جدد المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني دعوته إلى إجراء «إصلاحات حقيقية» في العراق، وطالب بملاحقة ومحاسبة «الرؤوس الكبيرة من الفاسدين»، ولكنه شكك في قدرة القضاء وهيئة النزاهة في ملاحقتهم، ودعا إلى اتخاذ خطوات «جدية لتنفيذ إصلاحات شاملة». وقال ممثل المرجعية الدينية في كربلاء أحمد الصافي في خطبة الجمعة أمس إن «من أهم مظاهر الفساد تكاثر الذين أثروا على حساب الشعب واستحوذوا على المال العام بطرق غير مشروعة، مستغلين مواقعهم أو مواقع معارفهم لتحقيق مصالحهم». ودعا إلى «البدء بملاحقة ومحاسبة الرؤوس الكبيرة من هؤلاء الفاسدين واسترجاع الأموال المنهوبة كواحدة من الخطوات الحقيقية للإصلاح». وحمّل هيئة النزاهة والسلطة القضائية «مسؤولية ملاحقة أولئك الفاسدين بالدرجة الأساس»، وأشار إلى أن «هناك الكثير من التساؤلات عن مقدرة الهيئة النزاهة والسلطة القضائية على تحمل تلك المسؤولية والقيام بهذه المهمة من دون مزيد من التأخير والتسويف». وأضاف إن «الحاجة الملحة والضرورية للإصلاح في مختلف الأجهزة ومؤسساتها أمر يدركه الجميع ويقر به الجميع أيضاً»، واعتبر أن «المشاكل التي يعانيها شعبنا وبلدنا نتيجة لتفاقم الفساد خلال أكثر من عقد». وأوضح أن «تلك المشاكل لا يمكن تجاوزها ورفع معاناة المواطنين إلا من خلال إصلاح حقيقي واسع في كل المجالات»، وقال أن «تناغم المسؤولين مع دعوات الإصلاح وتأييدها خطابياً وإعلامياً غير كاف»، داعياً إياهم، إلى «المساهمة بصورة فاعلة في تحقق الإصلاح على أرض الواقع كل من مكانه وموقعه» وشدد على أن «أي مسؤول مهما كان موقعه وصلاحياته القانونية، لا يتمكن بمفرده من تحقيق الإصلاحات المطلوبة إلا من خلال تكاتف الآخرين معه من مختلف السلطات»، وحمّل «من هم في المواقع الأساسية في السلطة مسؤولية إنجاز المهمة». ولفت إلى أن «الشعب الذي عانى طويلاً من الفساد وازدادت معاناته يترقب أن تتسارع الخطوات الإصلاحية وتكون حقيقية تمس جوهر مطالبه وشاملة تعم مختلف مؤسسات الدولة لتطهيرها من هذا البلاء الماحق». من جهة ثانية، اعتبر ممثل السيستاني أن «ضعف التخطيط الاقتصادي وعدم وضع استراتيجية متكاملة لتوفير موارد مالية للبلد غير أثمان النفط وجه من أوجه الفساد»، ولفت إلى أن «العراق يعاني عدم استثمار موارده وإمكاناته الكثيرة بصورة صحيحة عدا النفط». وانتقد «الزيادة المستمرة في أعداد الموظفين في الدوائر الحكومية من غير حاجة حقيقية إلى الكثيرين منهم بدل تنشيط القطاعين الزراعي والصناعي وتوفير فرص عمل للشباب في هذين الحقلين». ودعا المسؤولين إلى «تنشيط القطاع الزراعي وتوفير كل السبل للارتقاء به لأهميته في تحقق الأمن الغذائي وتوفير فرص العمل»، معتبراً «الترويج للزراعة والاهتمام بالمزارع والفلاح وتذليل العقبات التي يواجهانها أمر لا بد منه لو أرادت الحكومة علاج جانب من المشاكل الاقتصادية». وزاد أن «القطاع الصناعي كذلك يعاني الإهمال إلى حد كبير»، ولفت إلى وجود «المئات من المصانع الحكومية المعطلة يتبعها عشرات الآلاف من العمال العاطلين الذين يطالبون برواتبهم». وطالب «بخطط مناسبة لفرز ما يصلح من تلك المصانع لإعادة العمل فيه والسعي إلى تطويره وإقامة مصانع جديدة وإنعاش القطاع الصناعي، وحماية المنتج الوطني من التنافس مع المنتج الخارجي والاعتماد على الصناعات المحلية وتحسينها».
مشاركة :