تمتلك الكويت مقومات كبيرة لإحداث نهضة تنموية شاملة ومستدامة، تضعها في موقع دولي يتكافأ مع ما تملكه من مقومات تشمل اعتدالها السياسي ونهجها الديمقراطي في الحكم وموقعها الجغرافي المتميز وثروتها البشرية المنفتحة وصناعتها النفطية المتكاملة داخل وخارج أراضيها. والكويت بهذه المقومات وما تتمتع به من مخزون نفطي يمتد عبر قرون من الزمن القادم تضمن نجاح خططها التنموية إذا هي استجابت لدستورها وجعلت النفط محوراً أساسياً لهذه الخطط، كما جاء في المادة 21 من الدستور: "الثروات الطبيعية جميعها ومواردها كافة ملك الدولة، تقوم على حفظها وحسن استغلالها، بمراعاة مقتضيات أمن الدولة واقتصادها الوطني". إن برميل النفط الأسود بعوائده المالية التقليدية ينبغي أن يتحول إلى برميل ذهبي يحمل عوائد مضاعفة، وفق خطة كويتية تحقق مصدر دخل رديفا يقودها أبناء الكويت بأسرع ما يمكن، ليعود على الكويت بأمن مستدام واقتصاد متنام، وسوف تتمكن الكويت من عمل ذلك إذا قامت بتطوير صناعاتها النفطية التي تعد الصناعة الكويتية الوحيدة المعتمدة لدى العالم أجمع، بما تملكه هذه الصناعة من قدرة على المساهمة الفاعلة في نمو واستقرار الاقتصاد العالمي، فالكويت ضمنت للعالم على مدى يقارب 70 عاماً سلامة وجودة الإمدادات النفطية من الكويت الى كل المستهلكين، كان ذلك هو الحد الأدنى الذي ساهمت به الكويت لتحقيق الاستقرار العالمي. إن التوسع في الصناعات النفطية وجعلها المحور الأساس لخطة التنمية سيحقق وفرة مستدامة في فرص العمل لأبناء الكويت، ويضمن استدامة دولة الرفاه للشعب الكويتي، وأن ادعاءات المتشائمين الذين يروجون لنظريات نضوبة النفط قد فشلت فشلاً ذريعاً، وقد عجزوا عن الإجابة عن السبب وراء تزايد الإنتاج العالمي ومخزونه من النفط عاماً بعد عام منذ اكتشافه. إن تطوير الصناعات النفطية يشمل نوعين من الصناعات؛ الأولى صناعات توفر منتجات نفطية متعلقة بالنفط كطاقة، والثانية صناعات توفر مواد أولية لحاجات الإنسان اليومية لا ترتبط بالطاقة، أي أن النوع الثاني من الصناعات ستستمر الحاجة إليه حتى وإن توقفت الحاجة إلى النفط كمصدر للطاقة. وأن هذا النوع من الصناعات سيتشكل كنتاج لعملية البحث والتطوير والاكتشافات العلمية، وتلك هي الإضافة البشرية التي تقدمها الكويت لاقتصاد المعرفة النفطية من جهة وللحضارة الإنسانية من جهة أخرى. ينبغي أن ننبه أيضاً إلى أن ما يسمى ببدائل الطاقة التي يدّعي البعض أنها ستزيح النفط عن مكانته ما زالت هذه البدائل عاجزة عن تحقيق ذلك، لتكلفتها العالية وعدم كفاءتها على المنافسة أمام النفط، وأن ما توقعه البعض من حرب تنشب بين هذه البدائل والنفط لم تحدث قط في الماضي، ولن تحدث مطلقا في المستقبل، وذلك لأن نمو أعداد البشر وحاجتهم للطاقة يفوق حجم جميع الطاقات المتوافرة مجتمعة حالياً وعلى المدى البعيد. في عام 2012، انبرى مجموعة من المبادرين الكويتيين من تخصصات ومستويات أكاديمية عالية لإطلاق نهج جديد في وضع الخطط، وقد تم بناء هذه الخطط على أساس أن تكون الثروة النفطية التي حبانا الله إياها هي المحور الرئيس لهذه الخطة. لقد تم في السنوات الماضية إجراء دراسات اقتصادية عديدة عن الوضع المالي في الكويت، منها تقارير البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ولجنة تصحيح المسار الاقتصادي والوثيقة الاستراتيجية التي أعدها رئيس وزراء بريطانيا الأسبق توني بلير وفريقه الذي شكّل من كويتيين وغيرهم، وتقارير أخرى منها تقارير برلمانية، حيث أجمعت كل هذه التقارير على أن الكويت بحاجة إلى إصلاحات هيكلية في بنيتها الاقتصادية. حددت المبادرة تصورها لمعالجة التحديات المذكورة خلال السنوات العشر القادمة، وأضافت إليها ما استجد من أحداث فرضها وباء كورونا وتبعاته، أخذت المبادرة على عاتقها تمهيد الطريق لتحقيق الرغبة السامية لسمو أمير البلاد، هذا التصور سيؤسس لأن تكون مبادرة "الكويت عاصمة النفط في العالم" بمنزلة المنصة الفولاذية. اتخذت المبادرة من تلك الجهود منصة لها لانطلاق رؤية أرحب لتكون الكويت عاصمة النفط في العالم. لقد استقطبت مبادرة "الكويت عاصمة النفط في العالم" اهتمام ورضا كثير من المتابعين والمتخصصين، ويكمن السبب في أنها تمكنت من رصد وتحديد الإصلاحات الهيكلية المطلوبة، وقدمت حلولا عملية وواقعية من شأنها تعزيز البنية الاقتصادية بشكل مستدام. لكي تصبح الكويت عاصمة نفطية، عليها أن تلبي متطلبين اثنين هما: أولا: أن تتمكن الكويت من خلق اقتصاد قوي متنام يقوم على قواعد ثابتة لا تتزعزع. ثانيا: أن تتمتع الكويت باستقرار أمني متين يستند إلى مقومات راسخة ومستدامة. Twitter @aarbeed*
مشاركة :