مثل كل التجارات الأخرى، تحولت تجارة السلاح من الترويج المباشر عبر أسواق أو محلات يعمل بعضها في الظل بعيداً عن الأضواء، إلى الترويج الإلكتروني عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث ركب الموجة تجار مخالفون، يعملون بلا تراخيص، ويروجون للأسلحة بكل أنواعها، بما فيها المرخص، والذي يصل سعره إلى أربعة أضعاف السعر الحقيقي، ما أوجد سوقاً سوداء يتم فيها البيع وفق هوى البائع، وبمزايدات قد لا تكون مصطنعة أحياناً. وأتاحت مجموعات التواصل الاجتماعي المفتوحة عبر برنامج "تلجرام" سوق سوداء مفتوحة على عشرات الآلاف من الحسابات الإلكترونية، حيث تضيف مجموعات بيع الأسلحة إليها مشتركين بشكل يومي دون الحصول على إذن مسبق أو موافقة على الإضافة، ليفاجأ المضاف بوجوده في تلك السوق التي يتم فيها "تثمين" أو "سوم" قطع السلاح والتحريج عليها علنا، ووضع وسائل تواصل وأماكن التقاء لتسليم تلك القطع لمشتريها، وبأسعار تصل إلى 20 ألف ريال للقطعة الواحدة المرخصة، وأحياناً قد تتجاوزها. أسلحة خفيفة وثقيلة تحفل عشرات الحسابات عبر مجموعة واحدة لأسلحة متنوعة بالترويج لأسلحة صغيرة، ورشاشات، وحتى بعض الأسلحة الثقيلة. وتطرح تلك الأسلحة في المجموعة عبر إعلان يذكر مميزات السلاح المعروض، والسعر الأخير الذي "سيم به" أو "ثمن به"، لتبدأ بعدها مزايدات الأسعار، وترتفع الأسعار كلما زادت مميزات ذلك السلاح، خصوصاً إذا تم تسويقه كسلاح مرخص، ليتضاعف سعره نحو 4 مرات أكثر من مثيله غير المرخص. ويتم الاتفاق بين البائع والمشتري خارج المجموعة، وعبر التواصل الخاص، قبل أن يعود البائع إلى طرح قطع سلاح جديدة، أو ذات القطع التي طرحها سابقاً ولم ينجح في بيعها. وتتشابه طريقة بيع تلك الأسلحة مع بيع السيارات في الحراجات، حيث يحدد عمر السلاح ومرات استخدامه ومكان صنعه ونوعه، ويرتفع سعره كلما ارتفعت مميزاته، ويقل كلما قلت تلك المميزات، فيتمسك أصحاب القطع المميزة بأسعارهم ويرفعونها كلما زادت الرغبة والطلب عليها، بينما يبيع آخرون قطعهم بالسوم "الثمن" الذي يعرضه الزبون. وتفاوتت أسعار الأسلحة المطروحة في تلك المجموعات بين 2000 ريال و20 ألف ريال حيث يقفز سعر السلاح مع الترويج له كسلاح مصرح، وجديد. طريقة وأسلوب الإضافة يذكر الخبير الإلكتروني محمد حسن بأن أغلب منشئي مجموعات بيع السلحة يعتمدون على قائمة أرقام يتم تزويدهم بها من قبل شركات أو أفراد لإضافتها إلى قوائمهم في مجموعات التلجرام أو وسائل التواصل الأخرى للتسويق لأي بضاعة يرغبون بترويجها. ويختار كثير منهم المجموعات الكبيرة التي تحتوي على عدد كبير من المشتركين، ويقومون بإضافة المشتركين إلى تلك القنوات عبر الإضافة باسم المستخدم، وهو ما يفسر أن كثيرين يفاجأون بوجودهم في قنوات لم يشتركوا فيها. وقال "هذه الميزة تعد إيجابية بالنسبة لمنشئي المجموعات، لكنها سلبية بالنسبة للمشتركين لأنها تعرضهم لإزعاجات مستمرة بإضافتهم في مجموعات لم يشتركوا فيها". وأضاف "كثير من أصحاب المجموعات يعانون إزعاج وتطفل أصحاب المجموعات المخالفين، والذين يروجون لمجموعاتهم التي تروج لممنوعات أو لأفكار ضالة ومنحرفة ما يدفعهم للاشتراك ببرامج حماية تقوم بحذف جميع الرسائل المخالفة مباشرة