خلق التدريس بنظام الأفواج حالة من الارتباك في صفوف الطلاب وعائلاتهم، وفي الحضانات المدرسية وحتى على مستوى الإطار التربوي بالمدارس، ما تسبب في نوع من الفوضى أربكت سير العودة المدرسية في بعض المدارس العمومية، وضاعفت جهود الحضانات المدرسية التي وجدت نفسها تائهة بين متابعة دراسة الطلاب وشرح وتفسير جداول التوقيت الجديد لعائلاتهم. فرضت جائحة كورونا على المؤسسات التربوية في تونس اعتماد التدريس بنظام الأفواج كإجراء من إجراءات التباعد الجسدي، بحيث لا يزيد عدد الطلاب في القسم الواحد عن 18 تلميذا، وذلك لمنع انتشار عدوى الفايروس. وقال لسعد اليعقوبي الكاتب العام للجامعة العامة للتعليم الثانوي إنّ هذا العدد يناهز نصف معدل عدد التلاميذ بالقسم الواحد، باعتبار أن حصص الدروس بالقسم في المؤسسات التربوية تسجّل عادة حضور 36 تلميذا. ويتم بمقتضى نظام الأفواج الذي تقرر اعتماده بالتشاور بين وزارة التربية والجامعة العامة للتعليم الثانوي تقسيم الأقسام بمختلف المستويات الدراسية إلى فوجين “أ” و “ب”، لتكون أيام الدّراسة طيلة الأسبوع مقسّمة بين الفوجين بالتناوب حيث أنّ كلّا منهما سيدرس ثلاثة أيّام في الأسبوع. وأكد اليعقوبي في تصريح لوكالة تونس أفريقيا للأنباء على أنّ عدد الطلاب في كلّ فوج لن يتجاوز الـ18 شخصا، مشددا على ضرورة احترام البروتوكول الصّحي الموضوع من قبل وزارة الصّحة على غرار التباعد الجسدي والتعقيم، مشيرا إلى أن هذا القرار جاء عقب اتفاق توصلت إليه جامعة التعليم مع هياكل وزارة التربية، إثر جلسة جمعت الطرفين. وسيتم تبعا للإجراء إدراج تعديلات على الزمن المدرسي بما أن نظام الأفواج سيقر تدريس التلاميذ يوما بيوم، بمعنى أن كل قسم سيقسم إلى فوجين يدرسان بالتناوب، يوم دراسة ويوم راحة. هذا النظام الجديد أربك العائلات التونسية التي لم تستوعب بعد تفاصيله كما ضاعف جهود الحضانات المدرسية التي وجدت نفسها تائهة بين متابعة دراسة الطلاب وشرح وتفسير جداول التوقيت الجديد لعائلاتهم. وما زاد من إرباكها أن التلميذ لن يدرس بنفس النظام كامل أيام أسابيع الدراسة حيث سيكون لكل أسبوع نظام خاص. وقالت سلمى الطرابلسي، مديرة حضانة مدرسية بمنطقة المروج غرب العاصمة، إن نظام الأفواج مقسم إلى قسمين ويدرس خلاله التلميذ أسبوعا بأسبوع، أي أنه إذا درس الطالب بنظام الأفواج الثلاثة خلال الأيام الأولى من بداية الأسبوع الأول، فإنه سيدرس خلال الأيام الثلاثة الأخيرة في نهاية الأسبوع الثاني والعكس بالعكس. وأضافت الطرابلسي لـ”العرب” أن المشرفين على الحضانة المدرسية يعملون على تبديد الغموض لأسر الطلاب الذين بدوا تائهين تجاه هذا النظام، مؤكدة أن والد أحد الطلاب أخطأ في توقيت دراسة ابنه فأدخله مع فوج آخر مما أحدث نوعا من البلبلة في القسم. ولفتت الطرابلسي إلى أن الكثير من الطلاب تخلفوا عن الدراسة بداية الأسبوع الفارط لأنهم أخطأوا قراءة جداول أوقاتهم. بدورها أكدت حنان جدي، أم لطالبتين بالصفين الأول والسادس من التعليم الأساسي، أنها ما زالت لم تستوعب بعد النظام