الإبل في الإمارات مكانة متميّزة وتراث عريق

  • 8/30/2015
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

تمثل الأبل رمزاً رئيساً من رموز التراث في دولة الإمارات على وجه الخصوص، والمنطقة العربية بشكل عام، ويرجح العلماء أن وجود الجمل في بيئة الإمارات يعود إلى قبل 5000 سنة تقريباً، حيث عثروا على عظام وحفريات للجمال في منطقتي أم النار وهيلي. وقد عرفت المنطقة العربية الجمل ذا السنام الواحد، الذي عُرف باسم الجمل العربي، وهو الأكثر وجوداً وانتشاراً في دول الوطن العربي، مع وجود محدود للجمل ذي السنامين. وعلى مر عقود طويلة، اكتسبت الإبل مكانة مميزة في الحياة العربية والبدوية، نظراً لقدرتها على التأقلم مع حياة الصحراء، والمميزات التي حباها بها الله لتتحمل قسوة المناخ الصحراوي، إضافة إلى تعدد الوظائف التي كانت تستخدم فيها، فالجمل يستخدم في الأحمال والحرث والتجارة والتنقلات، إلى جانب الرعي والصيد. كما كان مصدراً للحوم والألبان والجلود والوبر، أي أنهم كانوا يعتمدون عليه في سد كل احتياجاتهم الأساسية من المأكل والمشرب والمسكن والصناعات اليدوية. أيضا كانت الأبل مؤشراً للمكانة الاقتصادية والاجتماعية للأشخاص في المجتمع قديماً. التاريخ هو الهوية الحقيقية للأمم والشعوب، وهناك علامات فارقة في تاريخ الشعوب والدول لا يتشابه ما قبلها مع ما بعدها، كما في تاريخ الثاني من ديسمبر 1971، الذي يمثل في حقيقته جوهر تاريخ دولة الإمارات، واللبنة الأساسية التي بنيت عليها أسس قيام الدولة وتطورها ونموها، واستناداً إلى أهمية هذا التاريخ، وإلى حقيقة أن تاريخ الإمارات المشرق لا يقل أهمية عن حاضرها الزاهي، جاءت مبادرة 1971، التي أطلقها سموّ الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي رئيس المجلس التنفيذي، بهدف الإسهام في توثيق تاريخ الدولة في جميع المجالات. واستلهاماً لهذه المبادرة المهمة، تأتي هذه الصفحة الأسبوعية التي تقدمها الإمارات اليوم، بالتعاون مع الأرشيف الوطني، التابع لوزارة شؤون الرئاسة، للتعريف بشكل الحياة في الإمارات قبل الاتحاد، وخلال بداياته الأولى، والجهد الكبير الذي بذله الآباء المؤسسون للدولة من أجل قيامها. لمشاهدة صور تاريخية، يرجى الضغط على هذا الرابط. وفي الإمارات اهتم المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، بالإبل، باعتبارها جزءاً من تراث الدولة ارتبط بها وبعاداتها وتقاليدها، وانعكس هذا الاهتمام في تصريحاته كما في قوله: وفاء منا للإبل وما أسدته لأسلافنا ولنا من بعدهم من خدمات وقت إن كنا نعتمد عليها في كل حياتنا وتنقلاتنا ورحلاتنا، فإننا نهتم بها ونكرمها لسابق أفضالها علينا وعلى أجدادنا. هذه العبارة توضح صلة البدوي بإبله، وتعاطفه معها، ونظرته إليها بتقدير، فهي له أكثر من مطية تخدمه ساعة الحاجة، أو مجرد حيوان، فالبدوي الأصيل يتعاطف مع إبله كما تتعاطف معه، ويحزن لفقدها كما تحزن لفقده. اهتمام الإمارات وقيادتها بالإبل تجسّد في رعاية سباقات الهجن، وبفضل رعاية الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، أصبحت سباقات الهجن معلماً تراثياً وثقافياً مهماً في دولة الإمارات، فاحتلت مكاناً مرموقاً بين الرياضات التراثية، واكتسبت وظائف سياسية واجتماعية مهمة. وجرت العادة قديما أن تقام سباقات الهجن في المناسبات المختلفة كأفراح الزواج والأعياد والمناسبات