يدور في الولايات المتحدة هذه الأيام حوار صاخب حول دور الكونجرس الأمريكي في إقرار أو رفض الاتفاقية الدولية مع إيران الخاصة بالبرنامج النووي الإيراني، وفي الوقت نفسه يزور نيويورك حالياً وفد من مجلس الشورى للمشاركة في اجتماعات وفود المجالس البرلمانية في العالم التي تعقد تحت مظلة الأمم المتحدة وتتجه خصوصًا نحو مسألة أهداف التنمية المستدامة للفترة من 2015 إلى 2030، وفي لقائي مع معالي رئيس الوفد، نائب رئيس مجلس الشورى الأخ الدكتور محمد أمين جفري دار الحديث حول الدور المتنامي للدبلوماسية البرلمانية باعتبارها أداة فعّالة من أدوات العمل الدبلوماسي يتم عن طريقها توزيع الأدوار وتكاملها بين الجهاز الحكومي ممثلاً في وزارة الخارجية، وبين الجهاز الشعبي الممثل في مجلس الشورى، أو ما يوازيه من المجالس البرلمانية، ولقد سعدتُ بما علمته من معاليه من أن لدى مجلس الشورى توجهًا راسخًا نحو تنشيط العمل الدبلوماسي البرلماني، وذلك عن طريق تكثيف الزيارات واللقاءات المتخصصة، واتفق الرأي على أن من شروط نجاح هذه اللقاءات حسن اختيار المشاركين فيها بحيث يكونون ممن يدركون عقلية الجهة المقابلة ويستطيعون مخاطبة الطرف الآخر بمنطقه ومنهجيته، كما أن من الشروط الواجبة؛ الإعداد الجيد للمشاركين بحيث يكونون على بيّنة من مواضيع البحث والحوار، وكذلك فإنه ينبغي في مثل هذه اللقاءات الابتعاد عن النمطية والحجج التقليدية وإظهار قدر واضح من الاستقلالية الفكرية. إن مخاطبة الفئات الشعبية والفكرية والرأي العام جزء لا يتجزأ من منظومة العمل الدبلوماسي والإعلامي، وإن في هذا الخطاب فنًّا ينبغي أن نُحسن استعماله والسيطرة عليه، حيث يجب تحقيق التوازن بين الحفاظ على المواقف الوطنية وإجادة عرضها والدفاع عنها، وبين تلمّس المشاعر الشعبية لدى الفئات المستهدفة بالخطاب، وقد يكون من حسن توزيع الأدوار أن يكون هناك اختلاف بين الموقفين الرسمي والشعبي، حتى يتسنَّى للمفاوض الرسمي أن يتعذّر بوجود تيار شعبي يدفع نحو اتجاه دون آخر. لقد شاهدتُ بعض الوفود الشعبية في الخارج وهي ترتدي قميص الموقف الرسمي بالكامل، فتفقد بذلك شيئاً من مصداقيتها وقدرتها على الحوار، كما شاهدت وفودًا وأفرادًا ممّن يتمكّنون بلباقتهم وكفاءتهم من ترك مساحة كافية لهم للتحرك، تساعدهم على تحقيق الهدف المنشود، وهو التعبير عن المواقف الوطنية والدفاع عنها بعيدًا عن الترديد الرتيب للبيانات الرسمية، وفي هذا الإطار ينبغي أن تتحرك الدبلوماسية البرلمانية. afcar2005@yahoo.com
مشاركة :