باريس – تستوحي الشاعرة الأميركية لويز غلوك التي نالت الخميس جائزة نوبل للآداب لعام 2020، مادة أعمالها من جمال بساطة الطبيعة فضلا عن طفولتها. وتذكر قصيدة لها بعنوان “جابونيكا” (مجموعة من الفراشات) فن الرسامين اليابانيين المنمق وتبدأ على الأبيات التالية “تزهر الأشجار على التلة حاملة زهرات كبيرة وفراشات جابونيكا”. وقالت غلوك التي تعتبر إحدى ألمع الأصوات في الشعر الأميركي الحالي، في مقابلة مع مجلة شعرية أميركية العام 2006 إنها ليست خبيرة في مواضيع الزهور. وقد أصدرت العام 1992 ديوان “ذي وايلد أيريس” الذي يرسم حديقة كاملة. ونالت عنه جائزة بوليتزر وهي من أعرق المكافآت في العالم. ويعتبر شعرها متاحا للجميع وتعتمد لغة بسيطة يفهمها كثيرون. وهي من اتباع الأسلوب المتجرد وتأثرت بشبابها بشعراء معروفين بوضوح تعبيرهم الأدبي مثل وليام باتلر ييتس (نوبل العام 1923) وت.س. إيليوت (نوبل 1948). وقالت الأكاديمية السويدية المانحة لجائزة نوبل في حيثيات قرارها الخميس إن غلوك كوفئت “على صوتها الشاعري المميز الذي يضفي بجماله المجرد طابعا عالميا على الوجود الفردي”. وإلى جانب الطبيعة، غالبا ما تنهل الشاعرة من طفولتها كثيرا. خسارة الأخت وتروي الشاعرة قائلة “كنت طفلة منزوية. وكان تفاعلي مع العالم ككائن اجتماعي، قسريا وغير طبيعي كثيرا وكنت في قمة السعادة عندما كنت أطالع. لم يكن الأمر بهذه المثالية فكنت أشاهد التلفزيون وآكل كثيرا أيضا”. وورثت غلوك اسم عائلتها الألماني من جدين من يهود المجر هاجرا إلى الولايات المتحدة في مطلع القرن العشرين. وولدت في نيويورك العام 1943 في عائلة شجعتها على التعبير الابداعي. ومن بطلات طفولتها الفرنسية جان دارك التي خصصت لها قصيدة قصيرة في العام 1975. عرفت الشاعرة مراهقة صعبة عانت خلالها من فقدان الشهية المرضي. وفقدت شقيقتها الكبرى التي توفيت في سن مبكرة ما شكل صدمة لها. ولم تكمل لويز غلوك دراستها وتزوجت وسرعان ما تطلقت. وبدأت تلفت الانتباه العام 1968 من خلال ديوانها “فيرستبورن” (الطفل البكر). وقد عرفت الاستقرار النسبي من خلال زواجها الثاني فاستأنفت دراستها وأصبحت أستاذة جامعية. وتدرس راهنا في جامعة يال. وقالت الباحثة في مجال الأدب أليسون كوك “من خلال عمل غلوك الشعري نرى أن الكثير من الشخصيات المحورية في قصائدها من النساء فإما تكون امرأة شابة تعرف على أنها ابنة أحد ما، أو أنها أم”. وأضافت “المرأة الشابة في شعر غلوك تندمج في الخطاب النسوي المتواصل منذ عقود عدة حول ما معنى أن يكون المرء امرأة”. وقد أصدرت غلوك 13 مجموعة شعرية كان آخرها “فيثفول أند فيرتشويس نايت” الذي نالت عنه جائزة “ناشونال بوك اوارد”. ويُعتَبَر “افيرنو” (2006) ديوانها الرئيسي وهو تفسير رؤيوي لنزول بيرسيفونا إلى الجحيم وهي أسيرة هاديس إله الموت. وغلوك هي رابع امرأة تفوز بجائزة نوبل للآداب في العقد الأخير والسادسة عشرة فقط منذ بدء توزيع هذه المكافآت العريقة في 1901. وكانت البولندية أولغا توكارتشوك آخر الفائزات في 2018. وأكدت الأكاديمية أن غلوك “تكتب شعرا روائيا حالما يستحضر ذكريات وأسفارا ويتردد ويتوقف لفتح آفاق جديدة. فيه يتحرر العالم ويحلق قبل أن يحضر مجددا بسحر ساحر”.
مشاركة :