ما أجملك يا البحرين

  • 1/30/2021
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

قد يمر إنسان ما على خريطة العالم ولا ينتبه لوجود البحرين لصغر مساحتها الجغرافية، وقد تسمع من أحدهم طرفة حول صغر مساحة البحرين، وقد تجهد نفسك وأنت تشرح لصديق أمريكي أو أسترالي عن البحرين كدولة عصرية لها جذور ضاربة في القدم تحكمها دستورية ملكية متقدمة يقوم عليها قادة ذوو رؤية حكيمة ثاقبة ويلتف حولهم شعب يعيش بتآخٍ واستقرار وتطلع لمستقبل مشرق. البحرين من الدول التي تجذبك بسحرها وطيب أهلها، وكل من عرفها من قريب أو بعيد أحبها وعشقها وأراد أن يمضي عمره فيها، وأعرف العديد من الأمريكيين والإنكليز والبريطانيين الذين جاؤوا إلى البحرين في مهمات دبلوماسية أو بغرض العمل لفترة مؤقتة، لكنهم شيئًا فشيئًا غرقوا في حب البحرين وقرروا أن يقضوا بقية حياتهم فيها، وبعضهم مات ودفن في أرضها. وأعرف من طلبت منه شركته الانتقال للعمل في فرع لها خارج البحرين فاستقال من الشركة ورضي بالعمل براتب أقل في شركة أخرى مقابل أن يبقى في البحرين التي تترعرع فيها أسرته. ربما يكون من الأفضل ألا نخبر الناس بما نحن فيه من نعم فيحسدوننا عليها، أقول ذلك بكل صدق، فباستثناء بعض الدول الخليجية والإسكندنافية المعدودة على الأصابع، نرى أن العالم من حولنا يعيش تعاسته بدرجات متفاوتة، تعاسة الحروب والصراعات وصعوبة وربما استحالة تدبر حتى أمور الحياة الأساسية من أكل وطبابة وتعليم، أتحدث هنا عن الهندي والصيني والبريطاني والإندونيسي ومعظم باقي الـ195 دولة التي تضمها الأمم المتحدة. بعض أو كثير من سكان تلك الدول يعانون حتى في كيفية تدبير قوت يومهم، وتقارير الفقر التي تصدرها الأمم المتحدة دليل على ذلك، حتى في الولايات المتحدة الأمريكية ذاتها شاهدنا خلال جائحة كورونا انتشار ما يسمونه هناك ببنوك الطعام، حيث يصطف الملايين من الأمريكيين في طوابير موزعة على طول الولايات وعرضها للحصول على وجبة طعام يسدون بها رمقهم. يجب أن نتذكر دائمًا النعم التي ننعم بها في البحرين، فالكهرباء والماء والإنترنت والصرف الصحي والطرق المنارة وسرعة استجابة الإطفاء والإسعاف وشرطة النجدة وقائمة طويلة من الخدمات ليست تحصيل حاصل، وتوفيرها ليس سهلاً. في جائحة كورونا ظهر معدن البحرينيين الأصيل، عندما انبرى الجميع للدفاع عن قضية الصحة العامة ومواجهة هذا الفيروس اللعين، وشاهدنا مثلاً كيف أن المنصة الوطنية للتطوع استقطبت خلال ساعات فقط أكثر من 30 ألف متطوع من مختلف الأعمار والفئات والمناطق. من خلال هذه الجائحة أيضًا تأكد لنا مرة أخرى مدى حب قيادتنا لنا جميعًا، وحرصها على صحتنا وسلامتنا، فجلالة الملك وسمو ولي العهد رئيس الوزراء كانا في مقدمة الصفوف الأمامية بتقديم الدعم المادي والصحي والتوعوي، وها هي البحرين تكتب بنجاح الفصل الأخير من كتاب مواجهتها مع هذه الجائحة من خلال توفير اللقاح المجاني