تميز تنفيذ البروتوكول الصحي الذي صادقت عليه وزارة التربية وأعده عدد من المتخصصين بإدارة الطب المدرسي والجامعي في وزارة الصحة بضعف التطبيق مما جعل عددا من الأسر التونسية تسحب أبناءها من ذوي الأمراض المزمنة من المدارس. كما عبرت الجامعة العامة للتعليم الثانوي عن ضعف هذا التطبيق بيوم غضب انسحب خلاله المدرسون من قاعة الدرس لمدة ساعة. صادق وزراء الصحة والتربية والتعليم العالي والبحث العلمي، والتكوين المهني والتشغيل، على البروتوكول الصحي للعودة المدرسية والجامعية 2020-2021 توقيا من انتشار عدوى فايروس كورونا. وينص البرتوكول الذي أعده عدد من المتخصصين بإدارة الطب المدرسي والجامعي في وزارة الصحة على التباعد الجسدي بين التلاميذ، وإخضاعهم للفحص الدوري لدرجات الحرارة، مع وجوب ارتداء الكمامات الواقية لجميع العاملين، بهذه الفضاءات التربوية والتعليمية والتكوينية، ما عدا التلاميذ الأقل من 12 عاما، إضافة إلى تنظيف وتعقيم المراكز التربوية والتعليمية والتكوينية، مرة أو مرتين في اليوم على الأقل، وتنظيم حملات توعية إثر العودة إلى مقاعد الدراسة، وتأمين المرافقة النفسية للأطفال، والتلاميذ والطلبة. لكن ضعف تطبيق هذا البروتوكول ساهم في انتشار العدوى داخل المؤسسات التربوية مما أجبر عددا من الأسر على سحب أطفالها من ذوي الأمراض المزمنة خوفا عليهم من تعكر حالتهم الصحية. كما لجأت الجامعة العامة للتعليم الثانوي إلى يوم غصب انسحب فيه المدرسون من قاعات الدرس لمدة ساعة كاملة احتجاجا على غياب وسائل التعقيم ونقص الكمامات خوفا على التلميذ والإطارات التربوية من خطر العدوى خصوصا وأن معدل حصة كل مدرسة من المعقم قدرت بنصف لتر. وقال وزير التربية فتحي السلاوتي “إنه لسوء الحظ لا نستطيع منع هذه الظاهرة وإنه لا بد من تطبيق البروتوكول الصحي بحذافيره للحد منها”. وأشار السلاوتي إلى أن حالات الطلاب المنقطعين عن الدراسة لأسباب صحية ليست بالقليلة وهي نسبة تحددها الغيابات. وأكد أن نسبة هامة من الطلاب اختار آباؤهم تدريسهم بالبيت. ودعا السلاوتي إلى ضرورة طمأنة الأهالي وإقناعهم بأن الوضع ليس بالخطورة التي يتصورونها حتى يرجعوا أولادهم تدريجيا إلى المدارس. من جهته أكد بوزيد النصيري مدير عام الدراسات والتخطيط والنظم المعلوماتية بوزاة التربية أن ظاهرة انقطاع التلاميذ عن الدراسة موجودة وأن مصالح الوزارة بصدد الاشتغال عليها. وقال النصيري لـ”العرب” إنه إذا تجاوزت الغيابات الفترة المسموح بها فإن العائلات التي سحبت أطفالها من المدارس دون موجب قانوني ستخضع إلى المساءلة القانونية وربما ستشهد بعض الوضعيات تدخل مندوب حماية الطفولة. وأضاف أن حق التمدرس حق مكفول على الدولة والأسرة ولا يجب أن يكون الخوف على الأبناء دافعا لتغييبهم عن المدارس. وتشير المعطيات الرسمية لوزارة التربية إلى انشار العدوى بـ406 مؤسسة تربوية وبلوغ العدد الجملي للمصابين 890 مصابا يتوزعون بين 394 تلميذا و380 مدرسا و87 عون تأطير و29 عاملا. أما الحالات المشتبه بها فقد بلغت 