كورونا ينعش سينما الرسوم المتحركة حول العالم | طاهر علوان | صحيفة العرب

  • 10/16/2020
  • 00:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

تظلّ السينما من أبرز القطاعات الفنية والترفيهية التي تضرّرت بسبب تفشي وباء كورونا حول العالم، الأمر الذي عجّل بإغلاق مهرجانات عالمية وتأجيل أخرى إلى العام القادم، ومع ذلك استفادت سينما الصور المتحركة بشكل كبير من الأزمة بسبب حالة الإغلاق العامة ومكوث الناس لساعات أطول في منازلهم، ممّا سرّع من عجلة الإنتاج في القطاع. لا شك أن حقبة كوفيد – 19 قد تركت آثارها على مجمل حركة الإنتاج السينمائي والتلفزيوني من حول العالم، حيث تأثّرت هذه القطاعات إلى حد كبير بسبب القيود التي فرضها تفشي الوباء والآثار الاقتصادية التي خلّفها. ومن بين هذه القطاعات التي تأثّرت بهذا المتغيّر هو قطاع الرسوم المتحركة، وليس القصد هنا بالطبع أن نرثي تأثّره ونُقارب الخسائر التي تكبّدها هنا أو هناك، بل أن نلامس ما هو إيجابي في هذه الأزمة لجهة فاعلية قطاع الرسوم المتحركة من حول العالم وما أتاحه المكوث في المنزل بعيدا عن أماكن العمل إلى استمرار دورات الإنتاج بالتكيّف مع الظرف السائد. إنتاج غزير لعلها نظرة تتراوح ما بين التفاؤل والتشاؤم لجهة استمرار عمليات الإنتاج والعمل على مشاريع جديدة، لاسيما وأن البرمجيات الرقمية الحديثة قد اختصرت الكثير من الجهد والوقت ممّا أتاح للتقنيين والمتخصّصين في الرسوم المتحركة والخدع البصرية وعموم فنون التحريك أن يواصلوا أعمالهم من منازلهم وصولا إلى تسجيل الأصوات من المنزل أيضا في بعض الأحيان. ويشجّع على كل ذلك الطلب المتصاعد والسوق التي تستوعب المزيد من أعمال الرسوم المتحركة، ولاسيما من خلال منصات العرض الرقمي مثل نتفليكس أو المحطات التلفزيونية، خاصة أن الإحصائيات أظهرت في بريطانيا، مثلا، أن ساعات المشاهدة التلفزيونية قد ازداد معدلها بخمس ساعات للفرد الواحد يوميا. من جهة أخرى وبسبب قيود التصوير التي فرضت جرّاء انتشار فايروس كورونا المستجد لجأت بعض شركات الإنتاج إلى تحويل بعض المسلسلات إلى رسوم متحركة، ومن ذلك المسلسل الأميركي الشهير؛ “القائمة السوداء”، الذي تم تحويله بالفعل، وكان بمثابة المفاجأة السارة لمشاهديه. القطاع حقّق في اليابان نموا متصاعدا للسنة السادسة على التوالي بحلول نهاية العام 2019 مقداره 20 مليار دولار ولعل هذا مثال من أمثلة أخرى كانت تحت ظروف القيود التي فرضها الوضع الراهن في جميع بلدان العالم، لكن في المقابل نرى أن فرق أعمال الرسوم المتحركة التي ينتشر بعضها أو العديد منها في الكثير من دول العالم، لم يجد أعضاؤها في التباعد الاجتماعي عائقا لاستمرارهم في عملهم كفريق عمل جماعي منسق، ولاسيما أنهم يعملون بالفعل بشكل متباعد. ولنا هنا أن نتوقّف عند سلسلة من مشاريع الرسوم المتحركة التي استمرت مراحل إنتاجها في وقت توقّفت فيه المراحل الإنتاجية للعديد من الأفلام السينمائية، ومن هذه المشاريع والأعمال التي ما تزال إما في طور الإنتاج أو أنها على وشك الاكتمال والجهوزية للعرض، نذكر: “التنين الأخير”، “الولد الرئيس”، “دورة المخلب”، أو سلسلة “سبونج بوب” وغيرها. المتخصّصون في مجال الرسوم المتحركة وشركات الإنتاج المتمرّسة في هذا المجال تخطّط حاليا لإيجاد آلية تسدّ الفراغ الذي خلّفه تعطّل العديد من المشاريع السينمائية أو تأجيلها من جهة، والامتناع عن الذهاب إلى دور العرض السينمائي من جهة أخرى، واقع يضاف إليه وجود احتمالات بعدم الخروج من حقبة كوفيد – 19 بشكل عاجل، ولربما نمرّ بموجة أخرى، وهو ما يعني بقاء معاناة قطاع الإنتاج السينمائي بما يشجّع شركات ومخرجي ومنتجي الرسوم المتحركة إلى المضي في مشاريعهم وبكثافة ومجهود أكبر لغرض سدّ الفراغ. تحالف ضخم "أمنية أنجيلا