أظهر رصد لـ"الاقتصادية"، استمرار زخم التداولات الضخمة في السوق السعودية لأدوات الدين، التي تعد أكبر أسواق الشرق الأوسط الحاضنة لإدراجات السندات الإسلامية خلال تشرين الأول (أكتوبر) الماضي. وسجلت أحجام التداولات الثانوية لأدوات الدخل الثابت نسبة نمو توشك أن تلامس السبعة أمثال، وذلك خلال الأشهر العشرة الأولى من 2020، مقارنة بإجمالي تداولات 2019 كاملا، واالبالغة 10.16 مليار ريال. وأظهر رصد وحدة التقارير في صحيفة "الاقتصادية"، وصول إجمالي قيمة التداولات للأشهر العشرة الماضية إلى 68.1 مليار ريال، وهو رقم قياسي يسجل للمرة الأولى منذ نشأة السوق. وشهدت السوق، المخصصة لتداول "السندات والصكوك" في البورصة السعودية، تداولات 8.7 مليار ريال خلال الشهر الماضي وحده. يذكر أن مجلس هيئة السوق المالية قد سمح، في أوائل أيلول (سبتمبر) 2020، للأجانب المقيمين وغير المقيمين بالاستثمار المباشر في أدوات الدين المدرجة وغير المدرجة. للشهر الثالث على التوالي وحافظت بورصة أدوات الدين على تداولاتها المرتفعة خلال الأشهر الثلاثة الماضية، لتسجل بذلك أطول سلسلة زمنية من التداولات المرتفعة المتواصلة منذ أكثر من عشرة أعوام. وجاء ذلك بعد تحسن معنويات المتداولين في ظل ظهور تطورات محلية ودولية تصب جميعها في تشجيع جذب السيولة الأجنبية نحو بورصة أدوات الدخل الثابت الخاصة في السعودية. القادمون الجدد استمر النشاط الملحوظ من شركات الوساطة غير المعينة بصفة رسمية للعب دور صناع السوق، وذلك عندما استحوذت مجتمعة على 54.09 في المائة من أحجام التداولات، التي مرت من خلالها في أول عشرة أشهر من العام الجاري، مقارنة بصناع السوق الخمسة المعينين، الذين وصلت حصتهم إلى 45.91 في المائة من إجمالي التداولات. مع العلم أن صناع السوق الخمسة بدأوا عام 2020 باستحواذهم على 18.7 في المائة من إجمالي تداولات كانون الثاني (يناير). وتظهر هذه الأرقام كيف أن صناع السوق الخمسة المعينين قد أصبحوا على وشك فقدان هيمنتهم على تداولات الدين الثانوية، وذلك للمرة الأولى منذ عامين. وبات من المستبعد عليهم إنهاء العام الجاري عبر تكرار سيناريو نفسه 2019 عندما وصل إجمالي التداولات، التي مرت عبرهم إلى 80.85 في المائة. ومع دخول شركات وساطة قوية هذا العام، فإن المراقبين لا يستبعدون أن تواصل تلك الشركات السيطرة على إجمالي التداولات، خصوصا أن ثلاثا من تلك الشركات هي ضمن قائمة أعلى خمس شركات وساطة من حيث إجمالي أحجام التداولات على أدوات الدخل الثابت المدرجة، وفقا لرصد وحدة التقارير الاقتصادية في الصحيفة. وأشار الرصد إلى أن بعض صناع السوق بشكل عام قد غلب على معظهم تنفيذ العدد الأكبر من الصفقات، مقارنة بغيرهم، في إشارة واضحة إلى جهدهم المبذول في تنشيط التداولات. ويعود أحد أسباب تفوق شركات الوساطة، على صناع السوق المعينين، كون بعض العملاء المؤسسيين يتعاملون مع شركة وساطة معينة، وعليه يتم تنفيذ الصفقات عبرها فقط، ما منحهم الأفضلية من حيث ضخامة أحجام الصفقات، التي أنجزوها خلال التداولات الثانوية في الأشهر الماضية. نمو من 3 خانات في أحجام التداول أفادت بيانات مالية بأن تداولات الأسواق الثانوية لسوق الدخل الثابت في السعودية- تنضوي تحتها أدوات الدين المدرجة للحكومة والشركات- في أول عشرة أشهر من 2020 تعادل أكثر من ست مرات من إجمالي ما تم تداوله في آخر ثلاثة أعوام والبالغة 11 مليار ريال. وتمنح الأوراق المالية الحكومية توزيعات سنوية (أقرب للمضمونة) للمستثمرين، الذين يحتفظون بهذه الأوراق المالية. ويعود سبب إقبال المستثمرين على البورصة المتخصصة لتداولات السندات والصكوك إلى عوامل عدة أهمها البحث عن العائد الأعلى في زمن