أحمد شيخو يكتب: التغير الديموغرافي والدولة التركية

  • 7/22/2020
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

من المهم معرفة خطورة السياسات التي تنفذه الدولة التركية في المناطق التي تستهدفها و تحتلها كون المنطقة معرضة اليوم أكثر من السابق للتدخلات التركية في ضوء السماح لها من قبل النظام العالمي المهيمن بالتمدد والتوسع والسيطرة  على بعض المناطق حتى تتهيئ الأرضية في المنطقة لتنفيذ المشاريع التي تخص القوى المركزية في النظام العالمي وحتى تسد الطريق أمام أي مشروع مجتمعي وسياسي (تجسد قيم الشعوب التكاملية والتضامنية وتاريخ وجغرافية المنطقة بلإضافة إلى العلم المعاصر الناتج عن جهود البشرية المتعاقبة). من أهم السياسات التي تخص العقلية التركية السلطوية و الدولتية منذ قدومهم من أواسط أسيا على شكل قبائل من جبال آورال آلتاي قرب الصين إلى مناطقتنا هي تغير التركيبة السكانية في المناطق التي يحتلونها حتى تتوافق مع  مشاريعهم ورغباتهم . ولعل ما فعلته السلطات التركية بعد إستحداث تركيا الحالية من قبل  القوى المنتصرة في الحرب العالمية الأولى  بحق شعوب التي المنطقة  من حالات القتل والتهجير  والنقل القسري للشعوب  من الكرد والعرب والأرمن والبونتس واليونان  وغيرهم أمثلة حية على تلك الرغبة التركية الزائدة.  لو وضعنا وصف القانون الدولي للتغير الديموغرافي الذي هو التهجيرأو الإخلاء أو النقل القسري، الذي تنفذه جهة ما يمكن أن تكون دولة أو مجموعات تجاه مجموعة عرقية أو دينية معيّنة و أحيانًا ضدّ مجموعات عديدة بهدف إخلاء أراض معينة لجهة بديلة أو فئة،   و حسب  الفقرة ( د ) من البند الأول من المادة السابعة من نظام روما الأساسي  لعام 1988( إن إبعاد السكان أو النقل القسري متى أُرتكب في إطار هجوم واسع النطاق أو منهجي موجّه ضدّ أي مجموعة بشرية من السكان المدنيين يُشكّل جريمة ضدّ الإنسانية ). سنجد حسب هاذ التعريف والمقدمة أن السلطات التركية الحالية المشكلة من حزبي العدالة والتنمية والحركة القومية التركية هم  من أكثر الحكومات التركية التي لها هدف تحقيق التغير الديموغرافي كوسيلة لإضاف مقاومة الشعوب لها  ولإدامة  إحتلالها لتحقيق مشروعها الخاص العثمانية الجديدة . وتعمل تركيا  الأن في مدن غرب ليبيا كما فعلت في عفرين وسري كانيه(رأس العين) وكرى سبي(تل أبيض) على تهجير السكان وجلب تركمان وأتراك من عدة دول وأيضًا جلب عوائل المرتزقة وإسكانهم محل  السكان الأصليين الليبين الذين هجرتهم بشكل منظم وممنهج. وفي عفرين ومناطق شمالي سوريا  ايضًا عمدت تركيا إلى تهجير السكان الكرد السوريين ومحاولة خلق حزام وممر إرهابي على طول الحدود السورية والعراقية  مع تركيا، و حتى أن تركيا تقوم بخلق ممر عرضه حوالي 70 كيلومتر على طرفي الحدود مع سوريا والعراق وتركيا  ممتد من عفرين ولواء إسكندرون حتى منطقة برادوست  في المثلث الحدودي بين العراق وإيران وتركيا وتهجير الكرد والعرب من هذه المنطقة وإسكان مرتزقة  وإنكشاري أردوغان من الإخوان والقاعدة وداعش فيها حتى تمنع أي مشروع  للكرد وللسوريين والعراقين  تجسد الإرادة الوطنية الحرة ولاتخضع للإرادة التركية. وتحاول تركيا تنفيذ مخطط في شمال أفريقيا  بنفس العقلية والمنطق التي  إستهدفت وتستهدف فيها الشعب الكردي وقواها المقاومة منذ صدور قوانين التطهير العرقي والتغير