دشّن رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي حربه على الفساد، الذي ينخر مفاصل الدولة منذ سنوات، وارتفعت مؤشراته ما بعد العام 2011، حيث إنه ولأول مرة قامت إحدى حكومات ما بعد «الثورة» بإقالة وزير، والدفع به مرفوقاً بعدد من كبار المسؤولين إلى القضاء بتهمة الفساد. ويرى المراقبون أن المشيشي الذي وصل إلى رئاسة الحكومة كونه مستقلاً، دخل حرباً طاحنة من المنتظر تطورها في تسلسل حلقاتها نظراً لاتساع دائرة الفساد في البلاد، والذي يشمل مختلف القطاعات الحيوية، لافتين إلى أن هذه الحرب ستضعه في مواجهة معلنة مع قوى سياسية وحزبية وإدارية ولوبيات اقتصادية ومالية متورطة في ملفات، لا تريد أن يتم الكشف عنها حتى لا تتسبب في إطاحة رؤوس كبيرة في المشهد الحالي. ويرجح محللون أن تشن مراكز نفوذ متورّطة في ملفات فساد، حملات شرسة، بهدف إطاحة المشيشي، سواء من خلال الضغط البرلماني أم من خلال الدفع نحو الرفع من نسق الاحتجاجات في مختلف المناطق والفئات، فيما حذّر فاعلون سياسيون من أن هناك من يعمل على طمر الوثائق في ملف الفساد في وزارة الشؤون المحلية والبيئة. وقال النائب عن التيار الديمقراطي نعمان العشّ: إن هناك جرائم يتمّ ارتكابها بالوكالة الوطنية للتصرف في النفايات التابعة للوزارة، من خلال إتلاف لوثائق مهمة تمثّل قرائن جدية على جرائم وتجاوزات مرتبطة بملفات بيئية، وقد تكون لها علاقة أيضاً بملف توريد النفايات، ويتورط فيها عديد كبار المسؤولين. ووفق الرئيس السابق للهيئة الوطنية لمكافحة الفساد في تونس، شوقي الطبيب، فإن خسائر بلاده سنوياً من الفساد تبلغ نحو 3 مليارات دولار، مشيراً إلى أن تراكم الخسائر في العديد من المؤسسات يضعها على مشارف الإفلاس، ومؤكداً أن مؤسسات القطاع الحكومي التي تساهم بنحو 15 في المائة من الناتج المحلي للبلاد، تعاني من سوء تصرف مالي وإداري. وحلّت تونس في المرتبة 74 من أصل 180 بلداً مصنفاً في مؤشر مدركات الفساد للعام الماضي، بعد أن كانت في الـ 59 في العام 2010، وهو ما أرجعته منظمة الشفافية العالمية، إلى غياب الإرادة السياسية التي تجلّت في تواصل ظاهرة الإفلات من العقاب، وتواصل ظاهرة انتقائية تحريك ملفات الفساد، وعدم تطبيق قانون حماية المبلغين. تابعوا أخبار العالم من البيان عبر غوغل نيوز طباعةEmailفيسبوكتويترلينكدينPin InterestWhats App
مشاركة :