في ذكري مئوية محمد نجيب وتزامنه مع ما حدث للبابا يوساب الثاني تنفرد "البوابة نيوز" بنشر العلاقة بين البابا يوساب والشباب القبطي ومحمد نجيب.يوساب الثاني هو بابا الإسكندرية وبطريرك الكنيسة القبطية الأرثوذكسية الخامس عشر بعد المائة. كان مطران جرجا قبل أن يصبح البابا، وهو ثالث أسقف / مطران يصبح البابا بعد البابوات: يوحنا التاسع عشر ومكاريوس الثالث. كان ورعًا وقائدًا عظيمًا للكنيسة القبطية، وقد عاصر الملك فاروق وثورة يوليو 1952قصة عزل البابا يوساب الثاني:حول ذلك كتب الباحث ياسر يوسف في "عضمة زرقا"في منتصف القرن العشرين وتحديدا بين عامي 1954 و55 مرت الكنيسة القبطية بظروف عصيبة وحدثت قصة فريدة من نوعها في تاريخ الكنيسة...ربما لم تحدث مع بطريرك قبطي من قبل وحدثت مع البابا يوساب الثاني البطريرك ال115..كان مطرانا لجرجا قبل جلوسه على كرسي مارمرقس وكان مطرانا مثقفا مطلعا ولكن مشكلته انه سلم أمور البطريركية لخادمه كامل جرجس الشهير بملك وكان يعرفه من أيام اسقفيته بجرجا.ملك استغل منصبه وميل البابا له ووضع حاحز بين البابا وشعبه ومنع صوت الناس ان يصل للبابا..واغلق الكنائس امام خدمة مدارس الأحد وزور خطابات بتوقيع البابا لعزل اساقفة... ولم يسمع البابا لاحد ممن نصحوه ان يطرد خادمه الفاسد وعندما تم القبض على ملك واعادته لجرجا تدخل البابا عبرالاتصال بالرئيس محمد نجيب.. واعاده لحاشيته.. كان البابا يوساب يثق فيه ثقة عمياء وتحرك المجمع المقدس والمجلس الملي وحاولوا الاجتماع في البطريركية القديمة لكن البابا اغلقها بالسلاسل وارسل خادمه ملك من يطرد الاباء وعندها قرر اباء الكنيسة من مطارنة واساقفة ان الامر بات خطرا على الكنيسة واجتمعوا وأصدروا بيانا قويا في اواخر ١٩٥٤ وقرروا عدة قرارات لاصلاح حالة الكنيسة والتزام البطريرك بقوانينها ولكن لم يلتزم البابا يوساب بقرارات المجمع المقدس فكان القرار التاريخي بعزل البطريرك من مهامه الإدارية وتعيين لجنة من ثلاثة مطارنة لقيادة الكنيسة وهمالانبا بنيامين مطران المنوفية الاسبقالانبا اغابيوس مطران ديروط الاسبقالانبا ميخائيل مطران أسيوط السابقو جاء في البيان الذي اذاعه المجمع المقدسبإسم الآب والإبن والروح القدس اله واحد آمينإلى الأمة المصرية وشعوب الكرازة المرقسية - إلى الإكليروس والشعبنعمة لكم وسلام من الله:تعلمون الأحداث الخطيرة التى تجتازها الآن كنيستنا المقدسة التى نفتديها بدمائنا وأرواحنا كما تسلمناها من أجدادنا الشهداء الذين أستشهدوا في سبيل المحافظة على كنيستهم وعقيدتهم الأرثوذكسية،وقد أستشعر المجمع المقدس مسئولياته الجسام حيال هذه الأحداث بصفته السلطة العليا في الكنيسة وصاحب الولاية الكاملة على تصرفات من يجلس على كرسى مار مرقس الرسول، فبادر المجمع إلى عقد جلساته في سبتمبر وأكتوبر سنة 1954م وكان أن توجهت هيئة المجمع إلى البطريركية فما كان من الأنبا يوساب الثانى إلا أن أمر بإغلاق جميع الأبواب في وجه المجمع، بل أنه إستعان (بالبوابين) على منع الاجتماع، وقد حضر لفيف من الضباط وقوة كبيرة من البوليس على رأسها حكمدار العاصمة، وحاصروا جميع الشوارع المؤدية إلى البطريركية، فلم يسع المجمع إلا أن يطرق باب البطريركية ثلاث مرات، طالبًا أن يفتح البابا الأبواب لدخول الأعضاء فأجيبوا من الداخل بأن ممنوع عليهم بأمر الأنبا يوساب.