النفط.. رهان تحسّن الأسواق

  • 9/19/2020
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

تتجه أسواق النفط خلال النصف الثاني من العام لتسجيل تحسّنٍ ملحوظٍ في الأداء مقارنةً بالنصف الأول الماضي الذي شهد ضعفاً نتيجة تعاضد عدد من عوامل الضغط أهمها تراجع الأداء الاقتصادي العالمي في ظل الانفلات الملحوظ لأداء غالبية المنتجين، ما زاد حجم الضغوط التي تعيشها الأسواق. بيدَ أن مستقبل الأسواق النفطية فيما تبقى من العام يظلّ رهاناً لتفاؤل المحللين والخبراء، حيث يعتقدون أن الآمال لا زالت معقودة بشأن ارتفاع الأسعار لمستويات تتجاوز الـ 60 دولاراً. ويرى الخبير النفطي الدكتور محمد الشطي أن مستويات التذبذب التي تتعاود أسعار النفط نحو الانخفاض بين الفينة والأخرى تعيد للأذهان مخاوف الانزلاقات السعرية، إلا أن الأسعار في المجمل مرشحة للبقاء فوق الـ 40 دولاراً، حيث تعبّر عن متانة السوق النفطية، خصوصاً إذا تم مقارنة ذلك بمستويات الـ 11 دولاراً في شهر أبريل الماضي. وقال الشطي بوجهٍ عام فإن تذبذب الأسعار دليل على عدم وضوح المؤشرات حول مسار أساسيات السوق ما يعني بقاءها ضمن هذا التوصيف لحين وضوح المؤشرات فيما يتعلق بسحوبات المخزون النفطي (نفط خام ومنتجات) وأن أي دلالات جديدة حول تلك السحوبات من مخزون الجازولين أو الديزل سيعطي دعماً للأسعار، الأمر ذاته فيما يخصّ السحوبات من المخزون النفطي العائم والتجاري. وتابع بقوله بلا شك فإن الانخفاض السعري الكبير له أسبابه التي يمكن إيجازها في الآتي أولاً يعاني قطاع التكرير من خسائر في نشاطه منبعها ارتفاع أسعار النفط الخام عن أسعار المنتجات البترولية ويرجع ذلك إلى ارتفاع المخزون من المنتجات البترولية خصوصا الديزل وزيت الغاز والجازولين بالتزامن وانتهاء موسم الطلب الموسمي على الجازولين، وبالتالي هذا لا يشجع على عملية الاستيعاب، خصوصاً أن بعض التقارير تذكر أن هنالك شحنات من النفط الخام الإفريقي تسليم سبتمبر لازالت تبحث عن تصريف لها ومنفذ، كذلك تشير بعض التوقعات إلى أن البيوت الاستشارية تنوي تعديل وخفض حجم الزيادة المتوقعة في الربع الرابع من العام ما يعني ضعف وتيرة التعافي في الطلب العالمي فيما تبقى من العام، الأمر الذي يتزامن مع ارتفاع المعروض في الاسواق، وبالتالي بقاء السحوبات ضمن مستويات أقل من المتوقع أي إطالة جهود عودة المخزون النفطي إلى مستوياته الطبيعية، لذلك جاء إعلان شركة أرامكو السعودية عن تسعير نفوطها لشهر أكتوبر مسوغاً لمفهوم حسب انطباعات السوق النفطية ؛ لأنها خفضت أسعار نفوطها لمختلف الأسواق وعلى رأسها آسيا، رغم أن التغيير يعكس حركة أساسيات الأسواق النفطية ويستهدف تشجيع المصافي على شراء النفط ولكن ارتفاع المخزون يمثل تحديا خصوصا في محوري الطلب الصين والهند علما بأن الهند أيضا تعاني من انتشار موجة جديدة من فايروس كورونا، في هذه الأجواء تبقى العلاقات التجارية الأمريكية الصينية تؤرق الاسواق خصوصا مع تصعيدها في ظل أجواء الانتخابات الأمريكية  حيث أطلق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حملة انتقاد جديدة ضد الصين. وبيّن أن الصين تعد من الأسواق القوية التي تدعم استمرار الطلب العالمي على النفط بشكل كبير فقد نما الطلب فيها خلال عام 2018 بمقدار 540 ألف برميل يوميا وصولاً إلى 12.86 مليون برميل يوميا، وهو يمثل 37% من إجمالي الزيادة في الطلب على النفط، وخلال عام 2019 نما الطلب على النفط في الصين بمقدار 440 ألف برميل يوميا ليصل إلى 13.3 مليون برميل يوميا، وهو يمثل 61% من إجمالي الزيادة في الطلب على النفط، وقد تراجع الطلب في الصين خلال الربع الأول من عام 2020  إلى  10.7 مليون برميل يوميا مقابل 12.63 مليون برميل يوميا خلال الربع الأول من عام 2019 أي سجل تراجعا بمقدار 1.93 مليون برميل يوميا، ولكن المؤشرات تؤكد تعافي في الاقتصاد الصيني مع انحسار فايروس كورونا  هناك، أحد المؤشرات المهمة بالنسبة لأسواق النفط هو المخزون العائم ولكن تكدس الناقلات أمام موانئ الصين يمثل عامل ضغط على أسعار النفط، كما سجلت واردات الصين من النفط الخام تراجعاً كبيرا وذلك من 12 مليون برميل يوميا في شهر يوليو إلى 11 مليون برميل يوميا ما أسهم في انطباع السوق حول ضعف الطلب الصيني وخفض معدل تشغيل المصافي هناك، بالإضافة إلى ارتفاع صادرات المنتجات الصينية، كما تراجعت حركة الأسهم الرئيسية حول العالم مما أسهم في أجواء القلق بداخل الأسواق وتشكيل المزيد من الضغط على الأسعار، كذلك ارتفاع صرف الدولار الذي إذا ما ارتفع فإن ذلك يعني ضغوطاً أخرى على الأسعار، وقد سجلت الأسواق تعافياً في إنتاج النفط الأمريكي حسب الإحصاءات بالولايات المتحدة، بالإضافة إلى بدء حالة التعافي في عدد أبراج ومنصات الحفر بعد أن سجلت هبوطا في السابق وإن كانت الزيادة ليست ضمن المستويات الطبيعية السابقة التي تدعم زيادة الإنتاج. وأضاف حالة الكونتانغو في أسعار نفوط الإشارة تؤكد ضعف وتيرة التعافي، الأمر الذي يشجع على التخزين مع الاستفادة من انخفاض الأسعار الحاليّة مقابل المستويات في المستقبل، كذلك هنالك مخاوف من موجة جديدة لفايروس كورونا قد تؤثر على وتيرة تعافي الطلب العالمي، كما أن حركة الطيران خصوصا العالمية لم تشهد تعافياً نحو المستويات السابقة وقد تشكل تحدياً أمام تعافي الطلب، وبالرغم من ضعف الأسعار إلا أن التوجه العام للتوقعات تشير إلى أن المستويات الحاليّة للأسعار مدعومة وقابلة للتعافي خصوصا خلال عام 2021 حيث يرى البعض إمكانية بلوغ أسعار النفط إلى 65 دولار للبرميل خلال الربع الرابع من عام 2021، والأمر برمته مرتبط بسحوبات المخزون النفطي العالمي والسيطرة على فايروس كورونا من خلال التوصل للقاح، كذلك أداء الاقتصاد العالمي وأخيرا استمرار تقييد المعروض في ظل عدد من الدول المنتجة التي تأثر إنتاجها بسبب عدم الاستقرار السياسي فيها.

مشاركة :