الأشجار تموت واقفة

  • 4/3/2014
  • 00:00
  • 14
  • 0
  • 0
news-picture

بغض النظر عما قاله البعض عن نهاية أستاذ الغناء السعودي الحديث طلال مداح وما سيقوله أولئك الآتون من أنفاق مضيئة أو مظلمة، ليس لنا أو علينا إلا الترحم على رجل وفنان عظيم أعطى عمره للحب دوما ــ إنه رجل لم يعرف في حياته إلا الحب والطيبة والبساطة، وليعي ذلك من يعيه أو ذاك الذي لا يريد أن يعي ــ وأعطى لأحبته من الناس كل دلائل الحب الموشى بالجمال والعذوبة، وأعطى طلال لوطنه في دنيا الفن وعبر الغناء الوطني الحماسي والعاطفي ما لم يعطه أحد قبله في تلك المرحلة، ودليلنا على ذلك ما قدمه في بداياته «وطني الحبيب»، ثم رائعته مع عبدالله الفيصل وطارق عبدالحكيم «أفديك يا وطني»، ثم وصفياته الغنائية الأجمل «حائل يا حائل» و«أبها» وغيرها، لا يزايد أحد علينا في طلال مداح ومصير طلال مداح وإدخالنا في أنفاق هي من شأن الله ــ جلت قدرته ــ وليس غيره، عموما الأشجار الكبيرة والمثمرة تأتي عظمتها في أنها تموت واقفة. وهكذا مات طلال مداح وهو يغني على المسرح، ولا يعرف كثيرون كم هو كان مكتئبا قبل الحفل الشهير في أبها العام 2000 بأشهر عندما بدأت الاستعدادات لغناء الجميع في أبها باستثنائه من قبل الأمير خالد الفيصل ــ أمير عسير يومها ــ الذي أشار للزميل والشاعر الغنائي سعود سالم أن صحة طلال مداح سوف لن تطيق أجواء أبها المرتفعة كثيرا عن سطح البحر، حيث يقل الأوكسجين فدعوه هذا العام ينعم بالبقاء مع أبنائه الصغار من زوجته الأخيرة «أم خالد»، والذين كانوا صغارا يومها، ولا سيما أن طلالا كان قد تعب في موسم صيف أبها الذي سبق ذاك العام. إلا أن حال طلال الذي عايشته شخصيا في تلك الفترة كان بالفعل مضطربا، لا لشيء إلا لأنه كفنان كبير له مكانته العظمى في أي حدث سياحي وثقافي محلي التي ستحدث الكثير من التساؤلات حول غيابه عن حدث يشارك فيه الجميع في الوقت الذي هو متواجد في المملكة، انفرجت أساريره وهدأت نفسه وهو يستقبل سعود سالم الذي جاءه بعقد الحفل، فطلبني لنجلس جلسات الاختيار لأفضل ما يمكن أن يقدم للحفل وفيه ــ ولتلك الحال قصة تروى وليست بالقصيرة ــ ثم سافرت إلى أوروبا ويسافر هو إلى أبها كي لا نلتقى بعد ذلك أبدا. ولأن الأشجار تموت واقفة مات أيضا عظيم الغناء اللبناني نصري شمس الدين وهو يغني في 18 مارس 1983 في لبنان، ومات أيضا محمد عبدالمطلب، وهو يغني في 21 أغسطس 1980 في المغرب. وكثيرون هم الفنانون الذين رحلوا عنا وهم واقفون كما أشجار الجميز لدينا وأشجار سكويا لدى اليابانيين في أقصى شرق الأرض فاصلة ثلاثية: ماذا يقول الفلاسفة في المرأة ــ إذا جلست امرأتان معا.. أحدثتا طقسا باردا. ــ المرأة مفتاح كل بيت. ــ النساء أحكم من الرجال في وقت المحن.

مشاركة :