تأملاتٌ في إنسانية الشعور

  • 11/17/2017
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

تطوفتُ بين العديد من دواوين بعض المعاصرين ؛ فاستقرت بين يدي ثلاثة دواوين للشاعر الدكتور : عبدالرحمن العتل ( خفق الكلمات ، ودفتر من أرق ، وغيابة الكهف ) وعند التصفح لها،وتأملها؛رأيت ما نُثر من مشاعر صادقة ، بلغة شاعرية بسيطة، وتذكرت حينها تصنيف الشعراء حين قيل: الشعراء فاعلمنَّ أربعة : فشاعر يجري ولا يُجرى معه، وشاعر يجولُ وسْط المعمعة، وشاعر لا تشتهي أن تسمعه، وشاعر لا تستحي أن تصفعه. وتذكرت تباينهم في البوح ، وإحساسهم بغيرهم ، أوأنانيتهم التي تمتزج عندبعضهم بالنرجسية ، أواضطراب الدواخل قبل التجربة الشعرية وأثنائها؛ فكانوا: -الشاعر الإنسان الذي يبوح لِيشارك من حوله تجاربه بصدق . -الشاعر الأناني النرجسي الذي لايتحدث إلا عن ذاته ولو تظاهر بتفاعله مع الآخرين. -الشاعر المضطرب المُتخبط في التعبير عن ذاته؛ فتجده مُبهمًالايفهم حتى نفسه ! وكان (العتل )من الصنف الأول . وكان الشاعر الصادق مع ربه ، والابن المحب لوالديه ، والزوج العاشق ، والأب الحاني ، والمواطن المُحب لوطنه ومجتمعه وصداقاته . كانت تلك الدواوين درسًا في العلاقات الشاعرية ببساطتها وسلاستها. يقول في رسالة إلى صديق أحبه من ديوان : دفتر من أرق . أنا في الوصل سيانٌ .. بما أبدي وماأُخفي ... بياضٌ كُلُّها لُغتي.. وما فعلي بِمُلْتَفِّ ... على شفتيّ ما في القلب .. من قول ومن وصفِ ثم تأملوا تلقائيته في : قالت أحبك من ديوان : دفتر من أرق قالت أُحبُّك قلت : يا اللهُ كم أبدعت هذا الكلامَ شِفاهُ ! قالت : أُحبُّكَ قلت: أنت حكايةٌ أبطالُها الكلماتُ والأفواه وها هو ذا يمنح المحبوبة أضعاف ما تأمل من حبه وقربه ؛ حين يقول في قصيدة: مفارقة من ديوان: غيابة الكهف: قالت بكيت على فراقك ساعةً قلتُ البكاءُ عليك صار حياتي قالت أُحبك قلت أنتِ حبيبتي وجميلتي ووحيدتي وحياتي ويتوالى الإحساس بالآخرين حين يبعث سلامه لأستاذه الذي ودعهم عائدًا لوطنه في قصيدة طائر النيل من ديوان : خفق الكلمات. سلامٌ عليك سلامًا يمسُّ رؤوسَ الغمامْ سلامٌ عليك سموق النخيلْ ووشوشةَ البحرِ عند الأصيلْ وتعسًا مريرًا لمن أبعدوكْ وكانوا قُساةً وما قدروكْ ويمتد تألمه للكادحين من حوله في طلب الرزق لِيُهدِيَهم بعضَ خفقه في (الكادحون) من ديوان : خفق الكلمات . الراقدون على الرصيف حياتهم مصلوبةٌ في أجذُعِ الآلامِ تطوى على الظمأ المرير كبودهم ويبُلُّها ملح الجبين الهامي وهناك الكثير من الصدق مع الوطن والعالم من حوله . فهنيئًا للشعر وللشاعر هذا النمير الصافي

مشاركة :