالله بن رجب وكان بيته قريبا من بيت عائلة آل شريف في فريق كانو حيث كانا يتسلمان أكياس (خيش) مختومة بالرصاص والشمع الأحمر ومكتوبا عليها باللغة الإنجليزية «أريفال مايل بوت» وبها رسائل وطرود لتوزيعها عن طريق السفن البخارية أو السفن المحلية التي كانت تبحر في داخل وخارج الخليج العربي وبعضها يصل إلى الهند وإفريقيا، وبعد فتح مكتب البريد في المنامة وانتقاله إلى مبنى المقيم السياسي البريطاني في راس الرمان وبعدها إلى «بيت كريبال» غراي بول وتعني «السارية الرمادية» وتعرف لاحقا باسم غراي ماكنزي وكان موقعها مجمع يتيم حاليا، وقول آخر إن المكتب انتقل إلى مبنى صغير مقابل المطبعة الشرقية «الزيرة» الذي كان في الأساس بيت القصيبي وكان مدير البريد أو المسؤول يسكن أعلى المكتب وبعدها انتقل إلى مبنى حكومي قديم وكبير يضم بعض الدوائر الحكومية مثل: الطابو والقاصرين والأوقاف والشرطة، وفي الطابق الأعلى المحكمة المختلطة وكان يرأسها المغفور له بإذن الله صاحب العظمة الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة حاكم البحرين آنذاك (1932-1942)، وتم هدم المبنى لإنشاء مبنى باب البحرين الحالي في عام 1947 وتم الانتهاء منه في عام 1949، فتم نقل مكتب البريد إلى مبنى مجمع باب البحرين الذي تم بناؤه في عام 1945 والانتهاء منه في عام 1947 وهو في نفس المكان الحالي بعد ترميم واجهتي مركز البريد ومركز الشرطة الحالي.نشر الأستاذ مهدي مطر شقيق المرحوم علي مطر مقالا قيما في ذكرى رحيله وبه معلومات مشوقة عن عمل المرحوم بالبريد في عام 1953 وتطوعه في الذهاب إلى أبوظبي لإدارة مكتب البريد في الستينيات من القرن الماضي، كما نشر الأستاذ يونس الكوهجي كتابا وثائقيا قيما عن البريد في عام 1995، وهناك كتاب وثائقي شامل عن البريد لم ينشر من إعداد الأخوين التوأمين سلام وسليم أبناء إبراهيم الشكر اللذين قاما في السابق بتوثيق كتاب صدر في نوفمبر 2000 عن بريد دولة الكويت الشقيقة باسم «أختام بريد الكويت 1915-2000» بالتعاون مع الفنان التشكيلي المبدع جعفر إصلاح. إن تاريخ البريد قديم أكثر مما نتصوره، وهناك قصص موثقة تتجاوز فترة ما قبل العصر الروماني والفرعوني والإسلامي، ويعتبر البريد الملكي البريطاني من أعرق المؤسسات البريدية على المستوى الدولي وله السبق في عديد من ابتكارات وتطوير وتحديث الأعمال البريدية منذ إنشائه بأمر من الملك هنري الثامن في عام 1516 لتسليم رسائل البلاط الملكي إلى مختلف أجهزة الدولة، وفي عام 1635 سمح للعامة باستخدامه. yousufsalahuddid@gmail.com
مشاركة :