جدة ـ ياسر بن يوسف (البلاد) طرحت على المختصين تساؤلاتها حول أهمية وضرورة الغطاء النباتي في حياتنا وخطورة الاحتطاب الجائر، وما أنواع الشجر الذي يستهدفه وانعكاساته على البيئة وتجارب الدول الأخرى في مكافحته. وكان السؤال الذي يفرض حضوره في الساحة، كيف يمكن إيقاف نزيف الفؤوس وحماية البيئة من التصحر وقراصنة التحطيب العشوائي.. هذه الأسئلة يجيب عليها عدد من المختصين. بداية، أوضح الخبير البيئي الدكتور عبدالرحمن كماس، أن عملية الاحتطاب في الماضي لم تكن تشكل خطراً على البيئة، كما هي الآن فقد أصبح لتزايد هذه الظاهرة مخاطر كبيرة على الغطاء النباتي في المملكة، خصوصا وأن بعض الأشجار التي يتم احتطابها يكون نموها بطيئاً جداً وتحتاج إلى مدة زمنية طويلة قد يتجاوز المائة عام لتعود لما كانت عليه. وبين أن أهم الانعكاسات المترتبة على الاحتطاب الجائر هو تدمير الغطاء النباتي، انقراض بعض الأنواع النادرة من الأشجار، وانجراف التربة، وحدوث خلل في التوازن البيئي، مما يكون له مردود سلبي على الحياة الفطرية ، وارتفاع درجة حرارة الأرض نتيجة لتدمير الغطاء النباتي، وقلة خصوبة الأرض؛ حيث إن عدم وجود الأِشجار يؤدي إلى جريان الماء، وزيادة غاز ثاني أكسيد الكربون وغازات الاحتباس الحراري. ولفت إلى أن جميع هذه الآثار السلبية تؤثر على بيئتنا، وبالتالي على حياتنا كأفراد فلذلك وجب علينا الانتباه والحفاظ على سلامة بيئتنا الطبيعية وذلك من خلال إيقاف عمليات الاحتطاب الجائر. رقابة صارمة من جهته، أوضح مدير عام فرع وزارة البيئة والمياه والزراعة بمنطقة مكة المكرمة المهندس سعيد بن جار الله الغامدي أن أعمال الرقابة تأتي بالمقام الأول لحماية البيئة من التعدي وضبط المخالفين وتطبيق ما نص عليه نظام المراعي والغابات ولائحته التنفيذية. وأكد أهمية تعميق القيم الإيجابية في النفوس والنابعة من ديننا الحنيف في المحافظة على البيئة وعدم الإسراف والإفساد بمقدرات وجمال الطبيعة،والدفع بذلك من خلال الأسرة والمدرسة والمسجد ومؤسسات المجتمع، فضلاً عن توسيع دائرة العمل المنظم أو التطوعي في أعمال التشجير في بيئاتها. وبين أن ” الاحتطاب ” بفعل الطلب المتزايد على سلعة تدر المكاسب مورس بشكل جائر وأدى إلى تدهور وتدمير الغطاء النباتي وانقراض بعض الأنواع النادرة من الأشجار وحدوث خلل في التوازن البيئي، الأمر الذي دعا الوزارة إلى سن القوانين والضوابط حماية للبيئة والحياة الفطرية بها، دون إغفال أهمية توفير البدائل من خلال السماح وتقديم التسهيلات باستيراد الحطب والفحم من الخارج وإعفائه من الرسوم الجمركية. و أكد الغامدي ، على أهمية تعاون المواطنين والمقيمين بالإبلاغ عن مثل هذه الممارسات حفاظاً على البيئة، ومنعاً لاستمرار ظاهرة الاحتطاب الجائر، التي تشكل خطراً على البيئة والغطاء النباتي والموارد الطبيعية. واستطرد، أن وزارة البيئة والمياه والزراعة قامت بتوفير حراس غابات في المكاتب والوحدات بجميع المناطق، وخصصت الرقم المجاني (8002472220) للإبلاغ عن المخالفات البيئية. تعاون المجتمع من جهته، أوضح مدير إدارة البيئة المهندس تركي عالي الحميدي أنه يجب الحفاظ على الغطاء الأخضر وتنميته ، وهذا السيناريو لن يتم إلا بتعاون جميع فئات المجتمع وتضافر جهود الجهات الحكومية المعنية والأفراد للمحافظة على هذه الثروة وتنميتها عن طريق تفادي الرعي الجائر والمبكر وعدم قطع الأشجار والشجيرات والأعشاب الخضراء ،كما يجب حراسة أراضي المراعي غير المناسبة للزراعة ، وعدم رمي المخلفات في أراضي المراعي والمتنزهات والأماكن الخلوية الأخرى. أنواع الحطب وحول أنواع الحطب، يقول الباحث العلمي محمد فلمبان :هناك أنواع عديدة للحطب ومنه حطب القرض وهو أفضل أنواع الحطب، وذلك لقلة دخانه، وجودته العالية، ويتميز بجودة جمره الخاصة، حيث يبقى حارًا لمدة طويلة، ويتواجد حطب القرض على سفوح الجبال، وحواف الأودية وهناك حطب السمر ويتميز بقشرته الدقيقة، ويميل لونه إلى الحمرة، ومن الصعوبة كسره لقوة عوده ومتانته، أما دخانه فهو خفيف، لكن جمره قوي، وشديد الحرارة، ويكثر