حتى لا يتحمل منشئ المجموعات أي مخالفة قانونية عبر مجموعته". اشتراط الترخيص يشير المستشار القانوني المحامي هشام الفرج إلى أن "بيع الأسلحة ولوازمها يقتصر على السعوديين المرخص لهم بالبيع بتراخيص رسمية". ويميز الفرج بين رخصة الاقتناء والحمل وبين رخص البيع، ويضيف "وفق ما جاء في نظام الأسلحة والذخائر الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/45 بتاريخ 25 / 7 / 1426 في المادة الثالثة منه فإنه "يقصر استيراد الأسلحة النارية الفردية والبنادق الهوائية وأسلحة الصيد المعرفة في هذا النظام ولوازمها وقطع غيارها وذخائرها، وبيعها وشرائها على السعوديين المرخص لهم، وفقاً للإجراءات والشروط التي تحددها اللائحة." وبذلك فإن مزاولة البيع والشراء يكون بترخيص خاص بهذا الغرض، ولا يكتفى أن يحوز شخص ترخيص اقتناء أو حمل لسلاح ناري ليقوم بعرض الأسلحة للبيع. السجن والغرامة يوضح الفرج أن عقوبة المتاجرة ببيع الأسلحة المرخصة للاقتناء أو الحمل مذكورة في المادة الواحدة والأربعين من النظام المشار له حيث فيها ما نصه "يعاقب بالسجن مدة لا تتجاوز سنة وبغرامة لا تزيد على 5 آلاف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من ثبت قيامه باستعمال السلاح المرخص له بحمله واقتنائه في غير الغرض المرخص له به، أي مخالفة أي شرط من شروط الترخيص بالاستيراد أو البيع أو الحيازة أو الإصلاح"، مضيفاً أن "ترخيص البيع والشراء والاستيراد والتصدير للأسلحة منفصل عن ترخيص الاقتناء والحمل، وتم تنظيمه في المادة التاسعة من نظام الأسلحة والذخائر، حيث نصت على "للوزير أن يرخص باستيراد الأسلحة النارية الفردية وأسلحة الصيد وأسلحة التمرين والبنادق الهوائية وقطع غيارها ولوازمها وذخائرها، وكذلك بيعها أو شراؤها أو حملها أو اقتناؤها أو إصلاحها، وفقاً للشروط التي تحددها اللائحة". التصرف بالأسلحة المرخصة يكمل الفرج بأن الحالة الوحيدة التي ذكر فيها النظام صراحة جواز التصرف بالأسلحة الشخصية المرخصة بين الأفراد هي المادة الثامنة عشرة التي تتحدث عن إلغاء رخصة السلاح، ونصها "تلغى رخصة حمل السلاح أو اقتنائه في الأحوال المحددة والتي تتضمن إذا تقررت مصادرة السلاح وذخيرته، وإذا فقد المرخص له شرطاً من شروط منح الرخصة، وإذا توفي المرخص له أو فقد أهليته، وإذا تقرر مغادرة المقيم المرخص له المملكة بصفة نهائية ويتم التصرف في السلاح وذخيرته إذا كان الإلغاء بموجب الأسباب السابقة من هذه المادة من قبل صاحب السلاح أو ورثة المتوفى أو وكيلهم الشرعي أو ولي القصر في ضوء ما تحدده اللائحة". وأضاف "ما يحصل من تنازل من أفراد لأفراد آخرين عن أسلحة مرخصة فيتم التغاضي عنه في حال عدم امتهان الشخص للتجارة في الأسلحة من دون حصوله على ترخيص (خاص بالبيع والشراء)، أما إذا قام بالإعلان عن نفسه وتجارته للأسلحة المرخص له بحملها أو اقتنائها فتتم مساءلته وفق المادة الحادية والأربعين المشار لها، وبالتالي فإن الآلية النظامية الوحيدة لعرض وشراء الأسلحة هي عن طريق المرخص لهم ببيع وشراء الأسلحة النارية مثلما حصل في معرض الصقور والصيد السعودي لعام 2019". ملاحقة المتاجرين بقيت ملاحقة المتاجرين بالأسلحة والذخائر مسألة غاية في الأهمية في المملكة، حيث