اليمن وأرنبة أنف الطائفيين - د. محمد ناهض القويز

  • 7/30/2015
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

هناك من يختصر مشكلة اليمن بأنها صراع بين السنة والشيعة "وهؤلاء أوردونا المهالك" ولا يريدوننا أنا نرى أبعد من أرنبة أنوفنا. وهناك من يرى أنها حرب على الحوثيين "الذراع الإيرانية" ومعهم صالح وجماعته وبين قوى الشرعية وهذه بعض الحقيقة. أما بقية الحقيقة فالصراع في اليمن في أساسه ليس مذهبياً بل كان صراع نفوذ تزعمه الحوثيون بعد الثورة على علي عبدالله صالح والإطاحة به، وفشل البديل في توفير الأمل المنشود. صحيح أن الدول العربية في معظمها والمجتمع الدولي بكامله أيّد الشرعية المتمثلة بحكومة هادي وطالب الحوثيين بالانسحاب من المدن وإعادة ما استولوا عليه من الأسلحة ومن هنا خرج قرار مجلس قوى الأمن 2216 ، ولكن الصحيح أيضاً أن الحوثيين لهم مناصرون من بعض الأحزاب وبعض رجالات القبائل والمثقفين. كما أن هناك أحزاباً ارتأت أن تتريث إلى أن ترى إلى أين تميل الكفة وعلى رأسها حزب الإصلاح الذي اكتفى بالقول دون الفعل. لقد تحدثت مع أفراد تربطني بهم علاقة قديمة يمثلون عدة شرائح من المجتمع اليمني ولا شك أن الإصغاء لهم يعطي صورة مختلفة عما نسمعه ونراه عن الأزمة اليمنية، فالبعد الطائفي عندهم للحرب ضعيف كما أن البعد التخويني سواء لصالح أو سواه أيضاً ضعيف. وبرغم اختلافي معهم في بعض ما يطرحونه إلا أن الإصغاء لهم يكشف تعقيد القضية اليمنية. وهذا لا يلغي البعد الطائفي في الحركة الحوثية التي استغلت الثورة لتدعيم نفوذها ثم تنصلت من وعودها وطرحت سياسة المشاركة جانباً واستبدلتها بسياسة الاستحواذ. ويكفي للدلالة على العدوان الحوثي أن نستشهد باستشهاد بسيط فكل من قُتل من أبناء تعز قُتل في تعز إما مدافعاً أو من جراء القصف الحوثي. وكل من قتل من أبناء الضالع قتل مدافعاً عن الضالع أو من جراء القصف الحوثي. ومثل ذلك يمكن أن يقال عن عدن وشبوة وأبين. في المقابل كل قتلى الحوثيين قتلوا في عدة مدن يمنية خارج صعدة من قبل المقاومة الشعبية التي تدافع عن مدنها. عوامل أخرى لم نتحدث عنها أهمها عاصفة الحزم التي نجحت في إيقاف الزحف الحوثي للاستيلاء على كامل اليمن ونجحت في تحرير عدن وشكلت عامل ضغط على الحوثيين والمتحالفين معهم للبحث عن مخرج سياسي وهو ما كانت تطالب به دول الخليج. لا شك أن تدمير العتاد الذي كان يعوّل عليه الحوثيون تحقق وأن تحرير عدن تحقق بفضل عاصفة الحزم ولكن يجب أن نتذكر أنه ليست هناك حرب نظيفة وأن المدنيين الأبرياء يدفعون ثمناً لابد أن يؤخذ في الحسبان. وهناك من يلعن صالح والحوثيين ولكنه يطالب بوقف القصف. ومن العوامل الأخرى التي قد يكون لها أثر سلبي على مستقبل اليمن القاعدة وداعش وبقية القوى الراديكالية التي يجب التعامل معها بحزم للقضاء عليها قضاء مبرماً. حل القضية اليمنية يستلزم من جميع الأطراف تقديم تنازلات والخروج بحكومة تصريف أعمال فاعلة إلى أن يتم إجراء انتخابات جديدة. كم نتمنى يمناً سعيداً يعيش أهله فيه بكرامة ورفاهية ويكون عامل قوة واستقرار إقليمي بدلاً من أن يصبح ميداناً لحرب الجميع فيها خاسر إلا أعداء العرب من إيرانيين ودواعش ومتربصين آخرين لا تعلمونهم الله يعلمهم.

مشاركة :