من حسنات العالم الافتراضي أن أتاح لنا التواصل مع الجميع والوقوف على الحقائق بأنفسنا. ولأن عالمنا العربي يكتوي بنار الطائفية التي أوقدها شيوخ الفتنة وقنواتها ممن يدعون الدفاع عن السنة، وكذلك إيران والحكومة العراقية وحزب الله والتنظيمات المشابهة فقد كان لزاما علينا أن نقف في وجهها. وقد توج جهدنا بجمعية افتراضية الغرض منها التعايش بسلام وقبول كل طائفة للأخرى، وترجم هذا العمل إلى بعض الفعاليات حينها. وقد أنكرنا الجهود المبذولة التي تهدف لهداية كل طرف للآخر، كما أنكرنا الاحتراب الذي لم يضف إلى الساحة إلا مزيدا من الانقسام والتشرذم. كان الواقع يفرض علينا التقارب مع كل من يحمل فكر التسامح والتعايش وحرية الاختيار. ولكن الواقع كذلك يمتلئ بأدعياء الديمقراطية والتسامح والإنسانية. كانت تجربتي مع كاتب وشخصية مشهورة من دولة خليجية شقيقة، سأتجاوز عن الاسم لأنه غير مهم وأكتفي بتعريفه عن نفسه: "رئيس أكاديمية ..، واقتصادي ومهتم بحقوق الإنسان ومتسامح ويؤمن بالتغيير السلمي في الشرق الأوسط" وكنت قد لاحظت عليه خلال الأسابيع التي جمعتنا في التويتر انتقائية عجيبة فهو يستنكر ما نستنكره من جرائم داعش، ويستنكر جرائم مختلقة يرددها قتلة الأطفال والنساء من المعسكر القريب إلى قلبه. ويستشهد كثيرا بآراء الإيرانيين ومن يدور بفلكهم وبما يخدم طائفيته من المعسكر الآخر. أورد خبرا غير حقيقي يتناول السعودية في إحدى تغريداته فرددت عليه وقلت ما هذا التباكي على ضحايا مفترضين حسب ادعاء الحوثيين بينما لم أسمع لك صوتا واحدا يستنكر القتلى من الأطفال في عدن أو تعز أو مأرب، ولم تستنكر جرائم الحشود الشيعية العراقية أو حزب الله ولم تسطر سطرا من أجل ضحايا سورية. فواصل المراوغة متهما المملكة بدعم الإرهاب، فأوردت له الحقائق: أنفقت المملكة العربية السعودية أكثر من 755 مليون دولار مساعدات إنسانية خلال عام بينما أنفقت إيران في ذات العام أكثر من ستة مليارات دولار لدعم الإرهاب في سورية والعراق واليمن. فهلا سمعنا لك صوتا كي تبقى ورقة التوت تواري عوارك الطائفي، ثم تحديته أن يورد تغريدة واحدة فقط كتبها في استنكار ما يجري للشعب السوري أو لقتلى عدن أو تعز من تغريداته التي قاربت مئة ألف تغريدة. وبدلا من ذلك عمد إلى حظري وهكذا تبخر تسامحه وديمقراطية وإنسانيته واعتداله. هو مجرد مثال من أمثلة من الطائفتين يجب أ لايخدعونا، فنحن لانقبل الانتقائية في استنكار الجرائم. ولا أن يسوق علينا الطائفيون بضاعتهم بقوالب براقة.
مشاركة :