بشر وحجر / النسبة النوعية للعمالة الوطنية | اقتصاد

  • 8/17/2015
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

التقيت صدفة بأحد الأصدقاء أخيراً وهو من الذين كانوا يشغلون منصباً قيادياً في القطاع الخاص، وأثناء تبادلنا الحديث بين لي أنه بعد تقاعده من منصبه قرر العمل في المجال التجاري وبالأخص قطاع المقاولات. وشكا مر الشكوى من حجم الفساد المتأصل في قطاع المقاولات وكيف يتم ترسية المناقصات بطرق ملتوية، وكيف يتم وضع المواصفات بطريقة تخدم أحد المتنافسين، وكيف تتم محاربة من لا يقدم الرشاوى والعمولات، وكيف يتم تغيير المواصفات أثناء التنفيذ لتقليل التكاليف على المقاول وزيادة أرباحه، وتخريج عملية التغيير بطريقة قانونية تتمحور في الغالب حول التوفير على العميل (الحكومة) بدون الالتفات إلى تأثير ذلك على الجودة المطلوبة، وغياب المتابعة والمحاسبة. إلا أن أكثر ما لفت انتباهي هو ما ذكره صديقي من أنه بالرغم من عقده العديد من الاجتماعات مع المسؤولين في شركات المقاولات الكبرى والمكاتب الاستشارية، سواء تلك التي تصمم المشاريع أو التي تشرف على التنفيذ ممثلة للمالك أو للمقاول، فإنه لم يجد أثناء تلك الاجتماعات بالرغم من كثرتها أي مهندس أو مسؤول كويتي من ضمن فريق تلك الشركات أو المكاتب الهندسية، بل الأدهى من ذلك فإنه وجد بعض المتدربين من المهندسين الوافدين. وعدم وجود أي مواطنين في الوظائف المهنية والوسطى والعليا أصبح ظاهرة ملحوظة في العديد من الشركات. ويلاحظ أخيراً ظاهرة خلو مكاتب الخدمة في بعض الشركات من الموظفين الكويتيين، وهي التي كانت تعج بهم إلى وقت قريب، وحتى القطاع المصرفي لم يسلم من هذه الظاهرة، إذ يلاحظ تزايد الوافدين في مناصب الإدارة الوسطى والتنفيذية بحيث تطالعنا الصحف يومياً بصور الوافدين الذين يتم تعيينهم في هذه المناصب وهي سبة في جبين القطاع الذي مضى عليه أكثر من نصف قرن من الزمان ومازال عاجزاً عن تكويت مناصب الإدارة التنفيذية ولا يزال يعج بالوافدين في تلك المناصب، كما يلاحظ أيضاً استفحال ظاهرة تمثيل الوافدين للشركات التي يعملون بها في مجالس إدارات الشركات التابعة، وتهميش دور الكويتيين العاملين في تلك الشركات. وقد كنت قد تطرقت سابقاً إلى هذا الموضوع بحيث ذكرت أن القطاع الخاص ليست لديه رغبة جادة في عملية تكويت الوظائف، وأنه مجبر حالياً على تعيين الأعداد الدنيا التي تفرضها القوانين عليه لممارسة عمله. ومن المعروف أن الشركات التي تتقدم للمناقصات الحكومية يجب عليها تقديم ما يسمى بشهادة دعم العمالة الوطنية لاستيفاء شروط المناقصة، وبذلك فإن تلك الشركات تلجأ إلى تسجيل العديد من المواطنين (غالبيتهم من الإناث) من عديمي التأهيل ومن ذوي التعليم المحدود تسجيلاً وهمياً على كشوف عمالتها، ليتقاضى هؤلاء علاوة دعم العمالة من الدولة ولايتقاضون أي رواتب فعلية من تلك الشركات، وبذلك تستوفي الشركة العدد المطلوب للتقدم للمناقصات المطروحة، بينما لو بادرت الجهات الحكومية المسؤولة إلى وضع قائمة سوداء تتضمن الوظائف التي يحظر التعيين عليها من الوافدين وقصرها على الكويتيين، وبحيث تتضمن تلك القائمة عدداً محدداً من المناصب الإشرافية والتنفيذية التي يجب شغلها بالمواطنين وبحيث يتم زيادتها سنوياً، فإن ذلك سينتج عنه حتماً زيادة فعلية حقيقية للمواطنين العاملين في القطاع الخاص، وسيخلق مع الوقت طبقة مهنية احترافية من المواطنين، كما سيجبر الشركات على زيادة جهودها لتدريب العمالة الوطنية لشغل تلك المناصب، ويساهم مع الوقت في القضاء على ما يسمى بالعمالة الوهمية. وإضافة لذلك فإن تزايد أعداد الوافدين في مجالس إدارات الشركات يقلل كثيراً من جهود التكويت، وبذلك فإنه يجب وضع القواعد التي تمنع الوافدين من عضوية مجالس إدارات الشركات ما لم يكونوا ملاكاً يملكون حصصاً مؤثرة فيها مع حصر تمثيل المالك بالمواطنين. انتهى زمن المجاملات والتغاضي عن تلك الشركات والموضوع يحتاج إلى وقفة جادة من المسؤولين، لتحديد الوظائف المطلوب تكويتها في القطاع الخاص ومنع توظيف الوافدين عليها، وإذا كانت سياسة الجزرة لا تنفع فإن المطلوب هو اللجوء إلى سياسة العصا. والله المستعان...

مشاركة :