الفائدة المتدنية. التداولات اليومية أظهر تحليل "الاقتصادية" ارتفاع المعدل المتوسط لإجمالي التداولات اليومية لتبلغ 332 مليون ريال خلال أول عشرة أشهر من العام الجاري، مسجلة نموا 721 في المائة، مقارنة بإجمالي متوسط التداولات عن كامل 2019 والبالغ 40.4 مليون ريال، بعد استثناء الإجازات الأسبوعية والعطل الرسمية. واستندت الدراسة التحليلية على أحدث البيانات الرسمية الصادرة عن "تداول"، التي كشفت عن إجمالي التداولات الخاصة بأدوات الدين السيادية، وكذلك الخاصة بالشركات. علاقة الفائدة مع أدوات الدين معلوم أن القيمة السوقية للصكوك وغيرها من الأوراق المالية ذات العائد الثابت تتغير تبعا للتغيرات، التي تطرأ على أسعار الفائدة وغيرها من العوامل الأخرى، حيث ترتفع أسعار أدوات الدين ذات العائد الثابت، كلما هبطت أسعار الفائدة، وتنخفض أسعار تلك الأوراق المالية كلما ارتفعت الفائدة. والورقة المالية الصادرة عن الحكومة السعودية مضمون فقط سداد الفائدة المعلن لها والقيمة الاسمية لها عند الاستحقاق، وكما هو الحال تماما بالنسبة إلى الأوراق المالية الأخرى ذات العائد الثابت، فإن الأوراق المالية المضمونة من الحكومة ستتعرض قيمتها للتقلب عندما تتغير أسعار الفائدة. السيولة الثانوية بعض الصكوك المدرجة في السوق السعودية، قد تصبح أقل سيولة من غيرها، ما يعني أنه لا يمكن بيعها بسرعة وسهولة، كما أن بعض الصكوك قد يصعب تسييلها إلى نقد لعدم وجود سوق ثانوية بسبب قيود نظامية أو قيود مترتبة على طبيعة الاستثمار أو عدم وجود مشترين مهتمين في هذا النوع من الأصول، وقد يؤثر ذلك سلبا في أداء صناديق شركات الأصول وسعر الوحدة. فمثلا قد تمر سوق الصكوك بفترات سيولة منخفضة بشكل كبير، ما قد يؤدي إلى صعوبة في الحفاظ على أسعار مستقرة و/ أو عادلة في معاملات الشراء (والعكس في حالة ارتفاع السيولة في حالة الحاجة للبيع)، وقد يؤدي ذلك إلى تسجيل خسائر معينة لصناديق شركات الأصول. مشاركة فعالة من صناع السوق أجرت السعودية عدة مبادرات إصلاحية للنهوض بالتداولات الثانوية الخاصة بأدوات الدخل الثابت من سندات وصكوك. وقبل قرار إعادة هيكلة المقابل المادي لجهات الإصدار والمتداولين وما رافقه من خفض لرسوم التداول خلال نيسان (أبريل) من 2019، قامت السعودية بإدراج إصداراتها السيادية وتداولها، وذلك لأول مرة خلال 2018. وتبع ذلك القرار الاستعانة بصناع السوق (المفوضين بتنشيط التداولات الثانوية للإصدارات الحكومية)، وكلا الحدثين جاء في تموز (يوليو) 2018. رسوم التداول في السابق، كانت رسوم التداول توصف من قبل المراقبين بأنها مبالغ فيها، حيث تصل إلى عشر نقاط أساس، ثماني نقاط أساس تذهب للشركات المرخصة (شركات الوساطة) ونقطتان أساس تقسم مناصفة بين هيئة السوق المالية و"تداول". وأحد أسباب حصول الشركات المرخصة على ثماني نقاط أساس يرجع لانعدام السيولة، ما يؤدي لصفقات محدودة شهريا. ولكن مستوى التداولات الشهرية أخذ مسارا مرتفعا منذ إدراج الديون الحكومية، الأمر الذي أدى إلى تعظيم أعداد وقيم الصفقات المنفذة. وفي شهر نيسان (أبريل) 2019، تم الإعلان عن حزمة من الإصلاحات، التي طال انتظارها من قبل المتعاملين في أسواق الدخل الثابت في السعودية، حيث تم إعادة هيكلة المقابل المادي للخدمات المقدمة لجهات الإصدار والمتداولين. وإعادة هيكلة الرسوم تعد موجهة لشريحتين، الأولى جهات الإصدار وهذه التعديلات ستسهم في تخفيض الرسوم ذات الصلة بالإدراج في البورصة، وذلك بنسبة تلامس 25 في المائة، وهذا الرقم قد يزيد وينقص، وفقا لعوامل متغيرة تتعلق بجهة الإصدار. الشريحة الأخرى لمصلحة المستثمرين، حيث تم تخفيض رسوم التداول، إذ تصل حصة شركة تداول ما بين