عندما وصلت الى الأمم المتحدة وجدت أمامي تاريخاً حافلاً من الدبلوماسيين الأدباء بمختلف اللغات ، وكان من بينهم السفير الأسطوري جميل البارودي، مندوب المملكة العربية السعودية الدائم بين عامي 1963-1979م ، والذي كان يقال عنه أنه كان يدخل إلى أي اجتماع ويسأل عن موضوع اللقاء ثم يطلب الكلام ويتحدث بلغة فصيحة سليمة وبإلمام كامل بالمضمون وباسترسال طويل المدى ، ومن الدبلوماسيين الأدباء الذين ظهرت ملكاتهم اللغوية في خطاباتهم سفير قطر الأسبق خلال الفترة من 1989 إلى 1992م الدكتور حسن النعمه ، وله عدد من القصائد الجميلة أقتبس منها في ما يلي جزءاً من قصيدة بعنوان «أقبلت»: أقبلَتْ والوجهُ ينْدى خَجَلا تتهادى بقوام ليِّنِ وانثنت غصناً وماجَت جدولا فأثارت في هواها شَجَني نسج الله لها بُرْدَ الدلال وحباها خير قدٍّ أهيفِ غارمنها الغصن إذ مالت فمال وسنا اللحظ كحدِّ المرهف حبذا وصلك يا ريم الفلا فاسلمي يا فتنة المفتتنِ أنت كالبدر تجلّى وانجلى يتلالا بصباح بَيِّن ومن الدبلوماسيين الأدباء في الأمم المتحدة كان سفير ليبيا الشاعر عبد الرحمن شلقم بين عام 2009 و2012م ، وسفير العراق الشاعر سمير الصميدعي بين عامي 2004-2006م ، وغيرهما ، كما أن من أشهر الدبلوماسيين الشعراء الذين لم يعملوا في الأمم المتحدة السفراء حسن القرشي ومحمد الفهد العيسى وعبد العزيز خوجه ونزار قباني وعمر أبو ريشة وأتوقف قليلاً عند الشاعر اليمني السفير عبد الله العلوي الذي نَظَم تقريراً عن أحد اجتماعات حركة عدم الانحياز التي حضرها في القاهرة شعراً حيث قال : وبعد فالعالم في صراع محتدم الخلاف والنزاع هذا شيوعي يقول مالي لدولتي وذاك رأسمالي و بان في الوجود جمع ثالث يدعو إلى الحياد غير عابث وعقد المؤتمر التمهيدي لدول الحياد بالتحديد إلى أن يقول : وفي الأخير أصدروا بياناً و قدحوا الكثير مما كانا وفي الوفود شاعر يماني يستلهم الوحي من المثاني بشعره يسجل الحوادث و لا يخاف سطوة المباحث وفي الوفود غادة غينية تخالها من أسرة غنية ترشـقها العـيون بالتوالي و بالأخص من سفير مالي واختتم المؤتمر التمهيدي أعماله بالوعد لا الوعيد والشكر للمضيفة العظيمة مصرعلى الضيافة الكريمة إن الأدب والشعر أبلغ في كثير من الأحيان وأقدر على ايصال الرسالة من الكلمات الجوفاء المنمقة التي لا تحمل في طياتها المشاعر والأحاسيس ولا تخاطب الوجدان. afcar2005@yahoo.com
مشاركة :