لم نسمع في عالم السياسة بمصطلحات كالعناد وكالفجور في الخصومة، فالسياسة مرنة ويتحكم برسمها مصلحة الدولة العليا، لذلك لا يمكن بحال من الأحوال أن نطلق على ما يحدث اليوم العمل السياسي، فأقرب مصطلح يتناسب معه هو العبث السياسي، حيث الساسة كثر ولكن بلا عمل سياسي. كل ما نراه اليوم من تصرفات وتصريحات لساستنا ينم عن حالة عناد وعداء فاجر بين أطراف السياسة، فالكل منهم يريد الانتقام من خصمه على حساب الوطن والمواطن، فغاب العقل واختفت الحكمة، وأصبح الصراع أكبر من المتصارعين، ليصل إلى عامة الشعب، حيث لم يعد هناك طرف محايد، وأصبحت نظرية (إما معي وإما ضدي) هي السائدة، فلو انتقدت أحد أقطاب الصراع فأنت متهم بأنك مع الطرف الآخر وهكذا. صراع ساستنا الجدد صراع عبثي تجاوز حدود أطرافه ليؤثر في كل مؤسسات الدولة، كما أشغل المواطنين به وتأثر سلوكهم وحياتهم حتى أصبح اختلافهم شجارا وخصومة، لا كما عهدناه في السابق بأن "الاختلاف لا يفسد للود قضية"، وهنا تقع مسؤولية انتشال البلد على عاتق السلطتين التشريعية والتنفيذية، خصوصا الرئيسين اللذين نجزم بأن منصبيهما يخولانهما لتجاوز أزمتنا وقيادة الوطن لبر الأمان والازدهار، وأنهما يتحملان المسؤولية الوطنية والشرعية كاملة لكل ما يحدث للوطن، ولا خيار أمامهما إن عجزا أو فشلا سوى المغادرة وإلا فإن التاريخ لن يرحمهما. لا عاقل يقر بعقلانية ومنطقية ما يحدث للكويت التي كانت منارةً للحريات والنقد البناء والعمل السياسي الرزين المتزن الخالي من الحقد والعبث وفساد العمل، ولا يمكن لمدرك أن يعتبر أن واقعنا طبيعي، تديره ثلة مستنيرة وحكيمة وفقاً لسياسة متزنة ورزينة. يعني بالعربي المشرمح: كفى ساستنا عناداً وفجورا في الخصومة، وكفى عبثاً بمستقبلنا ومستقبل الوطن، وعلى سمو رئيس الوزراء وقبل أن يشكل حكومته الجديدة أن يتمعن في واقع الوطن، وأن يتحمل مسؤوليته الوطنية والسياسية والشرعية ويفكر جلياً بالمستقبل الذي ينتظرنا لو استمر هذا العبث، وسيجد الشعب داعماً له ومسانداً لأي خطوة من خطوات الإصلاح ومحاربة الفساد ولأي خطة تقودنا إلى الاستقرار والتلاحم وبناء الوطن وتنظيفه من دمار العبث السياسي الذي مررنا به.
مشاركة :