2466 حالة تتوزع بين 1736 تلميذا و545 مربيا و131 عون تأطير و54 عاملا. وقال وزير التربية “نتفهم غضب الجامعة العامة للتعليم وغضب الأولياء” مشيرا إلى أن الوزارة وفرت مواد التعقيم لكن ليس بالقدر الكافي. وأضاف في تصريحات إعلامية أن الوزارة بذلت كل مجهوداتها لتوفير مستلزمات العناية والتعقيم لكن المجهودات لم تكن كافية لأن التحضير للسنة الدراسية انطلق بصورة متأخرة. وأكد السلاوتي على تواصل عملهم لتدارك النقائص بفضل جهود الجميع من مجتمع مدني وإطار تربوي. وأشار وزير التربية إلى أنه تم ضخ مليار و400 ألف دينار للمندوبيات الجهوية للتربية من أجل شراء مستلزمات العناية بالمدارس وتنظيفها وتعقيمها لتفادي خطر فايروس كورونا تم تعزيزها بـ5 ملايين دينار صرفت لها مؤخرا. وحول صعوبة توفير الكمامات لمليونين و215 ألف طالب قال الوزير تبقى الوزارة عاجزة عن توفير الكمامات لكل الطلاب لكنها عملت على توفيرها للطلاب من ذوي الوضعيات الاجتماعية الهشة. كما جعلتها إجبارية وجزءا من المستلزمات المدرسية. ويستمرّ الجدل في تونس حول مواصلة الدروس من عدمه، بعد تصاعد الإصابات بالفايروس التاجي والخوف من انتقال العدوى إلى المؤسسات التربوية، رغم فرض التباعد الجسدي بين التلاميذ داخل الفصول. وفي حين تطالب بعض الأسر بحتمية استمرار الدروس في كلّ الحالات، والاكتفاء بتعقيم المدارس التي تثبت فيها الإصابات، رافضين مناقشة إمكانيات تعليق التعليم بسبب الجائحة، خوفا على التحصيل الدراسي لأبنائهم، طالب آخرون بحماية التلاميذ والغلق الشامل للمؤسسات التعليمية، إلى حين مرور الموجة الثانية، للخروج بأقلّ الأضرار كما عمد شق ثالث إلى تغييب أبنائهم خوفا عليهم من تبعات تعكر حالتهم الصحية. وقد حسمت وزارة التربية هذه المسألة بأن أكّدت، أنّ تونس دون دراسة، أخطر من تونس بكورونا. وقال وزير التربية إن فرضية تعليق الدروس في كافّة المؤسسات التربوية في البلاد صعبة وغير مطروحة بالمرّة، لأن أثر الحجر الصحي الشامل على القطاع التربوي كان كبيرا وواضحا بعد انقطاع دام سبعة أشهر. العائلات التي سحبت أطفالها من المدارس دون موجب قانوني ستخضع إلى المساءلة القانونية إذا تجاوزت الغيابات الفترة المسموح بها وشدّد السلاوتي في تصريح إعلامي نقلته وكالة تونس أفريقيا للأنباء “وات”، على أنّ وزارة التربية هي الجهة الوحيدة المخوّل لها اتخاذ قرار غلق أي مؤسسة تربوية، بأي منطقة من مناطق تونس، حسب تطوّرات الوضع الوبائي، وذلك بالاعتماد على المقترحات التي تردها والمبنية أساسا على الحالة الصحية والوبائية في كلّ مؤسسة تربوية. وأكد على ضرورة أن تتواصل الدروس مع الالتزام بالبروتوكول الصحي مشيرا إلى أن نسبة الإصابات في الوسط المدرسي تبلغ 0.01 في المئة. وكانت الجامعات العامة للتعليم بمختلف فروعه قد نادت بضرورة غلق المدارس إلى حين انتهاء الجائحة خاصة أن البنية التحتية للمدارس تفتقد إلى الصيانة وأن البروتوكول الصحي لا يمكن تطبيقه بصورة فعالة ما يعرض الطلاب والكوادر التربوية إلى الخطر.
مشاركة :