في عيد الميلاد" يعرض في ديسمبر المقبل "أمنية أنجيلا في عيد الميلاد" يعرض في ديسمبر المقبل يقول تيم ويبر مدير شركة فريمستور بلندن في تصريح له لصحيفة “الغارديان” البريطانية، إن شركته واصلت العمل على المستويين، الإنتاج السينمائي والرسوم المتحركة. فعلى صعيد الإنتاج السينمائي كان آخر الأعمال هو فيلم الخيال العلمي “سماء منتصف الليل” من تمثيل وإخراج جورج كلوني، بالإضافة إلى أعمال الرسوم المتحركة: “فرقة جون الانتحارية” وإعادة تقديم سلسلة “توم وجيري” برؤى وتقنيات حديثة وغيرها من الأعمال. وفي سباق مع عملية الإغلاق، على سبيل المثال، كانت أستوديوهات يونيفرسال قد أنجزت فيلم الرسوم المتحركة “جولة ترولز العالمية” ليصبح جاهزا للعرض على المنصات البديلة، محقّقا إيرادات وصلت إلى 100 مليون دولار، بعيدا عن دور السينما المغلقة بسبب حظر وباء كورونا. وذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” أن خمسة ملايين مستهلك استأجروا الفيلم لمشاهدته ودفعوا 77 مليون دولار، ما يعني أن الشركة المنتجة حقّقت إيرادات 95 مليون دولار من عائدات ورسوم التأجير الشاملة. ويعتبر الخبراء الإيراد المتحقّق طفرة كبيرة أقوى من الإصدار الأصلي لعام 2016، الذي حقّق 153 مليون دولار خلال فترة عرضه في دور السينما، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى أن شركة يونيفرسال المنتجة قادرة على الاحتفاظ بنسبة 80 في المئة من العائدات الرقمية بدلا من 50 في المئة التي يتلقاها الأستوديو من مبيعات التذاكر. وأما إذا أردنا التوقّف عند تلك الاستمرارية في ضخّ أفلام الرسوم المتحركة وبثّها عبر القنوات الرقمية، فيمكننا أن نذكر فيلم الرسوم المتحركة “أمنية أنجيلا في عيد الميلاد” الذي سوف يعرض ابتداءً من مطلع ديسمبر المقبل، وقد أخذت القصة والشخصيات من أحد أعمال الكاتب فرانك مكورت الحائز على جائزة البوليتزر، ومن إخراج داميان أوكونور. والفيلم يقرّبنا من صورة مغامرات طريفة تخوضها أنجيلا، فيما يعرض العمل فكرة التماسك العائلي الذي يحقّق الترابط الأسري ويرتقي بالمجتمع عامة. في المقابل هناك ترسيخ للترفيه والكوميديا، وهو ما يمكن للمشاهدين الاستمتاع به من خلال سلسلة “جوّالو الكنز” الكوميدية في إطار من المغامرات المشوّقة وهو أيضا من الأعمال الحديثة، والتي تم إكمالها عشية بدء الإجراءات الحالية المرتبطة بتفشي فايروس كورونا. ولغرض تدارك أية أضرار لحقت بهذا القطاع ولأجل ديمومة عجلة الإنتاج فقد أعلن في لندن مؤخرا عن تحالف ضخم ضم أمازون وبافتا وشبكة بي.بي.سي وسكاي وسوني وفياكوم لتقديم دعم يبلغ مجموعه أكثر من مليوني دولار، يستهدف مساعدة الشركات والمنتجين والمخرجين، خاصة في قطاع الرسوم المتحركة لضمان المضي في مشاريعهم وخططهم الإنتاجية ممّا يعطي لهذا القطاع دفعة إنعاش جديدة كان في أمس الحاجة إليها. منافسة يابانية شرسة البرمجيات الرقمية الحديثة مكّنت المتخصّصين في الرسوم المتحركة من مواصلة إنجاز أعمالهم من منازلهم، ممّا أفاد القطاع البرمجيات الرقمية الحديثة مكّنت المتخصّصين في الرسوم المتحركة من مواصلة إنجاز أعمالهم من منازلهم، ممّا أفاد القطاع لا شك أن جمهور الرسوم المتحركة من وسط جميع القصص الإخبارية التي ترد عن كبريات شركات إنتاج أفلام الكارتون يريد أن يعرف آخر ما يأتي من أخبار وإنتاج قادم من تلك البلاد الغافية وسط البحر، ألا وهي اليابان التي يرجع إليها فضل كبير في ازدهار صناعة الرسوم المتحركة من حول العالم في إطار المنافسة التي أرستها الرسوم المتحركة اليابانية. ولأن صناعة الرسوم المتحركة في اليابان وسائر صناعة السينما قد أصابها أيضا ما أصاب الشركات من حول العالم تحت جائحة كورونا، فقد بدأت بدورها تتّخذ تدابير جديدة للتكيّف مع الوضع الحالي. وفي آخر هذه