اقتصاد الانتباه

  • 10/27/2020
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

يمكن وصف العلاقة التواصلية الحديثة في الشبكات الاجتماعية، في صورتها النهائية، بأنها عبارة عن منتج ومستهلك، بغض النظر عن التصنيفات والتوصيفات والرؤى، ولهذا تصبح المنافسة على عرض المنتجات كبيرة، كأي سوق أخرى، ولكل تاجر طريقته، وحدوده، وإمكاناته. ونظرًا للتزاحم الكبير، في العرض والطلب، ومحدودية الوقت، وتنوع المعروضات ومنصات التقديم، ولدت الحاجة لـ"الانتباه"، كمحرك رئيس وأساسي في عملية الجذب والتلويح، واستخدامه كاستراتيجية جادة للفوز باهتمام المتابعين، أو المستهلكين، دون إدراك منهم بذلك. للسبب المذكور آنفًا، ولقبله وغيره كثير، ولد في السنوات الأخيرة ما يعرف باقتصاد الجذب، أو اقتصاد الانتباه (attention economy) الذي يستدعي ميل المخ إلى تحديد الأهم، وبالتالي التركيز على معلومة بحد ذاتها.. وبشكل مبسط، هو اقتصاد يتكسّب فيه الناس من قدرتهم على جذب انتباه الآخرين، فيُقاس نجاحهم بحجم التأثير الذي يحدث نتيجة ما يبثونه من رسائل في كتاباتهم، أو أفعالهم، أو ردات فعلهم، مما يصب -بشكل مباشر وغير مباشر- على منافعهم الأخرى، المال والشهرة والنفوذ وغيرها. ولذلك، ليس مستغربًا أن تجد كاتبًا أو لاعبًا أو مشهورًا، قرر القيام بفعل لافت، أو غير اعتيادي، أو ربَّما فيه تجاوز للقانون، بعد تراجع اهتمام الآخرين به، أو انحسار الأضواء حوله، ما يتسبب في عودته لنقطة الاهتمام مجددًا. الأغلب يقوم بذلك دون وعي، ولكنهم جميعًا يتشابهون بالطريقة والتنفيذ. ومع الانفتاح التقني، أصبح هذا الأسلوب مستخدمًا بشكل غزير في المواقع الإلكترونية التي تستهدف الزوار، والإعلانات التجارية، والانتخابات بكل أنواعها. وقد اعترف باراك أوباما -غير مرة- باستخدام هذه الأساليب في التصويت، ودعم الأحزاب. ويوجد في الوقت نفسه، أساليب وخوارزميات كثيرة ومتشعبة للتعامل مع هذا النوع من الاهتمام، تستطيع قياس السلوك وفهم الرغبات والأولويات، وطرق التفاعل والتفعيل. في نظري، إن التدفق المعلوماتي الكبير هو السبب الأول لنمو وبزوغ "اقتصاد الاهتمام"، حيث المنافسة الشرسة، وتعدد الخيارات، التي تلزم التلويح من أجل السطوع والبيع، وهذا ما يجب أن تستوعبه الصحف، ومؤسسات المحتوى، حتى المسؤولون، والسلام..

مشاركة :