الأمير بندر بن سلطان «خزينة معلومات» وحديثه صادقمبادرة الملك فهد واحتضان «بوش» مهدا للمصالحة.. والفلسطينيون «ضيعوها»أبومازن" يعلم أن موقفهم لن يفيد كارتر كان "متقبلا" كثيرًا.. ويريد حلا للقضية القضية الفلسطينية تحتاح حاليا إلى «رافعة عربية»ياسر عرفات قائد طموح.. ولكنه ليس رجل دولةعندما تتحدث مع شخصية غير اعتيادية، تكون شاهدة على التاريخ، ووقفت على ولادة مبادرات، وعايشت وأد «إذا جاز لنا التعبير في ذلك» كثير من المقترحات التي لم تشهد لها رؤية النور.. د. عبدالله يعقوب بشارة أول أمين عام لمجلس التعاون الخليجي، كان تلك الشخصية التي تمتلك مفاتيح أسرار كثيرة، وتفاصيل لمواقف عديدة.المستجدات الدولية الحالية تغيرت الآن، وفي بداية محاولتنا التواصل مع د. بشارة، خاصة بعد التغيرات السياسية الأخيرة، وهو الشخص الذي شهد كثيرا منها، وكان شاهدا على: أين انتهت، وأسباب ذلك، إلا أنه بعد وصولنا إليه وهو يدخل عامه الرابع والثمانين في نوفمبر القادم، كان مرحبا ومنفتحا على الأسئلة، وما زالت ضحكته الكبيرة في مسمعي عندما طرحت عليه موقف القادة الفلسطينيين مؤخرا تجاه الخليج، ولا أخفي تفاصيل الحديث الذي امتد تقريبا إلى 25 دقيقة عبر الهاتف، وكان ملما بتفاصيل الأحداث وكأنها وقعت أمس.في صياغة اللقاء، حرصت على عدم التدخل خارج ما تم تفصيلا لعدم الإخلال بالمعنى، فكان حديثا من القلب لكل قلب سعودي وخليجي وعربي.قال د. عبدالله يعقوب بشارة أول أمين عام لمجلس التعاون الخليجي منذ تأسيسه عام 1981م، إنه بعد تحرير الكويت عام 1991 بادر الملك فهد بن عبدالعزيز «رحمه الله» والولايات المتحدة الأمريكية برئاسة جورج بوش «الأب» والمجموعة العربية على أنه يجب إحلال السلام وبدء استقرار المنطقة، وحل القضية الفلسطينية، وتبنى الرئيس بوش ذلك وقال: «إنه يجب انعقاد مؤتمر عالمي يُعقد في مدريد بعد تحرير الكويت.وبعد مشاورات، اتفق مجلس التعاون بعد طلب الرئيس بوش على أن يتواجد «المجلس» في المؤتمر، وقرر المجلس الوزاري أن يكون الأمين العام ممثلًا له بالمؤتمر.مسؤوليات «التعاون الخليجي»وتحدث د. بشارة مسترجعًا ذكرياته قبل 30 عامًا تقريبًا، والتي تبيّن أنها حاضرة في ذهنه بقوة من خلال سرده للأحداث بتلقائية لافتة، تحدد مواقف ودور مجلس التعاون الخليجي، وبالأخص المملكة في حضور الأمير بندر بن سلطان، قال إن «المجلس الخليجي» صحيح أنهم ليسوا طرفًا مباشرًا في القضية الفلسطينية، ولكن لهم مسؤوليات ومبادرات وجهود ودور عالمي يتوجب عليهم الحضور فيه والمشاركة.وقال: «ذهبت حقيقة أنا مع مشاركة الأمير بندر بن سلطان، وهو كان من واشنطن»، وكان سفيرًا للمملكة في العاصمة الأمريكية من 1983- 2005 وأنا وصلت من الرياض.جناح الأميرواستذكر د. بشارة مؤتمر مدريد قائلًا: كان مؤتمر مدريد عام 1991 مؤتمرًا للسلام عُقد في الفترة من 30 أكتوبر إلى 1 نوفمبر في العاصمة الإسبانية، وكنت أنا في المنصة والأمير بندر بن سلطان بن عبدالعزيز «سفير المملكة في واشنطن حينها»، ساكنًا في فندق مختلف عن مقر السكن الخاص بي، ولكنني أشهد أنه حوَّل جناحه الخاص إلى منتدى سعودي - عربي - فلسطيني، وكانت الوفود الفلسطينية والعربية تتواجد لديه في جناحه الخاص طوال الوقت بعد انتهاء الجلسات الرسمية، وكان بعض الإخوان مثل «مصر، سوريا، والأردن» وأيضًا أنا أحيانًا بشكل مستمر ومتقطع؛ لمناقشة تفاصيل كثيرة.دور صامتوقال د. بشارة: «شهدت الجلسات الطويلة مداولات وتوجيهات ومبادرات ودورًا كبيرًا «صامتًا» وجهدًا يبذله الأمير بندر للفلسطينيين، وبدون إعلان في حينه، وبعد المؤتمر تحوّل إلى نداء شاركت فيها جميع دول الخليج وأفرزت لجانًا متعددة، منها سياسية واقتصادية اقتصادية.. إلخ، وكل دول الخليج شاركت فيها وبدأت التنسيق فعليًا.