أجمعت فعاليات تجارية على أن سلبيات الاقتراح النيابي الأخير بتعديل قانون الخدمة المدنية لمنح موظفي القطاع العام الحق في استخراج سجلات تجارية ومزاولة الأنشطة التجارية، ستكون أضعاف إيجابياته، وسيزيد من العقبات التي تواجه الشارع التجاري بدلاً من الحد منها، وذلك يتعارض مع توجيهات اللجنة التنسيقية برئاسة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء لتعزيز بيئة تنافسية عادلة وفق مبادرات ومشاريع متعددة لزيادة الفرص النوعية للمواطنين.وأوضحوا لـ«أخبار الخليج» أن المقترح النيابي تشوبه الكثير من النواقص وسيؤدي في حال اعتماده الى تفاقم ظاهرة تأجير السجلات التجارية وزيادة حالات التستر التجاري الذي تحاربه الجهات الرسمية، وخاصة ان موظفي الحكومة لن يكونوا قادرين على تولي زمام أعمالهم الحرة وسيلجأون إلى تأجير سجلاتهم التجارية للعمالة الأجنبية غير المرخصة، وبالتالي تمكين غير البحريني من ممارسة نشاط تجاري محظور عليه قانوناً من خلال سوء استعمال البيانات الشخصية لشخص بحريني أو ترخيصه أو سجله التجاري بما يضر بالسوق المحلي. وأبدت سيدة الأعمال البحرينية أميرة عبدالله تحفظها على فكرة تمكين الموظف الحكومي من مزاولة أنشطة تجارية، وخاصة أن الموظف العام سيزاحم العاملين في القطاع الخاص على أرزاقهم ويضع عراقيل امام توظيف الخريجين الجدد والعاطلين عن العمل ممن هم أولى بالحصول على وظيفة او مصدر رزق لهم ولأسرهم، على عكس الموظف الحكومي الذي يتمتع بأفضل الحوافز والامتيازات واستقرار وظيفي. وذكرت أميرة ان المقترح من شأنه ان يخلق تضارباً صارخاً بين مصالح الموظف الشخصية او التجارية ومهام وواجبات وظيفته الحكومية، الأمر الذي سيجعله بكل تأكيد منشغلاً بأعماله الحرة على حساب عمله الحكومي، وبالتالي تدني مستوى انتاجيته والإضرار بعمل الوزارة او الجهة الحكومية، وسيزداد الأمر سوءا اذا كانت وزارة خدمية، مما سيؤدي في المحصلة النهائية الى ضعف تدني جودة الخدمات الحكومية المقدمة للمواطنين والمقيمين. وبينت أميرة ان المقترح بحد ذاته يشكل صفعة في وجه الجهود الحكومية والحملات التي تقوم بها وزارة الصناعة والتجارة والسياحة وغرفة تجارة وصناعة البحرين للحد من ظاهرة تأجير السجلات التجارية، ولا سيما أن نسبة السجلات التجارية المؤجرة للآسيويين بلغت إلى الآن أكثر من 40%، وهي نسبة خطيرة اذا ما أخذ في عين الاعتبار أضرارها على صغار التجار والعجلة الاقتصادية. واقترحت أميرة أن يتم تدريب وتأهيل موظفي الحكومة للارتقاء بمستوى انتاجيتهم وزيادة فرص حصولهم على علاوات او زيادات سنوية بدلاً من مزاحمة غيره من أبناء وطنه على فرص عمل هم أحوج إليها من الموظف العام المستقر ماليا. من جانبه، قال رجل الأعمال البحريني أحمد البنخليل: «نحن كتجار غير موافقين على هذا المقترح لما له من تبعات خطيرة على الموظف نفسه وعلى الاقتصاد بصورة عامة، ونرى كمواطنين وأصحاب أعمال ان المقترح غير صائب نظرا إلى ما سيشكله العمل الحر من تشتيت للموظف الحكومي وتضييع