حزب جبهة العمل الإسلامي قرر أخيرا المشاركة في الانتخابات التشريعية التي لم يعد يفصل عنها سوى أسابيع قليلة، وكان هذا القرار متوقعا ذلك أن الحزب وجماعة الإخوان الأم غير قادرين على تحمل كلفة المقاطعة باهظة الثمن. عمان – حسم حزب جبهة العمل الإسلامي الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن، قراره الاثنين، بالمشاركة في الانتخابات النيابية، بعد جدل واسع داخل أروقته على خلفية تبني تيار وازن لخيار المقاطعة. وترى دوائر سياسية أن قرار المشاركة كان متوقعا حيث أن قرار المقاطعة كان سيكون كارثيا بالنسبة للجماعة وحزبها في ظل التحديات الداخلية التي تعصف بهما. وقال الحزب في بيان تلاه نائب أمينه العام وائل السقا إن “قرار المشاركة جاء بعد لقاءات مستمرة، واستشارات مستفيضة، ومداولات شورية بمراكز صنع القرار في مؤسسات الحزب”، معتبرا أن القرار المتخذ ينطلق من “موقف مبدئي في ظل ما يتعرض له الأردن من إضعاف مبرمج لمؤسساته”. وأضاف أن “غياب الحركة الإسلامية عن البرلمان يعد انسحابا من تلك المعركة التي تستهدف الأردن وقواه الوطنية وفي مقدمتها الحركة الإسلامية، وتحقيق أمنيات أولئك المغرضين بإخلاء الساحة لهم، لتخلو لهم الأوطان لتمرير مشروعاتهم المشبوهة”. وشارك حزب جبهة العمل الإسلامي في الانتخابات التشريعية الأخيرة التي جرت في العام 2016 ضمن ائتلاف أطلق عليه “التحالف الوطني للإصلاح”، الذي حاز على 14 مقعدا (من أصل 130)، ويرجح أن ينتهج الحزب ذات الصيغة في المشاركة في الاستحقاق المقبل المقرر في نوفمبر المقبل، مع السعي “إن أمكن” إلى توسيع دائرة الائتلاف. ودعا الذراع السياسي لجماعة الإخوان الأردنيين إلى “التوجه نحو صناديق الاقتراع لدعمنا، فمنكم الدعم ومنّا الوفاء، رفعةً لهذا الوطن، وإسناداً له في وجه كل المؤامرات”. وائل السقا: غياب الحركة الإسلامية عن البرلمان يعد انسحابا من المعركة وائل السقا: غياب الحركة الإسلامية عن البرلمان يعد انسحابا من المعركة وقال إن “دعمكم هذا يُعتبر استمراراً لمسيرة كتلة الإصلاح النيابية التي كان لها الموقف المُشرّف في دعم القضايا الوطنية والدفاع عن حقوقكم وكرامتكم ولقمة عيشكم، ومجابهة الفساد وحماية الوطن من الأخطار”. وأضاف الحزب أن “وجود الأصوات الوطنية المخلصة في البرلمان هو خير معبر على وقوفنا في وجه كل المؤامرات التي تُحاك تجاه الأردن وتستهدف كينونته الوطنية”. وبحسب مراقبين فإن بيان حزب جبهة العمل الإسلامي لم يخل من شعبوية، في سرد دوافع قرار المشاركة، والتي من أبرزها خشية الجماعة الأم من أن ينتهي بها خيار المقاطعة إلى المزيد من العزلة السياسية والشعبية. وكانت محكمة التمييز، أعلى هيئة قضائية في المملكة، أعلنت في يوليو الماضي حظر جماعة الإخوان، الأمر الذي شكل ضربة قاسمة لها، وهي لا تريد بقرار مقاطعة حزبها للاستحقاق سد آخر المنافذ أمامها للبقاء. ويوضح المراقبون أن إعلان حزب جماعة الإخوان المسلمين المتأخر عن قرار المشاركة يعود إلى أسباب عدة أولها الانقسامات