يسود الأمن، وتبقى تجارة السلاح، على الأخص غير المرخص، في أضيق الحدود، وقد تناولت "الوطن" في وقت سابق خبر إلقاء القبض على شاب (34 عاماً) امتهن بيع الأسلحة والذخائر في أحد المواقع في مدينة بريدة، وصادرت 8 بنادق متنوعة و40 مسدسا ناريا و13 ألف طلقة حية، و35 مخزن ذخيرة، وحقيبة خاصة بصيانة السلاح، كانت معدة للبيع. كما اشتكى أهل القصيم من ترويج باعة لأسلحة وذخائر حية محظور بيعها في سوق "الجردة" الشعبي. وكان هؤلاء الباعة يتلقون تلك الأسلحة عن طريق التهريب من بعض الدول المجاورة، ثم يمسحون الرقم المحفور عليها بطريقة فنية، ويعرضونها للمشترين بأسعار عالية. تقنين البيع لم تغلق الجهات المعنية باب بيع الأسلحة الفردية المرخصة، وعلى الأخص ما يتعلق منها بالصيد، وهو الهواية التي تحظى باهتمام كثير من السعوديين. وكان وجود الأسلحة النارية والهوائية في معرض الصقور والصيد السعودي قد لفت اهتمام السعوديين الذي اقبل عدد منهم على اقتنائها، وأتاحت منصة "إبشر أفراد" الإلكترونية للراغبين باقتناء هذه الأسلحة الحصول عليها عبر تنفيذهم عدد من الخطوات الإجرائية، حيث يجدخلون المنصة، ثم بعد ذلك ينتقلون إلى خدمة حجز المواعيد، ثم خانة (تصاريح الأسلحة) وحجز موعد جديد وتحديد الخدمة باختيار "خدمة طلب شراء سلاح ناري" وتحديد منطقة الرياض واختيار الفرع في معرض الصقور والصيد السعودي. وبعد تعبئة العميل النماذج المطلوبة وطباعتها مع الإشعار الخاص بالموعد والموافقة على الشروط والأحكام التي تشترطها الخدمة يتوجه صاحب الطلب إلى مقر المعرض في واجهة الرياض لاستكمال إجراءات التأكد من أهليته، ومن ثم يجري اختيار السلاح المناسب من قسم الأسلحة واستكمال عملية الدفع والحصول على فاتورة الشراء لاستكمال إجراءات التسليم. وحدد لكل مشتر شراء 5 أسلحة كحد أقصى و100 طلقة نارية لكل سلاح. وتأتي تلك الإجراءات في سبيل ضمان اقتناء الأسلحة وفقاً للشروط بحيث يستخدم بشكل شخصي وليس للمتاجرة به إضافة إلى عدم استخدامه لأغراض مخالفة للقوانين والأنظمة المعمول بها في المملكة. وتسهم هذه الخطوات، وهذه المعارض بدورها، في التضييق على مروجي السلاح المخالفين، وتتيج للراغبين خيارات نظامية وقانونية للحصول على ما يرغبونه من أسلحة شخصية يمكن استخدامها لأغراض غير مخالفة. طريقة تسويق الأسلحة - إنشاء مجموعة على برنامج "تلجرام" - يضاف إليها عشرات الآلاف من المشتركين - عرض إعلانات لأسلحة - استعراض المميزات وطرح أسعار أولية للقطع المعروضة - التحريج على القطعة ورفع سعرها بالترخيص والمميزات - التواصل بين البائع والمشتري برسائل خاصة - التسليم بعد الاتفاق في أماكن يحددها البائع متى يتم إلغاء ترخيص السلاح؟ - اذا تقررت مصادرته وذخيرته - إذا فقد المرخص له شرطاً من شروط منح الرخصة - إذا توفي المرخص له أو فقد أهليته - إذا تقرر مغادرة المقيم المرخص له المملكة بصفة نهائية عقوبة المتاجرة بالأسلحة المرخص للاقتناء أو الحمل ـ السجن سنة ـ غرامة لا تزيد على 5 آلاف ـ يتعرض للعقوبة كل من ثبت قيامه باستعمال السلاح المرخص له بحمله واقتنائه في غير الغرض المرخص له به ـ ترخيص البيع والشراء والاستيراد والتصدير للأسلحة منفصل عن ترخيص الاقتناء والحمل
مشاركة :