محمد نجيم (الرباط) قال الشاعر المغربي سامح درويش، أن شعر«الهايكو»الياباني يستمد مكانته في المشهد الثقافي العربي بوصفه أفقاً ممكناً للمساهمة في تحرير الشعرية العربية من قبضة النموذج الجاهز، والتخلص من أصباغ البديع وأثقال البيان لمصلحة زوايا جمالية جديدة، تنبثق من فلسفة الاستنارة وتستمد بناءها من عناصر المشهدية الحية والدهشة الخلاقة، بعيداً عن أثقال المجاز وقعقعة آلة البلاغة، واستراتيجيات التنميق اللغوي، التي تتضافر جميعاً لتحنيط الشعرية العربية، وجعلها مومياء تذكرنا بالماضي وتجعلنا رهائن له». وأضاف في أول لقاء من نوعه في المغرب حول شعر «الهايكو»، نظمه مركز تواصل الثقافات في الرباط مؤخراً، بمشاركة نخبة من الشعراء والمُهتمين بهذا الشعر، أن «انتشار فن الهايكو في مختلف الشعريات العالمية شرقاً وغرباً، وتطوره في بلده الأصلي جعل كثيراً من ممارسيه يتخطون صبغته اليابانية، ليمنحوه آفاقاً أرحب ترتبط في عمومها باختلاجات الذات الإنسانية، فوجدنا كثيراً من شعراء العالم الكبار في مراحل متباينة وفي شعريات متنوعة يكتبون الهايكو بطريقة تمتح من ثقافاتهم وأرصدة شعوبهم الرمزية والجمالية، بل وجدنا الشعراء اليابانيين أنفسهم قد تجاوزوا تلك القوالب التأسيسية للهايكو مع الحفاظ على روح الهايكو المتمثلة في الإدهاش والبساطة والآنية.. في هذا السياق إذن ينمو الهايكو العربي الذي أضحى يستقطب عدداً هائلاً من الأصوات الشعرية، خاصة منهم الأجيال الشابة التي عاشت إحباطات ما سمّي بالربيع العربي». وأكد في مداخلته القيمة أن الثقافات «وُجدت لتتكامل لا لتتقاتل، لتتفاعل لا لتتقابل، وأن الفن هو رصيد إنساني ومن حق كل شعوب الأرض أن تعتبره ملكاً لها اعتباراً لما يتميز به الوجود البشري على هذه الأرض من تلاقح وتفاعل، مما يجعلني أبادر إلى القول إن المشهد الثقافي الإنساني كان ينقصه حقاً مكوّن «الهايكو العربي»، لا سيّما أن مختلف الشعريات العالمية تتميز اليوم بهذا المكون الشعري».
مشاركة :