للمواطنين والمقيمين، وقد عايشت بنفسي ذلك، فقد أجريت أربع اختبارات كورونا وكنت في كل مرة أتأكد أكثر من اهتمام ومهنية أبطال الصفوف الأمامية، كما أخذت اللقاح على دفعتين، وكنت في كل مرة أتلقى أكثر من اتصال لتذكيري بالموعد، وألقى من الطاقم الطبي والصحي كل حفاوة واهتمام، حالي حال الجميع هناك. لقد قدمت إلى البحرين في العام 1975 بنية العودة إلى وطني لبنان حينما تسنح الظروف، لكن شيئًا فشيئًا بدأت أجد في البحرين وطني، وقدم لي كل شيء من أمن وطمأنينة وفرص عمل، وله عليَّ دين أسعى في كل يوم إلى رد شيء منه. أدركت منذ ذلك الحين أن نظرة حكام البحرين من آل خليفة الكرام في استشراف المستقبل بتحرر وبعد نظر، وتركيبة المجتمع البحريني المنفتح والمتحضر، جعلت البحرين في مقدمة دول المنطقة تقدمًا وتطورًا، ومنها بدأت صناعات مثل خطوط شركات الطيران والترفيه والصيرفة المالية قبل أن تزدهر هذه الصناعات في دول المنطقة، وقد كان هذا الانفتاح محل انتقاد وربما شكوى في بعض الأحيان من الأشقاء والجيران، لكنا رأيناهم بعد ذلك يسيرون على نفس النهج، وربما بسرعة أكبر. لم تكن البحرين يومًا من الأيام دولة عدوانية توسعية، ولا أدل على ذلك من تسمية «قوة دفاع البحرين»، أي قوة الدفاع عن البحرين، ولم تدخل البحرين في صراعات إقليمية، ولم تعمل على تغذية طرف متصارع على حساب طرف آخر، بل كانت داعية أبدا للسلم والاستقرار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، وهذا حنكة وبعد نظر تحسب لجلالة الملك المفدى. قد تطفو على السطح أحيانًا بعض المشاكل والتحديات، وقد يتلقف الإعلام المعادي المضلل حادثة هنا أو هناك لينفخ فيها النار ويخلق منها فتنة ويقدم صورة سيئة غير حقيقة عن البحرين للعالم، لكن عند الشدائد ستجد البحرينيين كلهم على قلب رجل واحد خلف قيادتهم، مدفوعين بحب وطنهم وحرصهم على أمنه واستقراره، خاصة وهم يرون الدول التي انهارت من حولهم تحت وطأة ما سمي زورًا وبهتانًا بالربيع العربي والديمقراطية وحقوق الإنسان. أعتقد أن علينا مسؤولية كبيرة في الحفاظ على ما نحن فيه من نعم، وقبل كل شيء يجب أن نكون حريصين كل الحرص على أمن واستقرار وطننا، فهذه هي الركيزة الأساسية للعيش الكريم، خاصة وأن هناك دولاً تعوم على بحر من نفط مثل العراق وفنزويلا، لكن أهلها يعانون الفقر والجوع والمرض، ولا يأمنون على حياتهم. عندما استحدث بلد آخر أحبه، هو الإمارات العربية المتحدة، وزارة للسعادة، قلت في نفسي: لماذا ليس لدينا في البحرين مثل هذه الوزارة؟ لكني اليوم أدركت أن نعيش هنا ما يمكن أن أسميها «سعادة البحرين»، سعادة من نوع خاص تجعلنا حتى عندما «نتحلطم» نضحك وغير مكترثين؛ لأننا ندرك تمامًا مدى حرص قيادتنا وحكومتنا على تذليل أي تحدٍ أمامنا، وأن كل وزير ومسؤول يجهد نفسه لتحقيق مصلحتنا، وأن البحرين لن تكون إلا بخير بمشيئة الله. * رئيس مجلس إدارة مجموعة بروموسفن القابضة

مشاركة :