تطرف الحواروحول موقف الفلسطينيين حينها، وكيف تعاملوا مع المبادرات الخليجية والعربية استطرد د. بشارة : «طبعًا من الجهات الفلسطينية ومشاركاتهم كان هناك سقف عالٍ من المطالب والطموحات، ودور المؤتمر كان تنفيذ القرارات، وأيضًا «تنفيذ الحدود، قرارات مجلس الأمن، وجود الفلسطيني صحيح»، وهذه اللجان تنفذ المطالب المقنعة، بينما قرار وجود الدولة الفلسطينية لم يتحقق لأسباب كثيرة من الفلسطينيين أنفسهم، وأيضًا موقف رئيس الوزراء الإسرائيلي في وقتها كان متطرفًا، وأعلن بيانًا غير بنّاء وكان مزعجًا، وترك المؤتمر.سقف شرعيأما الدور العام والدور الأمريكي فكان يخلق استقرارًا للقضية، ويحاول بناء قرارات للقضية، وخرجنا من المؤتمر بنوع من التفاوض، خاصة اللجان الفرعية، وكامل العملية والقضية الفلسطينية كانت كبيرة ومعقّدة وبحثت في كل مكان، وكانت تحتاج سقف شرعية صحيحًا، ولكن الأحزاب وتحركاتها غيّرت كل شيء.موقف الفلسطينيينوتناول د. بشارة موقف القادة الفلسطينيين مؤخرًا قائلًا: أنا لا أعطيه أهمية، وكانت صدمة ليست فقط للقضية، ولكن كانت لكل الآليات الدولية التي شاركت، وهي لها رؤية وظروف تحكمها عالميًا، والرئيس الفلسطيني محمود عباس «أبو مازن» مدرك تمامًا أن ذلك لن يؤدي إلى شيء، ووصف بشارة الشعب الفلسطيني بأنه شعب مناضل ولا يجب أن يُترك بمفرده.المطلوب والمستحيلوالمطلوب من قبل الفلسطينيين الآن صعب جدًا جدًا، ولن يتحقق، بينما تحسين الممكن إيجاده، ومحاولة تقديمه بشكل أو بآخر بعد مشاورات يمكن حلّه في الوقت الحالي.كل شيء تغيّروحول الاتفاقات المطلوبة حاليًا للتفاوض، قال د. بشارة: «نتحدث عن حدود عام 67 يا ليت يحدث ذلك، ولكن تغيّرت الآن كثيرًا، وبُنيت الآن مستوطنات وتحوّلات كبيرة، من كل الجهات، والأمير بندر تحدث عنها بوضوح، وحديثه كان صحيحًا فيها».واستذكر د. بشارة موقف الرئيس التاسع والثلاثين للولايات المتحدة الأمريكية جيمس كارتر بين عامي 1977 إلى 1981م، وهي فترة كان يعمل بها ممثلًا دائمًا لدولة الكويت بالأمم المتحدة، قائلًا: «كارتر» كان متقبّلًا كثيرًا، وكان يريد حلًا للقضية.عرفات والدولةوتوقف د. بشارة خلال حديثنا معه قليلًا، وعاد إلى حديث الأمير بندر بن سلطان حول الرئيس ياسر عرفات «رحمه الله»: وقوله إنه قائد طموح وليس رجل دولة، مؤكدًا أنه صحيح وأتفق معه.الفرص لا تعوّضوعلّق د. بشارة على المبادرات التاريخية التي مرّت بها القضية الفلسطينية، خاصة المصالحة، بأنها لن تعوّض وقال: إن الفلسطينيين ضيّعوا عليهم مصالحات، والآن يطالبون بما سبق أن عُرض عليهم ورفضوه في حينه.رافعة عربيةوأوضح د. بشارة: «أنا من رأيي أن دولًا عربية مثل الخليج ومصر والأردن يتدخلون في القضية الفلسطينية حاليًا؛ لخلق جو وإعادة احتضان القضية، وتخفيف حدة النقاش المطروح، ونحتاج إلى رافعة عربية ناصحة مخلصة للفلسطينيين والقضية بكاملها.كتابة الحقائقوعن حديث أمين عام مجلس الأمن الوطني السابق الأمير بندر بن سلطان، مؤخرًا، والتحدث بشفافية عن جهود ودور المملكة وقادتها حول القضية الفلسطينية، قال د. بشارة: «إن الأمير بندر لديه خزان من المعلومات» ليس للقضية الفلسطينية فحسب، بل في ملفات عدة عربية، وغير ذلك، وإذا أردنا أن نكتب في كثير من الملفات بدون حقائق فلن نصل ولن نصيب الهدف، ولكن الأمير بندر بن سلطان لديه الكثير من الحقائق، ولا بد للرأي العام العربي والإسلامي الاستماع لها.
مشاركة :