فرأى المجمع المقدس أن يواجه مسئولياته نحو هذا الموقف الخطير ونحو عثرة الأنبا يوساب وإخلاله بقوانين الكنيسة وبحقوق المجمع المقدس، فإجتمع المجمع المقدس وقرر عدم الثقة بالأنبا يوساب - وكانت الحكمة تقضى عليه أن يقدر خطورة الموقف وإنهيار شأنه فيبادر بالتنحى عن كرسيه فور صدور هذا القرار - ولكن تصرفاته زادت سوءًا - وقد إنقضى على قرارات المجمع المقدس قرابة عام عمت خلاله الفوضى جميع شئون الكنيسة وعرض مركز الكنيسة للهوان وبالغ ألأضرار حتى أطمع فيها رؤساء الكنائس الأجنبية.. ولولا ان إيمان الشعب قوى في عقيدته ثابت في ولائه لكنيسته أم الكنائس ومهد المسيحية لوقع مالا يتمناه غيور لكنيسته. لهذا فقد إجتمع المجمع المقدس وإستعرض كل ما وصلت إليه حالة الكنيسة، وقرر ذلك القرار التاريخى:يحكم المجمع بإعفاء اللأنبا يوساب من إدارة شئون الكنيسة كافة وابعاده عن مقر الكرازة المرقسية بالقاهرة والإسكندرية وتشكيل لجنة ثلاثية من بين أعضاء المجمع المقدس يكون لها جميع إختصاصات البطريرك وإبلاغ الحكومة وذلك اتخاذ اللازم وإبلاغ هذا القرار فورًا للأنبا يوساب الثانىوقد أبلغ فعلًا حكم المجمع إليه عقب الاجتماع كما أبلغ إلى المجلس الملى العام والذى قام بدوره وإجتمع المجلس الملى العام وأصدر قرارًا بتأييد حكم المجمع المقدس بإعفاء الأنبا يوساب من جميع شئون الكرازة المرقسية. (انتهي البيان)بعدها تحرك البابا يوساب الثاني إلى دير المحرق في أكتوبر ١٩٥٥ ولم يرجع مرة اخري لإدارة شئون الكنيسة وحتي قبيل نياحته لم يعد سوي شرفيا واقام بجناح في المستشفي القبطي حتى انتقاله.وفي حوار خاص اجريتة مع المحامي إبراهيم هلال زعيم تنظيم الامة القبطية التي اختطفت البابا يوساب قال:"كانت أهداف الجماعة تدور حول ضرورة تطبيق حكم الإنجيل على والتمسّك بالكتاب المقدّس، وتطبيق جميع أحكامه، مع نشر اللغة القبطية وإحلالها محلّ اللغات الأخرى بين الأقباط، والدفاع عن عادات وتقاليد الأمة القبطية، واعتماد التقويم القبطي، وإنشاء مقر للجماعة".. ويضيف:"نجحنا في إشهار الجماعة كجمعية أهلية، وشرعنا في مخاطبة رئيس الجمهورية آنذاك، اللواء محمد نجيب، بشأن ضرورة إعلان إجراءات دستورية تنصف الأقباط، وكان الرجل متجاوب معنا مما ساهم في غضّ الدولة بصرها عنّنا باعتبارنا شأنًا قبطيًّا خاصًا"ويؤكد على تلك العلاقة الخاصة بين نجيب ويوساب الكاتب محمد فوزي قائلا:"لقد شغلني البابا يوساب لسنوات طويلة بحثا عن الحقيقة، ولعلي الآن قد اكون قد امسكت بشعاع من سرابها !فقد كان الانبا يوساب الثاني مظلوما حيا وميتا فقد تلاعبت البطانة الكنسية بمقدرات الكنيسة في عهدة وقد صادفة سوء حظ يتزامن عهدة مع اخطر فترات ثورة يوليو.. حيث تصارع كل من عبد الناصر ومحمد نجيب على السلطة ولم يكن يوساب يميل إلى عبد الناصر بقدر ما كان يؤيد محمد نجيب.. فكانت الطامة الكبرى.. واستطاعت المعارضة ان تنشب اظافرها باقصائة عن كرسي البابوية، وهي المعارضة الموجودة دائما في تاريخ الكنيسة القبطية وان كانت ملامحها أكثر عنفا في عهدة لكنها لم تؤثر على الكنيسة المصرية الشامخة.. فرغم كل الخلافات وكل الصراعات فأن هناك حقيقة واحدة ناصعة لاخلاف عليها وهي انه لا احد يستطيع ان يهدم حجرا واحدا من الكنيسة المصرية اقدم كنيسة في العالم وصاحبة اقدم مدرسة لاهوتية في التاريخ.."