المهمة، وكانت ترتيبات إقامة السباق بسيطة، مثل مختلف مظاهر الحياة وقتها، ولكنها كانت تحوز اهتمام الجميع وعلى رأسهم الشيوخ الذي يقدمون الهدايا والمكافآت للفائزين. وعندما كان يقام السباق في مضارب البدو في مناسبة كالزواج، كان يقوم العريس (المعرس)، أو أهله بتقديم الجوائز للفائزين، كما كان يتم رش الحناء على رأس الذلول أو البكر الفائزة، وكان الركيبة (من كان يركب الجمل خلال السباق)، من شباب ورجال بأعمار وأوزان مختلفة. يعود للمغفور له الشيخ زايد الفضل في تزايد عدد المهتمين بالإبل، فكان يقدم دعماً مالياً سنوياً لكل مالكي الإبل، سواء كانت للسباق أو غيره، لتمكين مالكي الإبل من الاستمرار في الحفاظ عليها كثروة وحفاظاً على التقاليد التي يعتز بها الجميع. وفي ما يخص سباقات الهجن، أمر الشيخ زايد رحمه الله، بتشييد ميادين للسباق مجهزة وفقاً لأعلى مستويات التجهيز والإعداد، ومدرجات تتسع لآلاف المتفرجين، وطرق معبّدة وأماكن إقامة للمشاركين في السباق، وعناية طبية، وسيارات إسعاف تحاذي الإبل وهي منطلقة في السباق لإسعاف من يقع من على ظهر الجمل، قبل أن يتم استخدام الركيب الآلي، وسيارات إرسال تلفزيوني تنقل على الهواء مباشرة تفاصيل السباق في الميادين التي يبلغ طولها عشرات الكيلومترات. كانت سباقات الهجن تقام عادة في فصلي الشتاء والربيع، وتحتاج إلى استعدادات مهمة تجرى قبل إقامة السباق، وتتضمن هذه الاستعدادات أربع مراحل: تبدأ باختيار الهجن المشاركة من حيث نوعيتها وأصالتها وأعمارها، ثم تخضع هذه الهجن لعملية تدريب لكي تعتاد ميادين السباق وتجمعات الناس حولها، وقد تتضمن مرحلة التدريب ما يُعرف بـ(القلص)، ويعني عملية محاذاة الهجن ببكره أو قعود ليبدأ الهجن الجديد معها السباق إلى أن ينخرط في الهجن الأخرى في السباق، وعادة ما يكون التدريب يومياً في موسم السباق. أما المرحلة الثالثة فهي التضمير وفيها يتم التخلص من الشحم الزائد في جسم الإبل من خلال إخضاعها لتغذية معينة مع تدريب مستمر. وكانت المرحلة الرابعة من الاستعداد للسباق ترتبط بالركيب، وهو الشخص الذي كان يركب الهجن في السباق، قبل أن تصدر القوانين باستبدال الأشخاص بركيب آلي. الاهتمام الكبير في المنطقة العربية بالهجن وسباقاتها كان سبباً رئيساً في ارتفاع أثمان الإبل، التي كانت زهيدة إلى حد كبير قديماً، حيث كانت تراوح بين 50 و100 روبية هندية حتى منتصف القرن الماضي، ونتيجة للاهتمام بالابل، وتعدد السباقات التي تقام لها، وارتفاع القيمة المالية للجوائز التي ترصد لهذه السباقات، شهدت أثمان الإبل ارتفاعات متتالية، ووصلت إلى أرقام قياسية في بعض الأحوال. أول دولة تعدّ الإمارات أول دولة في التاريخ الحديث تقيم سباقات للهجن العربية الأصيلة، رصدت لها جوائز مالية وعينية دفعت الناس إلى الاهتمام أكثر بالهجن. وتقام سباقات الهجن سنوياً في مختلف إمارات الدولة، بينما تقام المهرجانات الختامية السنوية لهذه السباقات في كل من أبوظبي (سويحان والوثبة) ودبي ورأس الخيمة، ويتم في نهايتها تقديم جوائز عينية كبرى تشجيعاً لمُلاّك ومضمري الهجن العربية الأصيلة. كما بدأت هذه الرياضة تحظى باهتمام كبير في عدد من الدول الأوروبية، حيث تم تنظيم ثلاثة سباقات ناجحة خلال عامي (1998 و1999) في كل من ألمانيا وأستراليا برعاية اتحاد سباقات الهجن بالدولة. اتحاد سباقات الهجن تتويجاً للاهتمام الرسمي بشؤون الإبل