التدابير ما أعلنته شركتا “توي وكودانشا” عن إطلاق مشروع سوف تنظم إليه قرابة 300 شركة يابانية للرسوم المتحركة لتأسيس منصة رقمية تستقطب جمهورا عريضا، من المتوقع أن يصل إلى 300 مليون مشاهد مع حلول العام 2022. أنيميلوغ هو الاسم الذي سوف يعتاد عليه المهتمون بالرسوم المتحركة ومنتجوها ومخرجوها وتقنيوها فضلا عن جمهور المشاهدين، وأنيميلوغ هي المنصة الرقمية الضخمة التي أطلقتها شركة أناليزلوغ مؤخرا إيذانا بانطلاق ذلك المشروع الضخم الذي يراد له من بين أهداف تجارية أخرى السعي لتجاوز آثار القيود التي فرضها تفشي فايروس كورونا المستجد. "جولة ترولز العالمية" حقّق إيرادات وصلت إلى 100 مليون دولار، بعيدا عن دور السينما المغلقة بسبب حظر وباء كورونا "جولة ترولز العالمية" حقّق إيرادات وصلت إلى 100 مليون دولار، بعيدا عن دور السينما المغلقة بسبب حظر وباء كورونا وبحسب ما تسرّب من أخبار، فإن هذه المنصة سوف تعرض سلسلة “بلاك جاك” المأخوذة عن فيلم الرسوم المتحركة (مانغا) “أوسامو تيزوكا”، والذي سبق وأن تم بثّه في عام 2000 بواسطة محطة التلفزيون يوميوري اليابانية. ومن المنتظر أيضا بثّ “الفتى المستقبلي كونان” وهو فيلم رسوم متحركة يعود إلى العام 1978، وهذه المرة سوف تكون السلسلة من إخراج هايو ميازاكي ومن إنتاج عملاق الرسوم المتحركة نيبون. وأما في الوقت الحاضر وإلى حين انطلاق ذلك التجمّع الكبير لشركات الإنتاج على المنصة الرقمية، فقد أعلنت عدة شركات إنتاج مثل كادوكاوا وتوي للرسوم المتحركة وغيرها عن إطلاق قناة في يوتيوب، وهي خطوة يرى فيها القائمون عليها فرصة لاستقطاب جمهور عريض من المشاهدين، بما يتخلّل ذلك من حملات إعلانات لإنتاج تلك الشركات وتحقيق عوائد إعلانية هامة، وهو ما سوف يتحقّق بشكل أفضل ممّا لو كانت تلك الشركات تعمل بشكل فردي. وبحسب تقرير نشرته مجلة فيرايتي في موقعها الرسمي على الإنترنيت حول حجم النمو في قطاع إنتاج الرسوم المتحركة وفق بيانات الرابطة اليابانية للرسوم المتحركة، فإن هذا القطاع حقّق نموا متصاعدا للسنة السادسة على التوالي بحلول نهاية العام الماضي 2019 مقداره 20 مليار دولار وبنسبة نمو سنوي وصلت إلى 10 بالمئة. وتواجه شركات الإنتاج اليابانية من جهة أخرى ما يتسرّب من مواد رسوم متحركة غير مرخّصة، ممّا ينتشر عبر شبكة الإنترنيت وهو ما تسعى الشراكة الرقمية الجديدة للحد منه من خلال بثّ أفلام ومسلسلات الرسوم المتحركة الأصلية التي تعود ملكيتها إلى الشركات المشاركة في هذا المشروع. على أن واقع وخفايا عالم إنتاج الرسوم المتحركة في اليابان يتّسع إلى ما هو أبعد ممّا ذكرنا، ففي تقرير نشره مؤخرا موقع فوكس، تحدّث عن إشكالية الكفاءات البشرية العاملة في هذا الميدان الذي يدرّ أرباحا وفيرة في كل عام. وفي هذا الصدد يقول شينغو آداتشي وهو من المتخصّصين المخضرمين في شركة سوورد آرت أن هناك حاجة متزايدة إلى المتخصّصين الذين هم على مستوى عال من الاحتراف، تتزامن مع الكم الهائل من مسلسلات وأفلام الرسوم المتحركة التي تنتجها اليابان لوحدها، بما يصل إلى 200 مسلسل سنويا وما يتطلبه من فرق عمل متطّورة، وقد ظهر ذلك جليا مع الصعوبات التي ظهرت مع مطلع هذا العام في ظل الإجراءات الاحترازية بسبب تفشي وباء كورونا المستجد. وأما إذا انتقلنا إلى ظروف عمل الكثير من المتخصّصين في الرسوم المتحركة فإن ما يبذلونه من مجهود كبير لا يتناسب مع الأرباح الضخمة التي تجنيها الشركات، لاسيما وأنهم يمضون ساعات طويلة في تنفيذ الرسوم بالتتابع في وقت يتم صرف دولارين على الرسمة الواحدة وبمعدل إنجاز 100 رسمة في اليوم، وهو ما يشكل عبئا على المتفرّغين لهذا النوع من العمل، ما يدفعهم إلى البحث عن أعمال أخرى تجلب لهم دخلا أفضل ممّا يكسبونه من العمل في مجال الرسوم المتحركة.

مشاركة :