تواجده بالمدينة المنورة ، وهناك حطب الأرطاء ويتميز بعوده الخفيف، ولا تغطيه قشرة خارجية، وهو سريع الاشتعال، وقليل الدخان، ويتواجد بكثرة في صحراء النفود ، وهناك حطب الفضا ويتميز هذا الحطب بدخانه القليل مقارنةً مع الأنواع الأخرى من الحطب، لكن جمره حار جدا أكثر من جمر السمر. لافتا إلى أن حطب الرّمث يتميز بعوده الدقيق، وقشرته الصغيرة، أما لونه فيميل إلى البياض، ووزنه خفيف، وحطبه سريع الاشتعال، أما حطب الحمض فعوده دقيق، وقشرته صغيرة، أما لونه فأكثر دكنة ، وحطبه سريع الاشتعال ، وهناك حطب السلم ويمتلك عوداً دقيقاً، يميل لون حطبه إلى البياض، لكنّ اشتعالَه سريع، وجمره متوسط الحرارة. مقترح لحل المشكلةسبق وأن تفاعلت وزارة البيئة مع مقترح تقدم به الدكتور فهد الخضيري، المتخصص في علم المسرطنات، إذ اقترح أن الحل الوحيد لمشكلة الاحتطاب الجائر يتمثل في فتح باب استيراد الحطب بشكل مباشر وتشجيع استيراده من أفريقيا وغيرها التي تعج بأخشاب متساقطة من الغابات. وطالب أن يتم مراعاة قرار وزارة الزراعة التي تشدد على الحد من ظاهرة الاحتطاب الداخلي باستخدام منتجات بديلة أو مستوردة تنافس الحطب والفحم المحلي من حيث الجودة والمواصفات وتؤدي نفس الغرض، حيث دعت وزارة الزراعة التجار والمؤسسات والشركات العاملة في مجال تجارة الأخشاب وغيرها إلى استيراد الحطب والفحم قبل موسم فصل الشتاء الذي يكثر فيه الطلب على هذه المواد، وخاصة من الدول التي تمتاز بوفرة إنتاجها، ولديها المزايا النسبية، والاستفادة من الإعفاء الجمركي الذي قدمته الحكومة تشجيعاً لهذا النشاط. مع بدء العد التنازلي لإطلالة فصل الشتاء، تكثر المركبات المحملة بالحطب المحلي لبيعه في الطرقات وأماكن التنزه غير آبهة بتعليمات وزارة البيئة والزراعة والمياه الداعية للحد من ظاهرة الاحتطاب التي غزت صحارينا، وأصابتها بالتصحر بسبب ضعاف النفوس من مواطنين ومقيمين، يمارسون الاحتطاب الجائر، مما أثر على الغطاء النباتي الطبيعي، ويتم هذا السلوك العدواني ضد البيئة بالرغم من وجود قوانين صارمة ضد (قراصنة) الغطاء الشجري ، حيث نجد أن أصحاب الفؤوس يتسللون تحت جنح الظلام ويمارسون التحطيب العشوائي . التوازن البيئي وخلص الدكتور كماس الى القول إن أشهر الأسباب التي تؤدي الى إزالة الغابات هي الاحتطاب، وهذا يؤدي إلى الاستغلال المكثف للغطاء النباتي في الغابات، و يؤدي لتدهور الغطاء النباتي وانتشار ظواهر مثل اختلال التوازن البيئي، والجفاف وغيرها، ويعد توفر التقنيات الحديثة والأدوات مثل : المناشير الآلية والسيارات في توسيع عمليات الاحتطاب الجائر وقطع الأشجار، واجتثاث الشجيرات البرية مع عدم الاهتمام بالآثار البيئية والاقتصادية والاجتماعية لهذه العملية .. وأكد على أنه لابد من تفعيل العقوبات وتشجيع الاستيراد الخارجي وقبل ذلك ضرورة تكثيف الحملات التوعوية لأن وعي الفرد بأن سلوكه في الاحتطاب الجائر خطر يهدد سلامة صحة بيئته سيجعله يفكر كثيرا قبل الإقدام على ذلك. وقال إن بعض الممارسات السلبية قد تؤدي إلى تدهور المراعي الطبيعية والغابات وتلوثها مما يؤثر سلباً على التوازن البيئي ويسبب أضراراً اقتصادية واجتماعية وبيئية عديدة. وقد حدد الحميدي 8 مخالفات تستوجب تطبيق الإجراءات النظامية بحق مرتكبيها ، حيث يحذر القانون من القيام بأيِّ عمل من شأنه الإضرار بأراضي الغطاء النباتي، أو الإخلال بالتوازن الطبيعي فيها، وقطع الأشجار أو الشجيرات أو الأعشاب أو النباتات، أو اقتلاعها أو نقلها أو تجريدها من لحائها أو أوراقها أو أي جزء منها، أو نقل تربتها أو جرفها أو الإتجار بها، أو ترك النفايات داخلها، أو دفنها، أو حرقها أو رميها في غير الأماكن المخصصة وإشعال النار داخلها في غير الأماكن المُعدّة لذلك، وإتلاف منشآتها الثابتة أو المنقولة أو قطع سياجات تضعها الجهة المختصة داخلها أو إتلافها، أو العبث في علاماتها الحدودية أو الإرشادية، والرعي في المواقع والمدد المحظورة من الجهة المختصة، وإطلاق فيها أي من أنواع الكائنات الفطرية الحيوانية الدخيلة على البيئة أو الغازية .
مشاركة :