معضلات الكنيسة في صنع القرار:لذلك من المهم ان نطلع على ماكتبة الدكتور القس اكرام لمعي أستاذ مقارنة الاديان في مقال سابق له:" من أهم المعضلات التى تحدث في الكنيسة هى عملية صنع القرار في فترات خلو الكرسى البابوى عقب وفاة البابا وكانت هذه المدة يمكن أن تمتد لسنوات عدة حتى يتم اختيار البابا الجديد وبحسب العرف يقوم مقام البابا أقدم الأساقفة لحين انتخاب البابا الجديد وهو ما حدث بعد وفاة البابا شنودة الثالث حيث قام الأنبا باخوميوس أسقف البحيرة مقام البابا حتى تم اختيار قداسة البابا تاوضروسحدث هذا تاريخيا ثلاث مرات الأولى عندما ترك البابا رقم 100 متاوس الثالث (1631 – 1646م) مقره البابوى وسافر إلى مسقط رأسه وبقى هناك لمدة عام، ورحل البابا 103 يؤانس 16 (1676 – 1718م) إلى دير واستمر به فتره طويلة حتى ذهب إليه كبار الشخصيات المسيحية المصرية وطلبوا منه الحضور معهم إلى القاهرة. والسؤال الذى يلح علينا في مثل هذه الحالات هو ماذا كان موقف الدولة أثناء هذه الأحداث؟حدث ايضا من خلاف بين الرئيس السادات والبابا شنودة في نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات عندما قام السادات بعزل البابا شنودة بسحب مصادقته على اختياره بابا، وقد استقبل الرئيس السادات حينذاك الأب متى المسكين وعرض عليه القيام بأعمال البابا لكنه رفض لأن تقليد الكنيسة يمنع ذلك، وقام الرئيس بتكوين لجنة من خمسة أساقفة للقيام بعمل البابا أثناء غيابه لكن الواقع يقول إن هؤلاء الخمسة لم يكن لهم وجود أو نشاط حقيقى في هذا الشأن وربما الذين أشاروا للسادات بهذا التصرف من الأرثوذكس المصريين كانوا قد قرءوا في التاريخ أنه حدث في أيام البابا 98 مرقص الخامس (1603 ــ 1619م) أن الباشا عزله وقام بتنصيب بابا مكانه وأمر بذلك ونفذت الكنيسة أمره، لكن لم يذكر التاريخ طبيعة القرارات التى اتخذها كل منهما وهل وقعت صدامات أو شىء من مثل ذلك ولقد حاول الدارسون أن يجدوا أى أثر تاريخى لذلك لكنهم فشلوا. وحل هذه المعضلة يتضح بجلاء بما حدث في أثناء حكم السادات فقد كان البابا الذى سحبت الدولة اعترافها به (البابا شنودة) يدير شئون الكنيسة من الدير وكل الكنائس بدون استثناء يُصلون باسمه ويتشفعون به كرئيس للكنيسة ولا تستطيع اللجنة الخماسية أن تتخذ أى قرارات بل إن اللجنة لم تحاول ذلك من الأصل وكانت القرارات تصدر من البابا شنودة مباشرة للتنفيذ وسار الأمر كذلك رغم توسط كثيرين له،وذلك في عصر مبارك بعد مصرع السادات وكانت شروط مبارك لعودة البابا شنودة لكرسيه أن يوقع البابا على وثيقة عدم معارضة سياسة مبارك وعدم التدخل في السياسة بشكل عام. وأعتقد أن هذه القصة تفسر ما لم يستطع المؤرخون فهمه في أن البابا يدير شئون كنيسته من أى مكان كان سواء أكان في مسقط رأسه (متاؤس 100) أم من ديره (يؤانس السادس عشر 103) حتى عندما تعين الدولة بابا آخر محله وهذا يوضح فشل مشيرى السادات من الأقباط المقربين له لعل الحكام يعتبرون."ونحن هنا لن نتحدث عن لماذا حدث ذلك وكيف؟ لكننا نريد أن نؤكد أن مؤسسة عريقة عمرها أكثر من ألفى عام.
مشاركة :