شتهر المصريون القدماء بالسبق والتأسيس لجميع العلوم ومنها علم التحنيط المذكور عديد من أسراره في عدة برديات منها "بردية ليدن" بهولندا، وسبب لجوء المصريين القدماء إلى التحنيط لإيمانهم بالبعث والحياة الأبدية بعد الموت، والتحنيط عملية تتم فيها معالجة جسد المتوفى للحفاظ عليه سليمًا من التحلّل، وبقاء الجسد بعد الموت ضروري لتتعرف عليه الروح مرة ثانية للأبد. ويعد التحنيط عملية اقتصادية بحته حسب تكلفة المواد المستخدمة والأعشاب والزيوت ولها عدة نماذج منها النموذج الكامل ونموذج الطبقة المتوسطة ونموذج الفقراء. وأساس عملية التحنيط هو تجفيف أنسجة الجسد تمامًا من الماء واستخلاص الدهون لمنع البكتيريا من الوصول إليه. تستغرق عملية التحنيط 70 يوما منها 40 يوما لتجفيف الجسد وتطهيره بوضعه في ملح النطرون (نسبة إلى وادي النطرون بالصحراء الغربية وهو عبارة عن خليط من عدة أملاح منها كربونات الصوديوم وبيكربونات الصوديومونسبة ضئيلة من ملح الطعام). وفي عملية التحنيط الكامل خلال الأسرة الرابعة قبل الميلاد، كانت تزال الأحشاء وتحفظ في أواني تسمى الأوانى الكانوبية(canopic jars) المصنوعة عادة من الحجر الجيري أو الفخار ويرجع تسميتها إلى منطقة «كانوب»، (وهي مدينة أبو قير الحالية)، ولم تكن الأحشاء كلها تحفظ في إناء كانوبي واحد، لكن كانت تحفظ في أربع أواني كانوبية كل إناء يحفظ به عضو معين والغطاء برؤوس أيقونية، تمثل أبناء حورس الأربعة (يمثلون الاتجاهات الجغرافية الأربعة)، ولك أن تخمن ما هي الأحشاء المهمة التي وضعت لملك مثل توت غنخ آمون فى الأوعية الكانوبية، فالبعض سوف يخمن أنه القلب أو المخ. ولم يكن الأمر كذلك، فقد ترك القلب بداخل المومياء لاعتقاد المصريين القدماء بأن القلب هو مركز الروح فتركوه بداخل الجسم، في حين أن المخ يتم التخلص منه. أما الوعاء الكانوبي الذي يأخذ شكل قرد البابون (حابي) يحفظ به الرئة، والإناء الذى يأخذ الشكل الأدمي (امنستى) يحفظ به الكبد، والإناء الذى يأخذ شكل ابن اوى (دوا موتف) يحفظ به المعدة والأمعاء الدقيقة، وكان على شكل الصقر (قبح سنواف) وكان يحفظ به الأمعاء الغليظة. وهذه الأعضاء لافتة للنظر لأن ثلاثة أوعية يحتوون على "الكبد، والمعدة والأمعاء الدقيقة، والأمعاء الغليظة" وهي من أعضاء الجهاز الهضمي والوعاء الرابع للرئة، ومن المدهش فصل المعدة والأمعاء الدقيقة في وعاء، والأمعاء الغليظة في وعاء منفصل. وفي العلوم الحديثة اهتمت بالأمعاء واعتبرت الأمعاء "المخ الثاني للإنسان"؛ لأن عدد الخلايا العصبية في الأمعاء 500 مليون خلية عصبية في حين أن المخ والجهاز العصبي المركزي يحتوي على 100 مليار خلية عصبية، ومن المعتاد الاهتمام بدراسة المومياوات لكن حديثا اتجهت الدراسات إلى الاهتمام بدراسة الأوعية الكانوبية من نواحي علمية وطبية في تطور الأمراض وأطلقت جامعة زيورخ في سويسرا University of Zurich, Institute of Evolutionary Medicine, Switzerland مشروع“CanopicJar Project” منذ عام 2016 حتى الآن... وللحديث بقية...
مشاركة :