حتى زيارة هذه البلاد، كانت الدول في نظري إمّا منتجة غارقة في هموم الحياة وأمراض العصر، وإمّا مستهلكة تغط في سبات عميق. إلا أن نمط الحياة هنا مختلف، تعليم يُحترم، عمل بإتقان، و.. فيكا! نعم، فبعد أن يبدأ الدوام اليومي بساعتين يأخذ الموظفون قسطًا من الراحة يطلق عليه: «فيكا»، وتعني وقت راحة، كوب قهوة، وحلوى.. غالبًا ما تكون حلوى القرفة! ثم عمل مرة أخرى وفيكا.. وهكذا دواليك. أهل هذه البلاد يحترمون العمل.. وفي نفس الوقت يُقدِّسون إنسانيتهم، يقول أحد الأصدقاء مِن مَن يعملون هناك : إن الموظفين يعملون بجدٍ، ويجدون في وقت الراحة الذي يكون حول الخمس عشرة دقيقة فرصة للحديث والتواصل والضحك، الذي يُعطي دفعةً لمواصلة العمل، وإذا أوشك وقت العمل على الانتهاء، فإنهم لا يعرفون كلمة «توتر»، ويؤمنون أن العمل الذي لا يُنجز يمكن إكماله بشكل عام عدا حالات الطوارئ. غالبًا لا يصبح الطبيب هنا ثريًا مثل بلاد العم سام، فهو يدفع نسبةً لا بأس بها من مرتبه تذهب لجهاز الدولة الذي ينظم حياة الناس من المهد إلى اللحد. المستشفيات تُقدِّم مستوى متقدمًا وإنسانيًا من الرعاية، هنا ينال الآباء والأمهات إجازة مدفوعة بالتساوي، كل على حدة، ومن الشائع أن ترى آباءً يلتقون في المقاهي والحدائق ومعهم أطفال صغار، فتعلم أن هذه هي فترة عمل الأم وإجازة الأب الإجبارية. الأطفال هنا يدخلون الحضانة والمدرسة مجانًا في صروح مجهزة بأحدث الوسائل وأفضل المعلمين، من بنيان وإنسان. هذا البلد هو المستهلك الأول للقهوة في العالم! يليه ثلة من الدول المجاورة التي لا تزورها الشمس إلا قليلًا. ومع القهوة تأتي حلوى القرفة المعروفة باسم Cinnamon Roll، وطعمها ليس كطعم مثيلاتها مما تعوّدنا عليه، هذا ما سيلاحظه متذوّقها الذي تعوّد على كمية السكر، الزبدة والزيوت المهدرجة، تتميّز حلواهم بمكوّناتها الطبيعية كالبر والعسل الذي يوضع في جميع المقاهي قبل السكر وبدائله. عمل، نظام، احترام.. و»فيكا».
مشاركة :