نَحنُ فِي زَمَن الفُرص، ولَكَ أنْ تَتخيَّل أنَّ الفُرص -كَمَا جَاء في الأثَر- تَمرُّ مَرّ السَّحَاب، وإذَا لَم تَقتنصها؛ ستَذهب إلَى غَيرك، والفُرص -فَوق كُلّ ذَلك- هي لِمَن يَقتنصها، ولَيست لِمَن يَنَام حتَّى تَمرّ مِن أَمَامه..! مِن هُنَا دَعونا نُفصّل في مَفهوم الفُرص، فالوَاعِظ -مَثلاً- يَنتهز الفُرْصَة حِين اجتمَاع النَّاس، ليُلقي إليهم مَوعظة، لَعلّها تَتسلّل إلَى قلُوبهم دُون أنْ يَشعروا، أمَّا اللَّاعِب، فإنَّ فُرصته لَيست أكثَر مِن مُحاوَلةِ استغلَال مَهارته؛ في إدخَال الكُرَة دَاخل الخَشَبَات الثَّلَاث..! ولَو انتقلنَا إلَى عَالَم البَيع والشِّرَاء، سنَجَد أنَّ التَّاجِر يَجد فُرصته في تَسويق السّلعَة، وبَيعها بربح يَعود عَليه برِزقٍ وَفير.. وإذَا نَظرتَ إلَى الأَرض، ستَجد أنَّ أكبَر همُوم المُستثمر العَقَاري، اقتنَاص الأرض «اللُّقطَة»، وشرَاءها بثَمنٍ رَخيص، ليَبيعها بثَمنٍ أَغلَى..! ومِن غَرَائب الفُرص، أنَّ صَاحب مِهنة التَّشليح، أو مَن يَشتري السيّارات «المَهربدة»، تَعتمد فُرصته عَلى مَصائب الآخرين، فهو لَا يَشتري السيّارة إلَّا في حَالتين: إمَّا وقُوع حَادث شَنيع، بحَيثُ لَا تُرجَى فَائِدة مِن إصلَاح السيّارة، وإمّا حدُوث عُطل كَامل للمَاكينة، بحَيثُ تُصبح السيّارة عَاجِزَة تَمَاماً عَن الحَرَكَة، وتَكون كُلفة إصلَاحها أحيَانًا أكثَر مِن ثَمنها في السّوق..! وإذَا انتقلنَا إلَى سُوق الحَمَام؛ سنَجد أنَّ فُرصة بَائع الحَمَام؛ لَا تَتجَاوز اقتنَاص زوج حَمَام مِن النّوع «القلاّبي»؛ ليَشتريه بثَمنٍ بَخس، ويَبيعه بعَائدٍ مُجزٍ..! وأخيرًا، فإنَّ كُلّ الفُرص مُتَاحَة أمَام العَاطِل، وعَليه أنْ يَبحث عَن الفُرصَة حتَّى يَجدها، ومَازَالت الدُّنيا غَنيّة بالفُرص والأعمَال، ولَكنّها لَا تَأتي إلَى النَّاس، بَل عَليهم أنْ يَذهبوا إليهَا، لأنَّ الله -عَزّ وجَلّ- يُعطي الطَّائر رِزقه، ولَكنّه لَا يَضعه في العِشّ، كَمَا أنَّ «مريم» -عَليهَا السَّلام- رَغم آلَام مَا بَعد الولَادة، لَم يَضع الله -تَبارك وتَعَالى- التّمر بجوَارها، بَل أَمرَها أنْ تَهزّ جِذع النَّخلَة، ليَتسَاقَط عَليها الرُّطب الجنيّ، وهَذا أقوَى دَليل يُؤكِّد الحَثّ عَلَى اقتنَاص الفُرص، والسّعي للظَّفر بِهَا..! حَسنًا.. مَاذا بَقي؟! بَقي أنْ أُذكّركم -أيُّها النَّاس- أنَّ الفُرص أمَامكم، مُلقَاة عَلى قَارعة الطَّريق، ومَا عَليكم إلَّا البَحث عَنهَا، ولَا تَيأسوا، لأنَّ اليَأس زَاد المُتشَائمين.. أمَّا أنتُم -أيُّها الكُتّاب- فعَليكم اقتنَاص الفُرص مِن خِلال صيد الأفكَار؛ التي تَمرّ مِن أمَامكم مَرّ السّحَاب، وإنْ لَم تُدوّنوهَا، فإنَّها مُجرّد سُحبٌ ستُمطر في أَورَاق غَيركم..!!!. تويتر: Arfaj1 Arfaj555@yahoo.com
مشاركة :