وقته لتخليص معاملاته الخاصة على حساب مهامه الحكومية، الى درجة استخدام أجهزة الوزارة واستغلالها لصالح مؤسسته الخاصة. ولفت البنخليل الى وجود خيارات أخرى أكثر نجاعة لتحسين دخل الموظف الحكومي من خلال تطوير نظام وبيئة العمل الحكومية والارتقاء بمستوى انتاجية الموظف وأدائه في العمل من خلال سلسلة من الترقيات او العلاوات المعقولة، اما المقترح النيابي فسيكون على حساب الوزارة والقطاع الخاص والعمالة البحرينية ككل. وأضاف البنخليل: «المقترح سيتسبب في إضعاف أداء الموظف الحكومي وتدني معدل إخلاصه في العمل وزيادة معدل تغيبه عن العمل الحكومي بما يضر بمصلحة الوزارة او الجهاز الحكومي. فكيف ستتم محاسبة وتقييم الموظف على عمله وهو منشغل طوال الوقت بعمله الحر؟ كما سيشجع على تأجير السجل التجاري وسوء استخدامه، وهو ما يتناقض كليا مع توجه وزارة الصناعة والغرفة لمكافحة ظاهرة التستر التجاري وغيرها من ممارسات غير قانونية».وذكر البنخليل ان الموظف الحكومي بهذا القرار سيكون ضحية الدخول في مشاكل مالية وتجارية لا تحمد عقباها، بسبب كثرة مخاطر تأجير السجل التجاري وتكبده خسائر مادية وديونا متراكمة لدرجة زجه بالسجن وتشريد عائلته، مشددا على انه يجب أن يكون الشخص متفرّغا للحصول على سجل تجاري وإدارة أعماله الحرة بطريقة سليمة وصحيحة ومعرفة التزاماته. وتابع بالقول: «مع وجود أكثر من 80 ألف سجل تجاري بالمملكة، يتعيّن على النواب الأفاضل ان تكون نظرتهم اكثر شمولية في طرح مثل هذه المقترحات، وألا تكون محصورة بزاوية واحدة وتظلم الجوانب الأخرى من المعادلة. والمشكلة الكبرى تكمن في أن من يدخل السوق التجاري يخرج بنفس الأفكار وتكرار مبالغ في المشاريع والأنشطة، مما يسبب ارتباكا اقتصاديا. يجب على النواب التفكير بتشريعات تخدم الاقتصاد الوطني وطرح مشاريع نوعية تستقطب استثمارات وتطور البنية التحتية وذلك بدلاً من الانهماك بمقترحات افكار لها تبعات سلبية على الاقتصاد والساحة التجارية». بدوره، اعتبر رجل الأعمال البحريني رياض البيرمي مقترح منح السجلات التجارية لموظفي القطاع العام فكرة غير ايجابية وتضارب مصالح صريح، لافتا الى ان من يختار العمل في القطاع العام عليه ان يعطي وظيفته حقها بحسب الضوابط والشروط القانونية والخصوصية التي تملى عليه.وبين البيرمي ان هذا المقترح من شأنه أن يدخل الموظف الحكومي في دوامة مستقبلية من قضايا الفساد أو المخالفات القانونية بسبب ذلك التعارض الواضح بين الوظيفة الحكومية والعمل الخاص الحر، مشيراً الى ان حجم سوق العمل لا يحتمل أيضاً هذا الكم الكبير من مزاولي الأنشطة التجارية، وخاصة إذا كانت جميعها تحمل نفس الأفكار أو التكرار. واقترح البيرمي بعض الحلول والبدائل لرفع دخل الموظف العام عن طريق العمل بنظام جزئي بعد الدوام الرسمي أو العمل في المجالات الاستشارية أو التدريبية أو الفنية الأخرى، وهي لا تتطلب فتح سجلات تجارية وقد تخدم ولا تضر، وفي ذلك استفادة قصوى من خبرات وقدرات موظفي القطاع العام.
مشاركة :