دائماً ما تكون هناك لحظة فارقة، في حوار صحفي عن الثقافة، باعتبارها في عمق حضورها، بمثابة تجربة شخصية تفاعلية، لذا عند تساؤل الفنانتين والشاعرتين شما البستكي، وسارة المهيري، في حديثهما مع «الاتحاد» عما تعنيه اللغة، وهل يُمكن اعتبار المزج بين الأشكال الإبداعية من مثل الفن التشكيلي والأدب، لغة خاصة لها إدراكاتها الخاصة؟ ففي نظرهما نعم، فليس هناك ذلك الخط الفاصل كما يعتقد الكثيرون، بل هو الخيط الرفيع المُشكل لحالة من إنتاج الجمال، من مثل الشعر، فهو من بين أكثر الحالات الإبداعية القادرة على وضع كل اللغات خارج الجسد وداخله في نفس الوقت، بحسب شما البستكي وسارة المهيري، تشاركهما الفنانة والكاتبة جيل ماجي من اتفقن على أن: «الشعر يجعل كل لغة «أخرى»»، وبالنسبة لهم اللغة تتجاوز الكلمات. شما البستكي شما البستكي وجاء ذلك، خلال مناقشتهم أبعاد تأسيس مجموعة جارا الإماراتية، المتخصصة في إنتاج الكتب الصغيرة تتضمن الشعر والقصة والمقالة، ضمن فعاليات مهرجان طيران الإمارات للآداب، حيث يُشكل صناعة الكتاب نفسه، لدى القائمين على مجموعة جارا عملاً فنياً، بمثابة صناعة يدوية، ومزيج نوعي بين الفن والأدب، الهادف إلى دعم النشر الذاتي، أو ما يطلق عليه بـ «المستقل». «لا نريد أن ينتظر الكُتاب، دور النشر الكبرى، لتقديم إنتاجهم الإبداعي، لأن الأصل في الكتابة هو التشارك» هنا توضح شما البستكي ضرورة إدراك مسألة إنتاج الكتب الصغيرة، والتي تسمى بـ «chapbook»، والمعروف بشكل كبير في ثقافات مختلفة، وركزت البستكي على أن اللغة تحتاج إلى أن نخرج ونعبر عنها، وأضافت وقتها سارة المهيري أنهم في مجموعة جارا، ومن خلال إنتاج أول كتاب لهم «قلق المستقبل / الحاضر: مرحباً بقلم آرثر دي أوليفيرا» في سبتمبر من عام 2020، يودون التفاعل بشكل أساسي مع المحيط الثقافي الفني ودعم الفنانين، إلى جانب سعيهم لإلهام العديد من الأشخاص، للإقدام نحو خطوة إتاحة مساحة أكبر للتبادل الثقافي، فالإنتاجات الإبداعية تتطلب تفرعات متجددة من المبادرات المحلية للأفراد، واستمرارها مهم لإثراء الحراك الفني والثقافي. سارة المهيري سارة المهيري وهو ما ينقلنا إلى طبيعة تلك المجتمعات الفنية الصغيرة التي تتشكل حول مشروع ثقافي فردي، أطلعتنا شما البستكي، أن هناك بالطبع انطلاقة مبنية على علاقتهم مع المجتمع الفني ومحيطهم الشخصي، وبحثهم عن أصوات شعرية لافتة هدفه الأسمى خلق حوار بينهم جميعاً، ككتاب ومنتجين للحالة الإبداعية والجمهور، من خلال طرح الأسئلة، أوضحت حولها سارة المهيري، من مثل السؤال: أن يكون الشخص متعدد اللغات. ولفتت شما البستكي أنهم لا يرون بأن هناك خطوطاً عازلة بين اللغات المختلفة، مثلما أنهم لا ينظرون إلى أن هناك خطاً فاصلاً بين الشعر والفنون، بقولها: «نحن ننظر إلى اللغة بشيء من التجريد، ونفكر بها باعتبارها تجربة، حتى الأرقام والألوان، جميعها تمثل لنا لغة». جيل ماجي جيل ماجي نوهت سارة المهيري، أنهم في محاولة التمازج بين الأشكال الإبداعية المختلفة، فإن العملية عفوية جداً، وليست قسرية، فمن خلال الحس الإبداعي تتجلى لحظة التكوين بين لغتين مختلفتين، فبالعودة إلى صناعة الكتب الصغيرة، فهي تحمل حساً شخصياً، لأن الفنان يصنعها بيديه، فهو بذلك يضع تجربته في الفعل الكتابي الإبداعي ككل، وفهم ذلك يتطلب التفاعل بشكل أساسي. إضاءات شما البستكي، شاعرة وفنانة، تخرجت في جامعة نيويورك في أبوظبي، وتخصصت في مجال علم الاجتماع والسياسة العامة والأدب والكتابة الإبداعية، حصلت شما على جائزة أبوظبي للثقافة والفنون للإبداع لعام 2019 عن مجموعتها الشعرية «لبيت لبيت»، بينما تعمل الشاعرة والفنانة سارة المهيري في مجموعاتها الفنية على موضوعات الهوية واللغة والمادية والذاكرة. وفيما يتعلق بالفنانة والكاتبة جيل ماجي فإنها تعمل في مجال النصوص والصور والمنسوجات، وقامت بتأليف ستة كتب شعر والعديد من الكتب المصنوعة يدوياً الموجودة في الجامعة في مجموعة Buffalo Poetry Collection.
مشاركة :