حظي موضوع وليد السناني و«الحقوقيون».. الدولة بين التكفير «الديني والسياسي»" بتفاعل كبير من القراء الذين دعا له بعضهم بالهداية، فيما دعا له آخرون بالشفاء باعتباره مريضا "وأفكاره مسممة، ومريض فكرياً، ومتخلف عصرياً, ولم يقتنع بالتطور الذي ينشده الإسلام". ورأى بعض القراء في نشر الحلقة خطأ إعلاميا كبيرا خشية أن يتأثر صغار الشباب بأفكاره ويتبعوا فتاواه الباطلة، وحذر قراء "السناني" من ذكر العلماء الأجلاء بسوء. وكان بث حلقة المعتقل وليد السناني وحواره مع الإعلامي داود الشريان في برنامج الثامنة، قد أثار ردود فعل شعبية واجتماعية واسعة. ليس من المفاجأة فقط بطرحه الذي لا يبدو منتمياً للعصر الحديث, من تحريمه مواصلة التعليم المدرسي لأبنائه, إلى رؤيته أن الإرهابيين الذين يحصدون في طريق عملياتهم الإرهابية أرواح الأبرياء هم معفى عنهم شرعاً, فضلاً عن جواز قتل رجال الأمن لأنهم جنود للطاغوت وهو يقصد هنا الدولة. إضافة إلى أحاديث طويلة عن الكيفية التي يقضي بها يومه في زنزانته الانفرادية (الاختيارية) في متابعة أخبار المجاهدين في جبهة النصرة وداعش في الشام من خلال قناة الجزيرة القطرية, التي يفضلها ويرى فيها تعاطفاً مع الإسلاميين, ولا تعادي أهل الإسلام. الحلقة كانت مثار جدل من نوع مختلف لدى الناشطين الحقوقيين في السعودية, الذين رأوا في بث المقابلة محاولة لتأليب الشارع السعودي على المعتقلين بتصويرهم بأنهم خارج العصر الحديث ومتطلباته, فيما رأى آخرون أن ما قاله السناني: لا يعدو كونه رأياً لا يستدعي الحبس. هذه المواقف المعارضة بالمطلق لأي تحرك سياسي حكومي سواء في ملفات السياسة الخارجية أو الداخلية, اتسق بشكل واضح مع طرح عدد هائل من معرفات تنظيم القاعدة في مواقع التواصل الاجتماعية والمواقع الإخبارية الخاصة بالجماعات الأصولية. يقول عن هذا التناغم, الباحث المصري في السياسة والحركات الأصولية هاني نسيرة: ليس غريباً هذا الاتساق, كون التطرف ذهنية ومنهجية تفكير, بغض النظر عن الهوية الأيديولوجية. الكثير من النخب الثقافية الإعلامية والسياسية من النشطاء وغيرهم, يخدمون التيارات المتطرفة دينياً, فهم معارضون للدولة بالمفهوم العام. لأنهم أصلاً غير مهتمين بالفضاء العام للدولة من مجتمع وأمن وسلطات ومؤسسات. هذا الذي يكفر لو لم تكن هناك دولة, لاستباح حقوقهم وقتل هؤلاء الذين يدافعون عنه الآن. ويزيد نسيرة في حديثه لـ الاقتصادية: هناك إشكاليتان في تمظهر المعارضة الحقوقية, ليس في السعودية فقط, بل في العالم العربي, الأولى أن الاهتمام بفكرة الحرية يأتي على حساب الاهتمام بفكرة الدولة, أنت بهذه الطريقة تقتل فكرة الدولة الحديثة ولا تحييها, فالحداثة لا تنتج خيارات غير حديثة. أما الإشكالية الثانية, أن هناك حالة هشاشة معرفية تعانيها النخبة, تجعل لديها رغبة في الظهور على حساب الدولة, هذا النوع من النخبة تشغلهم الإثارة والشخصنة والظهور بقالب المعارض الجريء أكثر من فكرة التحليل المعمق؛ لأن هذا الطرح ببساطة لا يصنع له الحضور الإعلامي الذي ينشده من فكرة المعارضة.
مشاركة :