الجديد الذي لم تعتد عليه من قبل. وقالت لـ”العرب” إنها تبدو تائهة وفاقدة للبوصلة. وأشارت إلى أنها كلما استوعبت نظام الدراسة الخاص بابنتها الصغيرة التي تدرس بالصف الأول تاهت فيما يتعلق بجدول ابنتها التي تدرس بالصف السادس، لذلك تصطحبها يوميا إلى المدرسة حتى تتابع بنفسها سير أمور الدراسة. تقسيم أيام الأسبوع بين الفوجين بالتناوب أدى إلى تخلف الكثيرين عن الدراسة تقسيم أيام الأسبوع بين الفوجين بالتناوب أدى إلى تخلف الكثيرين عن الدراسة من جهتها أكدت ابنتها ملاك أن معلمة الإنجليزية ستعيد تقسيم الفوج إلى فوجين مما سيزيد من تعقيد المسألة، مشيرة لـ”العرب” إلى أنها لم تفهم بالضبط ما المطلوب وأنها ستحاول الاستفسار من زميلاتها في الصف. وملاك ليست الطالبة الوحيدة التي عسر عليها فهم التعامل مع الدراسة بنظام الأفواج، فمثلها كثيرون وخاصة من تلاميذ الصفوف الأولى. كما أن بعض الكوادر التربوية قد وجدت هي الأخرى صعوبة في التعامل مع هذا النظام الجديد مما فاقم المشكلة. وقال الناصر السعيدي، مدرس متقاعد بمدرسة حي ابن خلدون في تونس الشمالية، إنه لم يتم سابقا العمل بهذا النظام لأن تونس لم تعرف جائحة مثل كورونا التي أربكت سير كل القطاعات، موضحا أنه بمرور الوقت سيتعود الآباء على نظام الأفواج وبانتهاء الجائحة ستعود الأمور إلى طبيعتها. كما أشارت الطرابلسي إلى أنه كان يجب على مديري المؤسسات التربوية توزيع جداول الأوقات على الطلاب قبل بداية السنة الدراسية بأيام حتى تستوعب الأسر النظام الجديد، أو إنزال هذه الجداول على الصفحات الرسمية للمدارس في مواقع التواصل الاجتماعي حتى تتم مشاركتها على نطاق واسع. واقترحت أيضا إنجاز ومضات تحسيسية على القنوات التلفزيونية لتسهيل الدراسة بنظام الأفواج. وقد شاطرتها الفكرة بسمة الطياري، صاحبة حضانة مدرسية مجاورة لمدرسة نهج الباشا بتونس العاصمة، وقالت بسمة لـ”العرب” “كان من المفترض المزيد من الشرح وتقديم تفاصيل هذا النظام للأولياء”، مؤكدة أن عملها أصبح الآن شاقا مقارنة بالماضي، ذلك أنها أصبحت ملزمة بالاهتمام بالأطفال الذين أتموا الدراسة وبالأطفال الذين قدموا إلى المدرسة عن طريق الخطإ. وأشارت بسمة إلى أن جائحة كورونا فرضت على البلدان الفقيرة أنظمة معقدة زادت من صعوبة الوضع؛ ذلك أن المدارس العمومية في تلك البلدان ليست لها ميزانيات خاصة تسمح لها بشراء تجهيزات متطورة قادرة على مكافحة الفايروس مقارنة بالبلدان الغنية، التي تعتمد في أغلبها نظام التدريس عن بعد. ويعد اعتماد نظام الأفواج من إجراءات التباعد الجسدي التي تم اعتمادها في بلدان كتونس والمغرب، إضافة إلى إجبارية ارتداء الكمامة لتجنب انتشار العدوى في صفوف الطلاب، في حين لم تقرر الجزائر بعد تاريخا للعودة المدرسية. وسجلت الجزائر خلال الأسابيع الأخيرة تراجعا مطردا لحالات الإصابة بالوباء وعدد الوفيات الناجمة عنه، بحسب إحصائيات اللجنة العلمية المختصة، حيث نزلت الأرقام إلى ما دون الـ300 إصابة يوميا، بعدما ناهزت الـ700 حالة خلال الفترة الماضية.
مشاركة :