لَا أَعرف مَدَى صحّة المَثَل القَائِل: «أَقصَر الطُّرق إلَى قَلب الرَّجُل مِعدته»، فذَاك شَأن المُتزوِّجين، وكُلُّ يُغنّي عَلى بَطنه.. لَكنّي أَكَاد أُجزم بأنَّ أَقصَر الطُّرق إلَى عَقل الإنسَان «الاختصَار»، أو «التَّلخيص»، أو الإيجَاز.. مِن هُنَا تَبلوَرت فِكرة «القصص القَصيرة»، إيمَاناً بأنَّ القَوم الذين يُحبّون العَاجِلَة، سَئِموا الشُّروحَات والفَذْلَكَات، والمُطوّلات والتَّحليلات، التي تزيد الأفكَار تَعقيداً، وأنَّه مِن الفَاضِحَات تَوضيح الوَاضِحَات.. لهَؤلاء الأعزّاء والعَزيزَات، تَنثر قصَارى القصَص جديدهَا –عَلى نَفس المَقَام الاختزَالي-، وفق فَلسفة شَيخنا عبدالرحمن المعمّر: «مَا قَلّ ودَلّ.. لَا مَا كَثُر وأَضَلّ»: * سَألني صَديقي: مَتَى سَيمدحك النَّاس ويَكتبون عَنك؟ قُلت: إذَا حَدَث ذَلك؛ فستَجد اسمي في صَفحة «الوَفيّات»، لأنَّنا قَومٌ لَا نَذكر مَحاسن النّاس إلَّا إذَا مَاتوا..! * سَألني: مَاذا يَشغل بَالك الآن؟ قُلت: يَشغل بَالي سُؤال قَديم، دَائماً أَطرحه عَلى نَفسي، يَقول: «لِمَاذا عُمْر الحُبّ قَصير؟ وعُمر الكَراهيَة طَويل»..؟! * سَألني: مَن هو صَديقك الذي تَشعر حيَاله بالشَّفقة؟ قُلت: هو ذَلكم الصَّديق المسكين؛ الذي يَمضي يَومه؛ مَا بَين تَناول القهوَة والشَّاي حتَّى يَستيقظ، وإذَا استَيقظ؛ بَدَأَ بتنَاول المَشروبَات التي تَجلب النَّوم..! * سَألني: لِمَاذا تَقرأ؟ قُلتُ: اقرَأ حتَّى لَا تَتسلّط عَليَّ أفكَاري المَحدودة، وأُصبح ضَحيّة للتِّكرَار، ومَحروماً مِن الانفتَاح عَلى عقُول الآخرين..! * سَألني: مَن أَنت؟ قُلت: لقَد سُئل الأديب الكَبير «أنيس منصور» نَفس السُّؤال، فقَال: (ألّفتُ 190 كِتَاباً ولَا أَعرف مَن أنَا).. فكَيف تُريدني أنْ أُجيب عَن هَذا السُّؤال، الذي لَم يُجب عَنه مَن هو أَعْمَق منِّي، وأكبَر منِّي شَأناً..؟! * سَألني: مَاذا تَعني لَك تَجارب الآخرين؟ قُلت: إنِّي أتعلّم مِن تَجارب الآخرين، عَملاً بنَصيحة الفَيلسوف الكَبير «بسمارك»، حَيثُ أوصَاني قَائلاً: (الأغبيَاء فَقط هُم مَن يَتعلّمون مِن تَجاربهم).. لِذَا رَميتُ كُلّ تَجاربي خَلف ظَهري، وحَاولتُ تَجنُّب الغَبَاء؛ بوَضع تَجارب الآخرين نصب عَيني..! حَسناً.. مَاذا بَقي؟! بَقي السُّؤال الأخير الذي قَالَ فِيهِ: هَل تَنصح بقرَاءة كِتَاب مُعيّن؟ قُلت: لَا أُحبّ النَّصَائح، وبالذَّات «المَجانيّة» مِنها.. ثُمَّ مَن أنَا حتَّى أَنصَح غَيري؟ إنَّني فَقط أَعرض تَجاربي، وأَترُك -لمَن يَقرأ- التقَاط «الفَائدة» التي تَختبئ بَين السّطور، وتَجنُّب «الزَّائِدة» التي جَبُنْتُ أنَا عَن استئِصَالها..! T: Arfaj1 Arfaj555@yahoo.com تويتر: Arfaj1 Arfaj555@yahoo.com
مشاركة :