ودَّعَنا يوم الجمعة أخٌ وإبنُ عّمٍ وصديقٌ وأنيس وداعاً أيها النبيل ؛ أحمد بن حسين عامري رحل إلى حيث النهاية و منازل الأموات رحل بوداع الأسى ، رحل وفِي رحيله المفاجئ تتدلى آلاف الأسئلة من محبيه ماهذا الرحيل المفاجئ ؟ الجميع في ذهول الفاجعه ، رحل إلى حيث الخلق يشدون رحالهم الأبديه ، لقد كان رجلاً شهماً فاضلاً بأخلاقه ونبله ، وسلامة قلبه وطيبته ، ودعناه على أطراف البيوت المستوية أسوارها ودعناه وذرات الغبار تتطاير كأنها تدون أسمه في دفاتر الأموات وبقايا الذكريات، ودعناه والجموع تلهث بالدعاء مابين شاخص يقلب الأيام ودروسها ومابين من كان أنينه خافتا تعاركه الدموع والرحمه ، الله يا أبا حسين لقد أكرمك الله بهذه الجموع لكي تشيع نعشك الى مثواه الأخير ، لقد زرعت الخير في النفوس ونسيته وها هي الليلة تفوح روائح المسك في سيرتك بينهم ، يا هي الدنيا تنصف المخلصين مثلك والطيبين وكم هي أيامها جمعتنا وفرقتنا في لحظة العمر وهي تلف جسمك في أكفان الغيب بصمت وأنين ، لقد عاش بفطرته وبساطة عيشه كان صادقاً صدوقاً رجلا فيه مروءة ونخوة كريم ، ودعناه في هذا اليوم الجمعه ، هَكَذَا هي الحياة تجري بمقاديرها وتلفنا أقدارها بكل هدوء وسكينة ونحن في أوهامها وملذات عيشها غافلون عن مثل هذه اللحظات ، رحل وكأن اليوم هو آخر يوم في كتابه لم يبق سوى جسده النحيل بين أكفانه ودعناه بكل الألم والأسى ، كانت فيه رائحة آبائنا إن غبنا سأل مبادراً بعتاب يغمره الحب ، أين أنتم ؟ مالي لا أراكم ؟ كنّا نبادله الابتسامة بحجم محبته ، ونقبل رأسه لأن فيه بقايا من أبيه وجده ، كأنه يقول لنا وفِي تجاويف عينيه الوداع قد لا أكون بينكم ذات يوم يا إخوتي كأنه يودعنا بطريقته وفطرته الخاصه ، كان في كل مساء كأنه على موعد مع إحمرار الغروب يخرج خارج داره يشتم روائح الأهل والأقارب ، يلوح لهذا وينادي على ذاك وكأن نجمه يظهر كل مساء وكل عصر من أجل أن ينفض أسئلة الغموض من حوله هل أنا راحل ، هل في رحيلي أسى و ألم وأنين ! هل من مكان لي غير هذا ؟ يصمت كثيراً وتعابير ملامحه في غروبها كأنه يودعنا بعصارة الألم ، كأنه يودع المكان واللحظة والزمان بسجيته وعفويته الجميله وبعدها يدخل منزوياً في ركن بيته كأنه خلق وحيداً وسيرحل وحيداً الى حيث يريد الله له ذلك ، كان يلتف حوله أبناء عمه وإخوته وأصدقائه يتلذذون بأحاديثهم في مجلسه . لقد رحل أيها الأصدقاء رحل أيها الباكون عليه ، لن يكون هناك مكان لمثل هذه اللحظات بعد اليوم ، رحل من كنتم تشدون رحلة الأنس إليه ، هي الحياة نلفظ أنفاسنا فيها عندما يحين موعد الرحيل ( رحمك الله أبا حسين ) لقد أصابته وعكة كانت بداية الألم ولكنه تعافى و في تعافية سؤال بينه وبين الأطباء ! يريد أن يصيح به لكل العالم إنني أحاول ان أبقى ولكن هناك أطراف النهاية تجر أقدامي الى مكان لا خيار لي فيه ! كأنه يقول هناك أشخاص اشتاقوا لي وينتظرونني كأن أباه وأمه في أطراف السؤال يجيبون عليه نحن في انتظارك . وكانت في عينيه إجاباتهم إنني قادم ولكن سأودع أهلي وأبنائي وإخوتي وأصدقائي برسالة أكتب حروفها من أضلعي وأنين أوجاع ، إنه المرض أنهك جسده ونخر عظمه وعزله في غيابه ، الكل صامت الكل في حيرة من أمره لا نعلم لماذا صمتنا يا ابا حسين ؟ كأننا نودعك بدموع خافية تقاتل الغصة في حناجرنا كأننا نودعك وبيننا وبينك حجاب الألم يردع صدورنا ، وخيوط أكفانك تنسج في علم الأرواح ، ستبقى سنين الأسى تطرق ذكرياتنا ، وتنكأ جروح أحزاننا . ستبقى سيرتك وذكراك سنين لأجيال قادمة بأننا لن ننساك . فكلما مررت بدارك ستكون صورتك في مخيلتي وفِي ذاكرتي وفِي صلاتي ودعائي ، الطرق والأزقة والأنوار بعد رحيلك مظلمة ، ولكن قنديل الذكريات مضيء في نفوسنا ،، رحلت وتركتنا نركض في حياة الألم رحمك الله أخي رحمة واسعة … رحمك الله رحمة واسعة … أبا خالد ……..
مشاركة :