في صفوف التنظيم حيث يتبنى العشرات من أعضائه المقاطعة حتى من داخل كتلتهم النيابية كما سبق وأوضح رئيس الكتلة عبدالله العكايلة، الذي اعتبر أن المقاطعة ستكون خير رد على السياسات الحكومية التي يقول إنها تستهدفهم. وسبق وأن اتخذ الحزب قرار المقاطعة في محطات انتخابية إلا أنه حصد نتائج عكسية ترجم في تراجع دوره السياسي وتآكل حضوره الشعبي. وكان الذراع السياسي لإخوان الأردن قاطع الاستحقاق النيابي، في العام 1997 احتجاجا على قانون الصوت الواحد، كما انسحب من الانتخابات البلدية في العام 2007 بدعوى وجود تزوير، ليعود مجددا ويقاطع الانتخابات النيابية في عامي 2010 و2013. ويشير المراقبون إلى أن أسباب أخرى خلف تأخر حسم الجماعة وحزبها لقرار المشاركة في الاستحقاق وهي الشكوك التي أثيرت حول إمكانية إجرائه بسبب تفشي جائحة فايروس كورونا. ويواجه الأردن موجة جديدة من تفشي الجائحة دفعته لتشديد إجراءاته الاحترازية، مع عدم استبعاد فرضية الإغلاق الشامل، رغم حرص الحكومة على تفادي هذا السيناريو الذي سيكون كارثيا في ظل وضع اقتصادي متدهور. ويرى متابعون للشأن الأردني أن قرار الجماعة وحزبها المشاركة في الانتخابات لن يكون له أثر كبير على مستوى الخارطة النيابية المقبلة، وأنه من غير المرجح أن تتجاوز الجماعة عتبة المقاعد السابقة، لافتين إلى أن الجماعة تدرك هذا الواقع وهي تستبق تبرير أي خسارة بتحميل مسؤوليتها للحكومة. وحذر الأمين العام للحزب، مراد العضايلة، خلال المؤتمر الصحافي من “استمرار ممارسات الحكومة والقبضة الأمنية تجاه أعضاء الحزب ومنتسبيه والمتحالفين معه، والضغط عليهم، لثنيهم عن الدخول في كتل الحزب الانتخابية”. وشدد العضايلة، خلال نفس المؤتمر، على أن “العبث بتسيير الانتخابات القادمة في هذا التوقيت بالذات، سيكون بمثابة عبث باستقرار الدولة”. ومن المقرر إجراء الانتخابات التشريعية في الأردن في 10 نوفمبر المقبل، لانتخاب المجلس التاسع عشر، بعد انتهاء ولاية المجلس الحالي. ويتوقع أن تؤثر أزمة تفشي جائحة كورونا -التي عادت لتضرب بقوة في المملكة- على الحملات الانتخابية في ظل منع التجمعات، كما ستدفع الأزمة نسبة كبيرة من الناخبين إلى العزوف عن الذهاب إلى صناديق الاقتراع، مع الإشارة إلى أن نسبة المشاركة في انتخابات 2016 لم تتجاوز عتبة الـ37 في المئة. وبحسب قانون الانتخاب الأردني، فإن الانتخابات تجري على أساس قوائم وطنية على مستوى محافظات المملكة، والدوائر الانتخابية في المحافظات الكبرى وفق نظام القائمة النسبية المفتوحة، ويشترط في تشكيل القائمة أن لا يقل العدد فيها عن 3 مترشحين، ولا يسمح بالترشح الفردي للانتخابات. ويحق لنحو 4 ملايين و655 ألف ناخب وناخبة المشاركة في الانتخابات القادمة، وسط ترجيحات بعدم حدوث تغيّر كبير في المشهد النيابي المقبل، حيث من المتوقع بقاء ذات الفسيفساء العشائرية والمناطقية مع تقلص حجم الأحزاب السياسية بما في ذلك حجم الذراع السياسية لجماعة الإخوان حزب جبهة العمل الإسلامي.
مشاركة :