بَعض النَّاس يَقول: (أنَا)، ثُمَّ يَستتبع ذَلك ويُعقّب عَليه بقَوله: (وأَعوذ بالله مِن كَلِمَة أنَا).. وهَذا التَّعوُّذ لَا أَصل لَه، وقَد كَتَب المُفتي اللُّغوي الصَّديق الدّكتور «عبدالعزيز الحربي» مَقالًا عَن هَذه العِبَارة، وأعنِي بِهَا (أَعوذ بالله مِن كَلِمَة أنَا)، مُبيِّنًا شذُوذها، وأنَّها لَفظة طَارئة ودخيلَة؛ عَلى المَشْهَد الكَلَامي والكِتَابي..! (أنَا)؛ ضَمير مُنفصل كَما يُعرّفها النَّحويّون، ولَا يُمكن التَّخلُّص مِنهَا، وهي مَقبولة ولَذيذة؛ إذَا كَانت في سيَاق الحقَائق، وتَشجيع النَّاس عَلى فِعل مَا يَجب أنْ يَفعلونه، لذَلك دَعونَا نَستعرض بَعض الأمثِلَة عَلى استخدَامات (أنَا) الإيجَابيّة والمُفيدة: يَقول الأديب «أنيس منصور» في شَرحهِ لذَاتهِ: (أَعوذ بالله مِن يَوم لَا أَقول فِيهِ: أنَا وأنَا.. أنَا قَرأت، أنَا فكّرت، أنَا تَأمّلت، أنَا صَلّيت، أنَا شَكرتُ الله عَلى مَا أعطَاني، أنَا استغفَرت، أنَا أذنَبت، أنَا كَذبت.. فكَيف لَا أَقول (أنَ؛ا) والأدَب والفَنّ كُلّه لَيس إلَّا كَلِمَة (أنَا)؟.. أنَا رَأيت، أنَا انْفَعلت، أنَا غَضبت، أنَا سَعدت.. ولَكن أُحبّ الذي يَقول: أنَا مُختلف.. أو سَوف أكُون مُختلفًا، لَستُ نُسخة أُخرَى لأَحد، أو ظِلًا لأحَد، أو في عَبَاءة أَحَد.. أنَا كَمَا أنَا)..! ومِن (الأنَاوَات) الإيجَابيّة، كِتَاب لشَيخنا «عبّاس محمود العقَاد» اسمه (أنَـا).. وتَقول الكُتب: إنَّ الرَّئيس المَخلوع «حُسني مُبارك» في أوّل زيَارة لَه إلَى لَندن؛ سَألوه في مُؤتمر صَحفي: «مَا الفَرق بَينك وبَين السَّادات»؟ فقَال: (أنَا اسمي محمد حسني مبارك)..! ومِن (الأنَاوَات) الجميلَة مَا وَرَدَ في هَذه القصّة: (سَأل الرَّئيس «كينيدي» طِفلًا صَغيرًا: مَاذا تُريد أنْ تَكون في المُستقبل؟ فقَال: أنَا أُريد أنْ أَكون رَئيسًا لأمريكَا.. ولَمَّا ذَهَب «كينيدي» إلَى رُوسيا؛ ورَأَى طِفلًا صَغيرًا اقتَرَب مِنه وسَأله: مَاذا تُريد أنْ تَكون عِندَما تَكبر؟ هَل ستَكون رَئيسًا لرُوسيَا؟ فقَال الطّفل الرُّوسي: أنَا أُريد أنْ أَكُون مُهندس صَواريخ مُوجّهة إلَى أمريكَا. وحِين كَبُر الطِّفل أصبَح بالفِعل وَزيرًا للصِّنَاعَات الحَربيّة في رُوسيَا)..! حَسنًا.. مَاذا بَقي؟! بَقي أنْ تَختَاروا مَا شِئتم مِن هَذه الأنَاوَات..!!! تويتر: Arfaj1 Arfaj555@yahoo.com
مشاركة :