مع التخبط وعدم الاستقرار الذي يظهر في السياسة التركية الداخلية والخارجية في كافة المجالات، وحالة توسع و تعمق الفاشية في تركيا ممثلة بسلوك وممارسات سلطات حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية، يظهر بوضوح خطورة هذه السلطة على حالة الأمن والاستقرار والسلم في المنطقة والعالم.ولاشك أن تعدي السلطات وحرب الإبادة والإنهاء المستمرة للدولة التركية على الشعب الكردي في باكور كردستان(جنوب شرق تركيا) وكذلك في شمالي سوريا وإقليم كردستان العراق(شمالي العراق)، ورؤية السلطات في تركيا من منطق الدولة القومية الفاشية والإلغائية للقضايا وعدم حل القضية الكردية أو اي قضية وطنية وفق الحلول الديمقراطية هي أحد أهم الأسباب الرئيسية للسلطات التركية وتخبطها ولجوئها إلى القفز فوق هذه القضية والهروب إلى امتلاك أوراق خارجية وكذلك إلى بيع جيوسياسية تركيا لمختلف القوى المركزية والعالمية حتى تغطي وتموه وتتستر على حربها القذرة والتي تجسد حالة جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية الممارسة على الشعب الكردي وشعوب المنطقة بكل وضوح.من المؤكد أن حالة أردوغان وحزب العدالة والتنمية ودعمه للتنظيم الإرهابي "الإخوان" ولفروعها بكافة الوسائل ومحاولتها المستمرة لتمكين وتعزيز هذا التنظيم من المجتمعات والدول العربية خلال السنوات العشرة الأخيرة نتيجة الأحداث التي ظهرت في المنطقة. جعلت الشعوب والدول العربية تقترب أكثر من معرفة وفهم ماهية الدور السلبي والذي تلعبه السلطة التركية في نشر الفوضى ودعم الإرهاب وتوفير المنصات الإعلامية لهم للتدخل في المنطقة العربية وشؤون دولها الداخلية، مع إقتراب النخب المثقفة العربية والسياسية من فهم القضية الكردية ومعانات الشعب الكردي والظلم الذي يتعرضون له، وخصوصًا بعد كسر الجدار العزل التركي الذي بنته تركيا بين شعوب المنطقة للاستمرار في ظلمها وجورها. ولعل الدور التركي الوظيفي والأداتي إلى جانب وجودها في منظومة الناتو وأهمية موقعها جعلها غير محجمة ومبالغة إلى حد كبير في تصرفاتها الأحادية المؤذية لشعوب المنطقة. لكن بعد إنهيار الإتحاد السوفيتي وإبرام إتفاقيات أبراهام مع عدة دول عربية، وعلاقة تركيا الأردوغانية بروسيا والصين وعدم التزامها بالعقوبات على إيران، وظهور قوة وفعالية المجتمع الكردي المنظم بريادة فكر وفلسفة القائد عبدالله أوجلان عبر مشروع الأمة الديمقراطية والإدارة الذاتية المعتمدة على المحيط العربي كعمق استراتيجي لها كأحد أهم مرتكزات لأي مشروع استقرار وديمقراطية في المنطقة ستجعل الدور التركي المسموح به معاد النظر به من قبل أسياده والقوى العالمية بما يتماشى مع الظروف والشروط الجديدة وإن أزعجت الدولة التركية وسلطاتها الفاشية.لو حللنا وأردنا التدقيق سنلاحظ جملة من التناقضات بين الرأسمالية العالمية وبين الدولة القومية المنشئة في المنطقة كأدوات في مرحلة معينة لتقسيم المنطقة والشعوب، وهنا سيكون القوى الموجودة في السلطة والبيروقراطيات المترهلة في حالة عناد وإصرار على مواقعها السابقة حتى لو كانت على دماء شعوبها ومجتمعاتها، ولعل ماتفعله السلطات التركية في عدم إلتزامها بأية التزامات قطعتها وكذلك في رفضها لحل القضية الكردية في تركيا و في سعيها لعرقلة أي جهود لشعوب ودول المنطقة والمجتمع الدولي في حل الأزمات والقضايا العالقة، كما في أزمة قطر والمصالحة الخليجية والمباحثات الليبية للتسوية السلمية بين أبنائها، بالإضافة إلى عرقلتها الحل في سوريا بإحتلالها وجرائمها المرتكبة في عفرين و سري كانيه(رأس العين) و كرى سبي(تل أبيض) والباب وجرابلس وإدلب. فتركيا لن تتخلى عن دورها ونفوذها مادامت لاترى إشارات واضحة على المواقف المشتركة الجادة لشعوب المنطقة والمجتمع الدولي وتحملها والنتائج العكسية لسلوكها.رغم الحديث الأوروبي الثرثار والكيفي عن عن حقوق الإنسان في تركيا إلا أنها تفضل مصالحها الأمنية والمادية القصيرة المدى و لا تستعمل الآليات والقرارات التي تجبر تركيا على إحترام حقوق الإنسان، فالمحاكم الأوروبية تصدر العديد من القرارات كما في حالة العزلة والتجريد المفروض القائد عبدالله أوجلان وتقرير اللجنة الأوروبية مناهضة العنف() المسجون منذ 22 عام في تركيا و ما يتعرض له المئات من السجناء المضربين عن الطعام منذ مايقارب الشهرين لرفض العزلة وتجاوز حقوق الإنسان والسجناء.بالتأكيد وبعد فقدان تركيا الدولة لعلاقة أردوغان_ترامب، والحالة الاقتصادية السيئة والإنشقاقات في حزب العدالة والتنمية، وتجربة هزيمة أردوغان وحزبه في الأنتخابات البلدية ووحدة المعارضة وتطور العلاقات الكردية_العربية، لن يكون من السهل لهذه السلطة التركية الحالية من الاستمرار في حروبها وتدخلاتها في المنطقة حتى لو ساندها مرتزقتها وإنكشارييها من الأخوان وبعض الأطراف الكردية المتعاونة معها ، بل من المحتمل أن نشهد تحجيم لدورها في الخارج وهذا سينعكس على الداخل التركي الذي كان أردوغان وسلطته يعبئونه بالفاشية والعنصرية والطورانية وعقلية الذئاب الرماية الإرهابية.وإئتلاف القوى الداخلية الذي أتى بأردوغان وحزبه إلى سدة الحكم سينهار أو سيبحث عن بديل لأردوغان لانتهاء دوره ووظيفته وربما للإنقلاب عليه وحتى محاكمته على علاقته بداعش وأسلمة الدولة وتجاوز علمانية مصطفى كمال المزعومة.
مشاركة :