نزهو باختلافنا لا خلافنا.. - أميمة الخميس

  • 9/2/2015
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

في مدينة أبها عام 2005 انعقدت إحدى بواكير لقاءات الحوار الوطني (نحن والآخر)، وقتها كانت لقاءات الحوار الوطني تحظى باهتمام واسع وتغطية إعلامية مكثفة ودعم نخبوي يرافقه فضول شعبوي، وكانت طموحات المشاركين عالية وآمالهم واعدة تشبه الغيم الذي كان يطوق جبال السراة حولنا آنذاك. تلك اللقاءات كانت أحد ملامح عهد الملك عبدالله يرحمه الله، والتي كانت تكرس حياد الخطاب السياسي مع البقاء على مسافة متساوية من جميع الشرائح، وبدأت تتكرر وتتصعد بكثافة مفردة (أطياف المجتمع) إعلاميا ورسميا، مقابل شعار (أخرجوا المشركين من جزيرة العرب) الذي كان يلوح به تنظيم القاعدة آنذاك بعد سلسلة من التفجيرات الإرهابية. ومع توالي لقاءات الحوار الوطني أخذ يخطو إلى المشهد الرسمي الأطراف والمهمشون وسكان الظل، من الأقليات والنساء، والمغيبون، حيث اتسعت دوائر الوطنية وأصبحت أكثر مرونة، وأسس مشروع الحوار الوطني لصيغة مختلفة في العلاقات بين فئات المجتمع بعضهم البعض، علاقة قوامها المواطنة والمساواة والندية، في محيط لم يألف سوى أحادية اللون وقطعية الجواب، ومن هنا كانت تاريخية مشروع الحوار الوطني كطوق الأمان لشعب بات يعي بأن لديه شرخا وطنيا مهددا. وأذكر وقتها بأنه تم اختياري لأقدم كلمة المتحاورين في نهاية اللقاء في حضرة الملك عبدالله يرحمه الله... فظل أحد أسطر تلك الكلمة عالقا بذهني (نحن نزهو باختلافنا.. لا خلافنا). اليوم بعد مرور عقد من الزمان على لقاء أبها (نحن والآخر) وبعد العديد من اللقاءات والمشاركات، وبعد مأسسة حلم الحوار، مع تأسيس أكاديمية للحوار. أين كنا.. وأين أصبحنا ؟ فتيار الزمن إما أن تستثمره فتجعله يصب في حقلك بالتجارب والخبرات والتطوير والإبداع، وكما يقال من لايتقدم يتقادم، أو التعامل مع تيار الزمن الهادر كنزيف يأخذ الحماس وتوهج البدايات، والخطط والمشروعات وفي النهاية يتحول إلى ممارسة حكومية بيروقراطية مفرغة من روحها. قبل عشر سنوات كان موضوع اللقاء اسمه (نحن والآخر) ومابرح إلى الآن مأزقنا هو الآخر، بعد أن تطورت علاقتنا مع المختلف إلى أطوار في غاية العنف والتوحش الذي يصل حد التصفية. ولو أن البيان الختامي والتوصيات التي خرجت عن لقاء أبها 2005، (التي تضمنت آراء وأفكار ومقترحات النخب الوطنية حول توضيح وترسيخ مفهوم الوطنية) ذهبت في مسارها الايجابي واستثمرت لكانت بذرة لتشريع وقانون يجرم العنصرية والطائفية والكراهية، وليصبح تحت طائلة العقاب الشرعي والقانوني كل من يعبث ويقامر بمستقبل وطن، ولاستبقنا بذلك مصعدي خطاب التطرف والكثير من المشائين بنميم، حاملي معاول التفرقة والتمايز. ولكن مازال البعض بنوع من الجحود وضيق الأفق وغياب الوعي الوطني يرفض هذا القانون حتى على مستوى المناقشة بذرائع عجيبة تضمر سوء خبيئة.. أيضا ضد الآخر. بينما مشروع الحوار الوطني يعاني حالة ارتكاسية بعدما تحول الحوار إما لدفع اتهام موارب، أو ساحة للتنابز بالتهم والطعن في الوطنية. الإعلام الجديد نبش واستنطق كل ما هو ظلامي عنصري شوفيني في مخزوننا الثقافي، وبعد سنوات من التحريض ومنابر الكراهية انتهى بنا الأمر لأن تفجر المساجد وبيوت الله! وها نحن اليوم نصطف من جديد على المقاعد نحاول معالجة أقفال الأسئلة القديمة... هل حوارنا الوطني يتقدم.. أم يتقادم؟ (ألقيت في حلقة نقاش مصغرة ) بمركز الحوار الوطني، 31-8-2015 لمراسلة الكاتب: oalkhamis@alriyadh.net

مشاركة :