قبل دخول شهر رمضان المبارك ترتفع وتيرة المطالبة بمقاطعة عدد من القنوات الفضائية لأنها (حسب دعوة المقاطعين) تنشر من المسلسلات والبرامج ما لا يليق بحرمة الشهر الفضيل، وتصرف الناس عن خير كبير وفضل عميم. وتشتد الدعوة تحديدًا لمقاطعة قنوات المجموعة (س) لأن ملاكها يحملون الجنسية الفلانية، ربما اعتقادًا بأن هؤلاء جميعًا لا بد أن يكونوا ملائكة بالضرورة أو لنقل لا يليق بهم ما يليق بالآخرين. وبافتراض أن قنوات المجموعة (س) وكذلك المجموعة (ص) أغلقت أبوابها اليوم وأعلنت براءتها مما مضى جملة وتفصيلاً، فهل يعني ذلك إغلاق هذا الملف إلى الأبد؟ لا ريب أن هذا افتراض ساذج يخالف المنطق والسياق! السياق والواقع يقول إن لكل ساقطة لاقطة، بمعنى بمجرد انسحاب المجموعة (س) سيحل مكانها المجموعة (ك)، التي لن تقدم سوى الأسوأ لجذب مزيد من المشاهدين ولترسيخ مكانتها بين المتابعين. في تركيا مثلاً عشرات المحطات التي لا تخدم قضية سوى الترفيه بكل أنواعه البريء منه وغير البريء. ولو أن حكومة العدالة والتنمية حاولت التفرغ لكل محطة (وهي لا تستطيع بقوة القانون)، لانتهت إلى أداء فاشل ولما حققت كل هذه الإنجازات النوعية لتركيا الوطن وتركيا الشعب. ذات مرة رأيت احتفالاً جميلاً ببلوغ 7 آلاف طفل سن السابعة وشروعهم في أداء الصلاة! أخذوهم إلى مسجد جامع كبير في إسطنبول على نفقة الحكومة، وكان منهم المؤذن والقارئ. إنها خطوة مدروسة في الاتجاه المعاكس بلا ضجيج ولا (دعاية) مجانية لمجموعة (س) أو مجموعة (ص) حتى لو كانت للمقاطعة والاستبعاد. عالم اليوم يموج بالمتناقضات، ويطفح بالمغالطات، ولكل توجه قوة ومنعة، ومال وسطوة. ولذا فإن التركيز على العمل الإيجابي خير وأبقى، وأدوم وأجدى. كثيرة هي الأفكار التي يمكن تطويرها لتكون فاعلة ومنتجة، وبلا تكاليف باهظة طالما كان وراءها رجال مخلصون ونساء مخلصات مع كثير من التجرد والوعي وقراءة الواقع جيدًا. في النهاية لن نتجاوز هذه العقدة إلاّ بتربية سليمة عمادها توجيه الطاقات إلى معالي الأمور والبعد عن سفاسفها، فلا نشغل الأوقات إلاّ بالمهم والأهم. salem_sahab@hotmail.com
مشاركة :