نقطة أساس إلى نصف نقطة (باستثناء الحالات التي يكون فيها أي من البائع أو المشتري متعاملا أوليا محددا). وينتظر لقرار رفع الضوابط الخاصة بعمولة شركات الوساطة، عبر إزالة الحد الأدنى والأعلى الخاص بتنفيذ صفقات الشراء والبيع، أن يقود لإيجاد المنافسة بين تلك الشركات عبر تقديم رسوم منخفضة لجذب العملاء. ففي حال تنفيذ أي صفقة صكوك، تستقطع "تداول" حصتها من المقابل المادي، وكذلك شركة الوساطة، التي تم أمر الشراء أو البيع من خلالها. وكان مجلس هيئة السوق المالية قد أصدر قراره في تموز (يوليو) 2020 باستمرار إعفاء المصدرين الراغبين في طرح أدوات دين طرحا عاما من سداد المقابل المالي المحصل للهيئة عند تقديم طلب تسجيل أدوات دين، وعند دراسة طلب تسجيل أدوات الدين، وعند تسجيل أدوات الدين وذلك حتى نهاية 2025. وبينت هيئة السوق المالية أن تلك المبادرة تأتي في إطار سعيها إلى تعزيز البيئة التنظيمية والاستقرار في السوق المالية، وتحقيقا لدور السوق المالية في تسهيل التمويل وتحفيز الاستثمار وتقديم الدعم اللازم للحفاظ على سلامة واستقرار القطاع المالي وجميع المشاركين فيه. شركات الوساطة أسهمت زيادة السيولة المتداولة خلال النصف الأول بتعجيل دخول شركتين وساطة جديدتين. وبذلك ترتفع أعداد شركات الوساطة من 12 إلى 14 شركة نشطة في أسواق الدخل الثابت الثانوية، حيث شهد حزيران (يونيو) الماضي، دخولا لافتا لإحدى شركات الوساطة المتمرسة في تداولات سوق الأسهم. وحققت أعداد شركات الوساطة، التي انجذبت لتداولات أسواق الدخل الثابت نسبة نمو تصل إلى 16.6 في المائة بعد دخول شركتين جديدتين خلال النصف الأول من هذا العام بعد أن أنهى عام 2019 عند 12 شركة. مع ارتفاع قيمة وحدة الصك الواحد، التي تعادل 1000، مقارنة بأسعار الأسهم، فهذا يعني أن المعدل المتوسط لقيمة صفقات الصكوك الحكومية (للصفقة الواحدة) لكل مستثمر فرد ستكون أعلى عند مقارنتها بصفقات الأسهم. وعليه فمن الطبيعي أن تزداد رسوم تنفيذ صفقات شراء وبيع الصكوك، التي تتحصلها شركات الوساطة. وفي الوقت، الذي تبلغ فيه أعداد شركات الوساطة المالية في سوق الأسهم السعودية 31 شركة، يتفاوت هذا الرقم مع سوق الصكوك والسندات، فبعد الرجوع لشركات الوساطة كافة، التي نفذت صفقات شراء وبيع في السوق الثانوية (لأسواق الدين السعودية) خلال ثلاثة أعوام يتضح أن أعداد شركات الوساطة، التي تم رصدها هي 14 شركة (من بينها خمس من صناع السوق). إجمالي قيمة أدوات الدين المدرجة ارتفعت قيمة الصكوك والسندات المدرجة (شاملة للإصدارات الحكومية والشركات) في السعودية إلى 372.7 مليار ريال بنهاية الربع الأول من 2020، مسجلة نموا 24.3 في المائة، ما يعادل 72.96 مليار ريال، مقارنة بقيمتها بنهاية الربع الأول من 2019 البالغة نحو 299.74 مليار ريال. وعلى أساس ربعي، ارتفعت قيمتها 5.1 في المائة، ما يعادل 18.2 مليار ريال، مقارنة بقيمتها بنهاية العام السابق 2019 البالغة نحو 354.5 مليار ريال. ووفقا لرصد وحدة التقارير في "الاقتصادية" استند إلى بيانات شركة السوق المالية "تداول" وبيانات هيئة السوق المالية، تعود قيمة الصكوك والسندات المدرجة، إلى 104 ملاك بنهاية الربع الأول 2020، مقارنة بـ 99 مالكا بنهاية 2019 ومقارنة بـ 69 مالكا بنهاية الربع الأول 2019. وتقسم ملكية الصكوك والسندات المدرجة إلى أربع فئات: الأفراد والشركات والجهات الحكومية وشبه الحكومية والصناديق شاملة صناديق الاستثمار الخليجية. حيث بلغت قيمة ملكية الأفراد للصكوك والسندات المدرجة 72.0 مليون ريال يملكها 26 فردا بنهاية الربع الأول من 2020، مقارنة بـ74.5 مليون ريال يملكها 24 فردا بنهاية 2019. وحدة التقارير الاقتصادية
مشاركة :