تأملات إنسانية

  • 8/19/2015
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

عجيب حال هذا المخلوق الذي يجمع بداخله كل تناقضات الحياة فهو اصل الداء وهو من يجتهد من اجل اكتشاف الدواء، فالإنسان الذي يتاجر بأخيه الانسان هو نفسه الانسان الذي يكافح ويناضل من اجل وقف تلك الجريمة البشعة. الانسان الذي يلوث ويدمر الارض ويسمم مياه البحر والنهر هو نفسه الانسان الذي يزرع الورد ويحرث الارض. الانسان الذي يخوض غمار الحروب ويمثل بالجثث الموتى هو نفسه الذي يجلس على طاولة المفاوضات وامامه كؤوس الكرستال ليبرم اتفاقيات السلام. في زمن التطور الحضاري والترف المعيشي، وصلت ناطحات السحاب إلى السماء، وغزا الانسان الفضاء ويمكن الانتقال من قارة الى آخرى بدون باخرة او قطار. فبقدر اننا متحضرون فنحن متوحشون بدليل ان اصبح الانسان سنداً قابلا للصرف. ان كل ما كتبُ وما سيكتب في مختلف حقول الادب والثقافة هي دعوة موجهة من الانسان إلى الانسان لوقف أكل اللحوم لتجفيف منابع التوحش الساكنة في النفوس البشرية، انها دعوة لان يرحم الانسان اخاه الانسان والعيش في سلام واحسان، وان يدرك الانسان ان العيش على هذا الكوكب الارضي مؤقت ولا شيء يدوم للابد، انها دعوة إلى انعاش الضمير الانساني وان نسخر التشريعات والثورة المعلوماتية والاكتشافات العلمية في خدمة البشرية. انها دعوة للرجوع إلى احضان الطبيعة وهجر الحضارة الاسمنتية التي حجرت القلوب البشرية. انها دعوة إلى ان نتقاسم رغيف الخبر ليشبع الفقراء ويسعد الاغنياء انها ليست دعوات افلاطونية ولا احلاما وردية انه اليقين المؤكد حين قال العزيز في كتابة الحكيم: إن الله لا يغير ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم وحين قال اليسوع ابن مريم احبوا بعضكم البعض وحين حث بوذا ابن الله اتباعه إلى المحبة وفعل الخير. وحين اسس بهاء الله الديانة البهائية على الطهر في القول والفكر والعمل، وحين دعا قومه إلى ترك الرذائل والتمسك بالفضائل ونشر الالفة والوئام وصهر امم العالم في نظام يسوده السلام ووحدة الجنس البشري. ان احترام خليفة الله يعني احترام الخالق وهذا يتطلب بناء المجتمعات على اساس من العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص ونبذ كافة صور العنصرية. ففي زمن داعش ومرض ايبولا والاتجار بالبشر فمازال هناك بارقة للأمل فسحة للتأمل والعيش بسلام مع الطير والشجر

مشاركة :