عموماً، والهجن خصوصاً، وبناءً على توجيه الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، أنشأت دولة الإمارات اتحاد سباقات الهجن برئاسة سموّ الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان، وتم إشهار الاتحاد بصورة رسمية في 25 أكتوبر 1992. مركز الأبحاث البيطري أنشئ في عام 1990 مركز بيطري للهجن، بناءً على توجيهات ودعم كل من سموّ الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان، وسموّ الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان، أطلق عليه اسم (مركز الأبحاث البيطري) في منطقة الحيلية بالقرب من مطار أبوظبي الدولي، على الطريق بين مدينة أبوظبي ومنطقة سويحان. وتألف المركز في بادئ الأمر من قسمين: أحدهما لتوليد وتربية الجمال، والآخر للمختبرات البيطرية السريرية، مزودان بكادر ميداني مسؤول عن علاج الإبل الموجودة لديه، وعن إدارة سباقات الهجن، وكل ما يتعلق بالجمال التابعة لأفراد الأسرة الحاكمة في إمارة أبوظبي. وعُرف هذا المركز في بداية التسعينات باسم (مركز أبحاث الهجن) ، وأيضاً باسم (مختبر سويحان)، لقربه من مدينة سويحان. ويركز قسم التوليد علي تهجين إبل جيدة من نسل محلي أصيل لأغراض السباق، إضافة إلى الحليب واللحوم، وذلك باستخدام تقنية نقل الأجنة (ETT). وكانت أول تجربة ناجحة في هذا المجال عام 1992 عندما أنتج المركز أول قعود بعملية نقل الأجنة، ومنذ ذلك التاريخ حتى عام 2013 أنتج المركز أكثر من 5000 بعير بهذه التقنية، وهذه عمليات غير مسبوقة في أي مكان آخر بالعالم. مكانة رفيعة تظهر المكانة الرفيعة التي تحظى بها الإبل من القيادة السياسية في اهتمام صاحب السموّ الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، بها وتطوير سلالات الهجن العربية الأصيلة والاهتمام بها، والعمل على علاجها والحفاظ عليها. بحسب ما ورد في كتاب زايد والتراث الصادر عن الأرشيف الوطني. ويشهد على تلك العناية إنشاء مختبر علمي متطوّر ومزود بأحدث التقنيات والوسائل العلمية في الهندسة الوراثية في مدينة العين بهدف القيام بهذه المهمة. كذلك ينعكس الاهتمام بالإبل ومكانتها في مجتمع الإمارات في الندوة الدولية الأولى لرعاية الجمال، التي عقدت في فبراير من عام 1992 برعاية صاحب السموّ الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، التي شارك فيها نحو 200 خبير وعالم من 30 دولة. حيث تناولت الكلمة الافتتاحية للندوة التي ألقاها سموّه العناية التي حظيت بها الإبل في مجتمع الإمارات لارتباطها الوثيق بتراث الإمارات، وفسرت الكلمة بجلاء اهتمام دولة الإمارات بالإبل حين قال: إن اهتمام دولة الإمارات بالجمل ليس نابعاً من النواحي الرياضية والاقتصادية فحسب، بل لأنه يشكل جزءاً مهماً من تراثنا وبيئتنا المحلية العربية. أرقام وأحداث 15 انتشرت سباقات الهجن في مختلف أنحاء الدولة بإقامة مضامير للسباق في كل إمارة حتى فاق عددها 15 مضماراً. 2011 تم إنشاء قسم لتدقيق وتوثيق سلالات الجمال، يُعرف هذا القسم بمركز الجينات الوراثية المتقدم. 6 ملايين تم بيع أحد هذه الجمال بـ6 ملايين درهم (1.6 مليون دولار) فى أحد مزادات إبل السباق الأخيرة. 2005 بدأ أول مزاد للهجن عام 2005 بمعرض أبوظبي العالمي للصيد والفروسية، ثم أصبحت المزادات تنظم مرتين سنوياً في سبتمبر ومارس. الإبل أكثر من مطية تخدم البدوي ساعة الحاجة. من المصدر

مشاركة :