القصص اليومية التي تصلنا عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو في نشرات الأخبار عن غرق عشرات اللاجئين السوريين تصيب أصحاب الضمائر بهزة وحسرة، أما الذين يبحثون عن مبررات لبراميل الموت التي يلقيها بشار فهؤلاء بلا ضمائر، وسيتحسرون كثيراً عندما تدور الدوائر عليهم ويكونون في موقع الضحية ولا يجدون من يقف معهم. واحدى هذه القصص كشفتها وسائل الإعلام الإيطالية لأب سوري هرب من براميل وصواريخ بشار لإنقاذ عائلته، ولكن ابنته الصغيرة توفيت أثناء الإبحار في قوارب الموت، فقام هذا الأب بإلقاء ابنته في عرض البحر... وهو يتألم ويتحسر، وكذلك ذكرت وسائل الإعلام عن قصة اللاجئين السوريين الذين ماتوا في احدى الشاحنات المركونة على أحد الطرق في النمسا، وتم اكتشاف شاحنة ثانية كذلك بها ضحايا. والقصص التي تتحدث عن غرق السوريين في البحر لا تكاد تنتهي في كل يوم، وهي جزء من معاناة السوريين خلال الأعوام الأربعة الماضية. وحذرت المنظمة الدولية للهجرة من أن البحر المتوسط بات أخطر طرق الانتقال في العالم بالنسبة للمهاجرين غير الشرعيين واللاجئين، وكانت المنظمة قد كشفت في تقرير سابق أن أكثر من 2300 مهاجر ولاجئ لقوا حتفهم منذ مطلع 2015، مقارنة بمقتل 3279 في العام الماضي. وأصدرت مؤسستان أوروبيتان تقريراً يوثق ويتحدث عن كارثة غرق قوارب الموت الآتية من سورية إلى أوروبا عبر البحر المتوسط، وذكر مرصد حقوق الإنسان، ومركز العلاقات الأوروبية، في بيان ان التقرير الذي يحمل عنوان «قوارب الموت» مكون من ستين صفحة لرحلة الموت الجماعية التي عاشها السوريون في البحر، منذ أن دفعتهم عوامل انعدام الأمن وغياب الرعاية الأممية في دول الجوار السوري، إلى ركوب قوارب الموت بحثاً عن شواطئ الحياة، لتنتهي بهم الحال وهم جثث على الشواطئ. فهؤلاء اللاجئون لم تكن أمامهم خيارات كثيرة، إما أن تطولهم براميل بشار أو وحشية «داعش»، فاختاروا السفر إلى أوروبا عن طريق البحر، متحملين كافة المخاطر التي تحيط بهم، خاصة وهم يشاهدون كيف تركهم الأقربون، وسط تدفق المقاتلين الأجانب والذين يقتلونهم على حسب الهوية، وسط صمت دولي وعربي مطبق، حتى جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي تركتهم يواجهون مصيرهم لوحدهم. ما حدث للاجئين السوريين هي مأساة إنسانية بكل ما تعنيه الكلمة، بل من أكبر القضايا في العصر الحديث، ويتحمل المسؤولية الأكبر الدول التي وفرت الغطاء لبشار في مجلس الأمن الدولي لكي يفترس شعبه، ولو أن المجتمع الدولي كان حازماً منذ البداية لما وقعت كل هذه المشاكل والمآسي التي تحصل. مطلوب من الدول العربية استضافة هؤلاء اللاجئين وحمايتهم من قوارب الموت وإيصالهم إلى شواطئ الحياة، كذلك دعم الدول المجاورة التي تستقبل هؤلاء اللاجئين، وتركيا الآن لوحدها بها نصف اللاجئين تقريبا ويبلغ عددهم مليوني لاجئ، وكذلك الأردن ولبنان ولكن الفرق بين هذه البلدان وتركيا هو أن اقتصادياتها لا تتحمل هؤلاء اللاجئين والبنية التحتية فيها تحتاج إلى دعم كبير، فيجب تقديم العون والمساهمة لإغاثة اللاجئين حتى عودتهم إلى ديارهم، خاصة ونحن على أبواب عام دراسي جديد. وفي هذه القضايا لا توجد فيها مساحة على الحياد، فنصرة المظلوم واجبة. والشكر موصول لدولة الكويت على هذا الدعم السخي لهم حتى أن كل مؤتمرات المانحين الأول والثاني والثالث كانت في الكويت. akandary@gmail.com