الديموغرافي المسمى "إسكان شرق" و "شرق إصلاحات" التي على أثرها، تم إسكان الغرباء مكان الكرد في العديد من المناطق الحيوية في تركيا وحتى تهجير حوالي 6 مليون كردي من مناطق غرب الفرات في تركيا بعد أعوام 1925 من مناطق ومدن أديمان وألعزيز وسيواس وكركم (مرش) وديلوك( عنتاب)  وتم تهجير أهالي مئات الألاف من أهالي القرى والمدن في إقليم بوطان (هكاري وشرناخ وماردين) في التسعينات  الذين لم يرضوا أن يحملوا سلاح الدولة التركية لقتل أخوتهم من الكرد.   منذ 14 حزيران الشهر الماضي،  يقوم الجيش التركي في حفتانين وخانتور بمحاولة إحتلال المنطقة وتشكيل مناطق سيطرة وإحتلال تركيا تحت حجج لا يعد أحد يقتنع بها مثل تسمية القوى المقاومة لسياستها من الإبادة والتغير الديموغرافي والتطهير العرقي بالإرهاب في وقت هي الأن دولة راعية للإرهاب والمرتزقة العالميين ووجود أبو بكر البغدادي على مقربة من حدودها وفي مناطق الإحتلال التركي وكذالك تهريب مخابراتها لإحد الداعشيات من مخيم الهول وتشكيلها ما يسمى " الجيش الوطني السوري" التابع  لما يسمى "الإئتلاف الوطني السوري" من بقايا داعش والنصرة وجعلها جيش للمرتزقة والإرهابيين بصفات وأسماء سلاطين آل عثمان لكتائبها  بعض من أدلة أن تركيا هي الدولة الراعية للإرهاب والمرتزقة  وبل أن كل مناطق الإحتلال التركي هي بؤر للإرهاب والمرتزقة وتهديد الأمن والسلم والاستقرار في المنطقة والعالم. المخطط التركي في ليبيا أيضًا يستهدف تقسيم البلدان العربية في شمال افريقيا وفصلهم عن بعضهم  لإضعافهم وخلق تناقضات وفتن وإضطرابات وفوضى وحروب أهلية متعددة، مرافقة لحملات إعلامية تشويهية ومضللة تقوي خطاب العنف والكراهية والفرقة تحت مسميات مختلفة عرقية ودينية ومذهبية ومناطقية وإضعاف الإرادة الوطنية العربية الحرة  من خلال أدوالتها المعروفة والمتعددة والإستفادة من سوء الأحوال الإقتصادية من بعض الدول الإفريقية حتى تتغلغل وتوجد  مناطق  نفوذ وتأثير تمكنها من   إمتلاك أوراق كثيرة  تقوي مركزها التفاوضي  تسمح لتمريرها لمشاريعها  الخاصة  مثل العثمانية الجديدة  ومشروع القوى  المركزية في النظام العالمي الذي  يحدد القوى  المركزية في النظام المهيمن  في القرن القادم. لقد قامت دول وقوى بإحتلال دول وشعوب أخرى على مر التاريخ وكان هناك حركات مقاومة مشروعة لنيل الحرية و لكن ماتفعله السلطات التركية  فاقت وتجاوزت جميع المحتلين  حتى أصبحت نموذج ذكره هتلر في ممارساته النازية. من الضروري إدراك سياسات الدولة والسلطات التركية  وكذالك فهم دورهم الوظيفي في خدمة النظام العالمي بالإضافة إلى البحث عن نقاط ضعف هذ الدولة والسلطات داخل تركيا وكذالك معرفة سبل إفشال خطط التي تستهدف شعوبنا ودولنا في المنطقة وخاصة التغير الديموغرافي  والتطهير العرقي التي اصبحت الأن إجراءات تنفذها السلطة التركية بمجرد السيطرة على مكان، حتى تغير التركيبة السكانية وتجعل إخراجها في المستقبل صعبًا . لكن يبقى فهم ماهية الدولة والسلطة التركية  وصراعها الداخلي وحربها ضمن تركيا  وفي سوريا والعراق ضد الشعب الكردي من الأهمية ما يتوجب على القوى المقاومة للتمدد التركي في المنطقة العربية وشمال أفريقيا معرفة  تجربتهم والبحث عن سبل توحيد جهود مقاومة سياسات التغير الديموغرافي لتركيا ووقف ومنع التدخل التركي في المنطقة  والدول العربية.

مشاركة :